لقاح الكوفيد 19 بين الشك واليقين

لقاح الكوفيد 19 بين الشك واليقين

تمكنت بريطانيا من تطعيم أكثر من 15 مليون شخصا حتى الان. وهذه
واحدة من الإنجازات المهمة في مواجهة جائحة كورونا، لكن هناك قلق
حقيقي ان حوالي % 57 من الاقليات العرقية من السكان في بريطانيا لا
يريدون اخذ اللقاح. واغلبية هذه الفئة هي من الاقليات السود والاسيويين
)من باكستان وبنغلاديش والعرب(. هناك خوف لدى هذه الجاليات من
اللقاح، هل هو خوف مبرر؟
في عام 1990 قام الفريق البحثي لشركة فايزر في نيجيريا بإعطاء مئة
من الاطفال المصابين بالتهاب السحايا الدماغية دواء ال «تروفان » التجريبي
)اوقف استخدامه لاحقا في الولايات المتحدة الاميركية لأنه يسبب تلف
الكبد(. تجربة اعطاء هذا الدواء للأطفال تمت دون موافقة الحكومة
النيجيرية ودون موافقة اهالي الضحايا واقول ضحايا لان 11 طفا توفي
في هذه التجربة الدوائية.
هناك احساس بالغبن عند الاقليات يعود الى تاريخ المستعمرات حيث
عومل السكان الاصليين على انهم فئران تجارب في الكثير من مراحل
انتاج العقاقير واللقاحات.
اذن هناك عدم ثقة تاريخي له جذور قوية. المعضلة ان هذه الاقليات
هي الاكثر عرضة للإصابات الشديدة بالكوفيد 19 وحتى نسبة الوفاة أكبر
لديهم وهذا موثق في الادلة العلمية التي صدرت من دراسات مهمة في
بريطانيا عن تأثير الكوفيد 19 على الاقليات العرقية. هذا يعني انهم أكثر
شريحة ستستفيد من اللقاحات.
هناك جدران عازلة يجب اختراقها للوصول الى هذه المجموعة المبتلية
بالفوارق الطبقية وانحياز الفايروس ضدهم، هناك عدم تصديق بوجود
الفايروس، فكيف يصدقون اهمية اللقاح، اسئلة تعجز امامها الاجابات
وتنحني متخاذلة.
لو اننا نبدأ من الممكن، والممكن هنا ان نعتذر لهذه الاقليات عن حيف
سابق، لا ان نستمر في مسلسل التجاهل المتعمد والتعامل معهم على
انهم مواطنين من الدرجة الهامشية.
مثلما فعل جان بول ميرا رئيس وحدة الانعاش في مستشفى باريسي
حين دعا في ابريل الماضي الى اجراء التجارب السريرية للقاح الكوفيد
19 في افريقيا حيث الناس هناك ترفض ان تحمي نفسها من انتشار
الفايروس وزاد من اثر سكين حكايته في جسد الثقة الهش بالمقارنة مع
التجارب التي اجريت حول مرض الايدز قائا بالحرف الواحد )جربنا عقاقير
معينة على العواهر لأننا نعرف انهن يتعرض للإصابة بالإيدز وهو مرض
ينتقل عن طريق ممارسة الجنس بدون وقاية(.
وعلى طريق الممكن ايضا علينا ان ننصت لشكوك الناس حول اللقاحات
ومغزاها، ان ننصت اولا باحترام لصوت الاخر الخائف والمتردد هو الطريق
الوحيد لنعرف ماهية هذا الصوت وترددات امواجه المختلفة، ربما بعد
ذلك يتخلص هذا الصوت من ضجيج الشك.
الكوفيد 19 لا يريد ان يرحل بسهولة، يريد نزالا حقيقيا وصعبا، وحتى
نهزمه يجب ان نعطي اللقاح للجميع، لان الفايروس لو وجد في بقعة ما
مهما صغرت يعني وجوده في كل مكان.

(Visited 3 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *