علاء الخطيب
حينما أعلنت المنامة عن رغبتها بعودة العلاقات مع طهران ظهر إلى الواجهة موضوعا ً مهماً ، ربما يكونذات اهمية كبيرة لاستكمال الصورة ، وهو المصالحة الوطنية وملفاتها المهمة كـ ملف “التجنيس ” و“الدوائر الإنتخابية” و “التمييز” وملف إطلاق سراح الزعماء السياسيين كالشيخ علي سلمان وعودةالشيخ عيسي قاسم من منفاه وإعادة جنسيته البحرينية.
فهل يكتمل شكل العلاقة بين المنامة وطهران. دون معالجة هذه الملفات الصعبة ؟
الجواب عن هذا السؤال .. بـ ( لا ) لماذا لا تكتمل عملية عودة العلاقات إلا بمعالجة هذه الملفات وماعلاقة الوضع الداخلي البحريني بالعلاقة بين البلدين ؟
هل هو اتهام للمعارضة بارتباطاتها بايران ام ان هناك شيء آخر ؟
وما هي خطورة ملف التجنيس ؟
وفي سياق آخر ماذا يمثل أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان والشيخ عيسى قاسم بالنسبة للبحرينيين.
ولمعرفة الترابط بين هذه الملفات وبين اعادة العلاقة بين ايران والبحرين لابد لنا من تفكيك المشهدللوقوف على الأسباب الحقيقية وراء هذا الترابط.
بالتأكيد لابد من القول ان سلطات البحرين ما فتئت ان تتهم ايران بالتدخل في شؤونها الداخلية وأنهاتتواصل مع المعارضة لزعزعة امن البحرين ، وهو اتهام نفته ايران مراراً ، ورفضته المعارضة جملةوتفصيلاً، وجراء ذلك، ذاق المعارضون في البحرين احكام تعسفية بسبب هذا الاتهام ، ورغم تبرئتهم منهذا الاتهام من قبل “لجنة بسيوني” لتقصي الحقائق التي أمر بتشكيلها العاهل البحريني الملك حمد بنعيسى آل خليفة بالتحقيق في احداث فبراير 2011 والتي تشكلت في يونيو 2011 ، فقد قالت اللجنةكلمتها بان لا علاقة للمعارضة بايران وليس هناك اي دليل على ذلك ، ومع كل هذا كانت الحكومةالبحرينية تتهم المعارضين بالعمالة لايران ، كونهم ينتمون للمذهب الشيعي الذي يتبعه الإيرانيون .
لذا ترى ايران ان عليها واجب اخلاقي، او ربما الشعور بعقدة الذنب تجاه ما حصل للمعارضين ، وعليها ان توضح للحكومة البحرينية ان لابد من إنصاف الآخرين الذين تضرروا بسبب العلاقة السيئة بينهما ،وعليها ان ترفع عنهم هذا الحيف، في اجواء العلاقات الجيدة بينها وبين البحرين .
بالإضافة لذلك، من المهم جدًا لإيران إعادة المعارضة في البحرين إلى المسرح السياسي من خلالالتمثيل المناسب في بالبرلمان . ومن دون اعتماد هذه الخطوات قبل إصلاح العلاقات الرسمية، لا يمكنللعلاقات ان تسير على قاعدة صلبة بين البلدين ، وسرعان ما تعود القهقري، لو حدثت ازمة بينالمعارضة والحكومة .
اما ما يخص الملفات الأخرى والذي يأتي بمقدمتها ملف التجنيس وهو الملف الاهم ما بين الملفاتومن بعده ملف إطلاق سراح الشيخ علي سلمان ورفاقه وإسقاط الأحكام السياسية التي صدرت بحققياديي الوفاق .
وعلينا ان نتسائل : هل التجنيس في البحرين يعتبر ازمة؟
وهل اعادة الجنسية للمعارضين التي أسقطت عنهم، نقطة قابلة للنقاش والحل، وتساهم بشكل اوبآخر في دعم خطوات المصالحة في البلد ؟
وهل إطلاق سراح الزعماء دون شروط سيخفف من حدة الخلاف ويساهم في استقرار البلاد ؟
يبدو ان الحكومة البحرينية وضعت في حساباتها هذه الملفات وأولها ملف التجنيس الذي يعتبر منالملفات الحساسة والذي شكل ازمة كبيرة بين المعارضة والحكومة، كونه يغير التركيبة السكانيةوالديمغرافية للبلد ، وأغلب الحاصلين على الجنسية هم من الطائفة السُنية الكريمة، وهذا ما تعتبرهالمعارضة يأتي على حساب الأغلبية التاريخية الشيعية في البلاد. وكخطوة حسن نية من قبل الحكومةالبحرينية وهي تحسب لها ، وجهت وزارة الداخلية البحرينية عبر لجنة وزارية بمراجعة حالات التجنيسمنذ العام 2010، فهناك الكثير من الحالات الغير قانونية والتي حصل بموجبها أجانب على الجنسيةالبحرينية، والبعض الاخر تلاعب في حالات لم الشمل او الادعاء الكاذب بصلة القرابة او تقديم مستنداتمزورة وغيرها .
ناهيك عن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية .
تقول المعارضة : لا اعتراض على التجنيس في البحرين وفق قانون يقره مجلس نيابي منتخب بشكل عام،فقد حدث قبل ذلك وجنست الحكومة عدد من المصريين وهو من فئة المعلمين والأساتذة الذينساهموا في رقي المجتمع البحريني، ولا اعترض على تجنيس الكفاءات من رياضيين ومبدعين ، وهو مامعمول به في كثير من دول العالم، لكن ان تجنس شرطة ورجال امن وعمالة غير كفؤة من أجانب وعربفهذا ما تعترض عليه المعارضة.
في السياق ذاته طالبت جمعيات سياسية فاعلة بمعالجة حقيقة لملف التجنيس مستندة إلى رؤيةوطنية تصب في مصلحة البحرين بعيداً عن حسابات التغالب .
كما قال مراقبون : ان خطوة وزارة الداخلية البحرينية لم تأتي من فراغ ، بل ربما جاءت بناءً على شروطوضعتها ايران لانهاء المصالحة الوطنية .
او انها مؤشر لحسن النية من جانب الحكومة التي تريد كسب ود المعارضة .
لكن المعارضة تطالب بان يكون ولي العهد البحريني هو المسؤول عن الملف وليس وزارة الداخلية،باعتبار ان وزارة الداخلية طرف في تطبيق قرار التجنيس .
وفي جانب آخر فإن هناك حالات تعسفية حصلت لمواطنين بحرينيين باسقاط الجنسية عنهم ، وهذا ماتطالب المعارضة والجمعيات الحقوقية بإنصاف هذه الشريحة باستعادة جنسياتهم ، وهي خطوةستساهم في ترسيخ اللحمة الوطنية ، وتكرس المساواة بين المواطنين ، فليس هناك مواطن درجة أولىواخر درجة ثانية.
ومن المعروف ان اغلب الذين أسقطت جنسياتهم هم من الشيعة ،وربما أسقطت لأسباب طائفية ، كماتقول المعارضة.
الملف الاخر على طاولة المصالحة الوطنية هو الإفراج عن قادة المعارضة وعلى رأسهم زعيم جمعيةالوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، المعتقل منذ تسعة سنوات (ديسمبر 2014).
ويعتبر سلمان الشخصية الأكثر تأثيراً في الساحة السياسية البحرينية وله اتباع كثر ، كما انه شخصية عربية معتدلة ذات طروحات وطنية، بالإضافة إلى كونه مؤسس وأمين عام جمعية الوفاق الجمعية التيحصلت على 18 مقعد في البرلمان البحريني قبل حلها من قبل الملك ، أي ما نسبته 48% من عددالمقاعد و 68% من مجموع اصوات الناخبين ، وتعتبر الكتلة الأكبر في البرلمان ومسألة الإفراج عنهسيفتح الباب امام حوار وطني عقلاني وشامل يؤسس لقاعدة وطنية رصينة.
فزعيم الوفاق يحظى باحترام كبير في الشارع البحريني بالإضافة إلى احترام وثقة المرجعية الدينيةالبحرية المتمثلة بآية الله الشيخ عيسى قاسم الذي يعيش في منفاه بمدينة قم، وهو عضو المجلسالتأسيسي (1972) وأحد كتاب الدستور البحريني عام 1973 .
يعتقد الكثيرون ان عودة الشيخ عيسى قاسم إلى البحرين ستوفر اجواء من الامن والاستقرار، كونه يمثلالأبوة الروحية لشيعة البحرين ، وانه محل احترام وتقدير المرجعيات الشيعية في العراق وعلى رأسهامرجعية السيد السيستاني .
ولابد من الإشارة إلى ان إطلاق سراح عدد من المعارضين قبل عدة شهر كان بمثابة غزل حكوميللمعارضة، وكخطوة استباقية لتهيئة الشارع لإعلان تصفية الأجواء وبدأ مرحلة جديدة من المصالحةالوطنية .
وقد تتوج هذه المصالحة في الأشهر القادمة قبيل الإعلان عن عودة العلاقات بين إيران والبحرين بقرارملكي بالإفراج عن الشيخ علي سلمان وعودة الزعيم الروحي للبحرين اية الله قاسم .
وما سيجعل البحرين اكثر استقراراً وأمناً.
ان عملية ربط المصالحة الوطنية في الداخل وعودة العلاقات ، بين ايران والبحرين. يعكس نظره واقعية لحكومة البحرين ، فقد رجح تقرير نشره موقع ستراتفور إلى سعي البحرين إلى التطبيع مع إيران لتهدئة التوترات الإقليمية باتباع الخطوات التي قامت بها دول عربية أخرى . يذكر ان البحرين تحتفظ بعلاقات عسكرية وثيقة مع الولايات المتحدة وبرزت مؤخرا في مشاركتها في عملية “حارس الازدهار” التي قادتها الولايات المتحدة ضد الحوثيين” أنصار الله” في اليمن، وهم حلفاء إيران. كما تستضيف البحرين القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس الأميركي، بالإضافة إلى القوات البريطانية والتي ربما تجعلها عرضة للتهديد.