محنه الجاليه العربيه و الاسلاميه في الغرب

محنه الجاليه العربيه و الاسلاميه في الغرب

 

الدكتور محمد لازم السوداني

رئيس الجمعيه الطبيه العراقية في المملكه المتحده و اوربا

في الوقت الذي نشاهد ازدياد في الهجره من دول العالم الثالث الى الغرب نجد ما يوازيه في الغرب من زياده في التطرف العنصري و الديني خاصه ضد المهاجرين العرب و المسلمين. لا اريد ان اتطرق الى الاسباب التي تدعو الى هذه الهجره لانها معروفه لدى الكثير من الناس و اقتصر في هذه المقاله على معانات هذه الجاليه الكبيره في الغرب و اخفاقها في الاندماج و التفاعل مع المجتمع الغربي و التاثير فيه. هنالك اعتقاد خاطئ على ان الحياه في الغرب هي افضل بكثير من الحياه في البلد الام و لكن ليعلم القارئ ان هنالك مشاكل كثيره يواجهها المهاجرون اضافه الى التمييز العنصري و الديني. حياه التغرب و البعد عن الاحبه خاصه في وقت الحاجه لهم ليس بالهين على الكثير من الناس. و هنالك مشاكل اخرى قد يواجهها الفرد المغترب منها اجتماعيه و اقتصاديه و أمنيه و صعوبه التعامل مع الدوائر الحكوميه و غيرها. مجمل هذه العوامل تشكل عائق كبير على اندماج و تعامل الجاليه العربيه و الاسلاميه مع المجتمعات الغربيه بشكل صحيح لحمايه مصالح افرادها و تجنب الوقوع في بعض الاخطاء الكبيره و التي من الممكن تفاديها.
في الجانب الاخر هنالك جاليات اخرى كبيره سبقت العرب و المسلمين في الهجره الى الغرب مثل الجاليه اليهوديه و الهنديه و هي قد نجحت في الاندماج الاجتماعي و اصبح لها وجود علمي و اقتصادي و سياسي بارز في بعض البلدان. لو نظرنا الى الامر من هذا المعيار نجد ان الجاليه العربيه و الاسلاميه قد اخفقت في هذا المجال و اصبحت و كأنها كتله غريبه غير متجانسه مع المجتمع المضيف لها مما اثر سلبا على عطائها فيه. هنالك اسباب كثيره ادت الى هذا الانعزال و الاخفاق و اهمها ما يلي: ١- التقوقع و الانعزال عن المجتمع: معظم افراد الجاليه العربيه و الاسلاميه يتخذون منهج الانعزال الاجتماعي و عدم الانفتاح و التفاعل مع المجتمع المضيف لهم. لا نستثني منهم حتى بعض المهنيين و خريجي الجامعات و المثقفين فالكثير منهم لا زالو يمارسون نمط حياه مماثل و مستمر لما كانو عليه في مجتمعهم الام. كثيرا ما نجد ان التواصل الاجتماعي ينحصر على اقرانهم العرب و مشاهده القنوات العربيه. قد تكون هنالك بعض المنافع في هذا مثل التواصل الاجتماعي في مساعده بعظهم لبعض في وقت الشده و الحاجه. و لكن الانعزال و عدم الاختلاط هو عائق في معرفه المجتمع المضيف و عدم الاختلاط مع الناس و الاطلاع على الفرص المتاحه و الاستفاده منها له تأثير سابي كبير. كذلك ان هذا الانعزال يجعل الغريب يشعر بوحدته و غربته حتى بعد العيش مغتربا لسنوات طوال. الانعزال و اختصار التواصل الاجتماعي على اقرانهم من العرب لا يساعد على تعلم و اتقان لغه البلد المضيف و تجد معظمهم لا يجيدون التحدث مع الناس بشكل سليم و مفهوم.
٢- القصور في تعلم لغه المجتمع الضيف و معرفه عاداته و تقاليده: تعتبر اللغه ادات تواصل و من المعروف ان عدم اجاده لغه المجتمع يشكل عائق كبير في كل شيء خاصه في التعبير عن الاراء و الاندماج بشكل طبيعي مع افراد المجتمع. عدم القدره على فهم اللغه و استعمالها في الحياه اليوميه يجعل مثل هؤلاء الافراد يشعرون بالنقص و عدم فهم المجتمع و هذا يدفعهم على التقوقع مع اقرانهم اكثر من الانفتاح على الاخرين. عائق اللغه يؤدي الى الى صعوبه الاختلاط و صعوبه في فهم عادات وتقاليد المجتمع يؤدي الى الوقوع في اخطاء اجتماعيه من الممكن تفاديها. كذلك ان عدم القدره في التعبير عن الرأي بشكل واضح هو عائق كبير في التواصل مع افراد المجتمع و لا يسمح للعربي ان يمارس العمل في المنظمات الاجتماعيه و الاحزاب السياسيه لتلك البلاد.
٣- الانتماء الى الاحزاب السياسيه : الانتماء الى الاحزاب السياسيه في البدان المضيفه هو الطريق الوحيد في اثبات الوجود الكمي و التأثير في صناعه القرار السياسي. يعتبر هذا نقص كبير واساسي في ضعف الجاليه العربيه و الاسلاميه رغم حجمها الكبير في ابراز قدراتها الثقافيه و الفنيه في المحافل الاجتماعيه و الاعلاميه. هذا الاخفاق له اثر كبير في عدم قده هذه الجاليه في اعتبارات القرار السياسي في البلدان الاوربيه كما هو الحال مع الجاليه اليهوديه و الهنديه. ٤- الدين. الدول الاوربيه تجيز الدين و حريه الممارسات الدينيه ضمن قوانين الدوله. لا مانع من الالتزام الديني ولكن يجب فهم الديانات الاخرى في المجتمع و احترام عقائد و طقوس الاخرين. من المؤسف
حقا ان تجد الكثير من المسلمين الذين عاشو في اروبا ثلاثين او اربعين سنه و عقولهم لا تزال مغلقه الى حد التعصب ليس في الدين الاسلامي و لكن تجاوزوه الى التعصب الطائفي ضمن الدين. عدم فهم و تقبل الديانات الاخرى يجعل من المسلمين و كانهم ضد الديانات الاخرى و عرضه للانتقاد و توجيه التهم من قبل المغرضين. هنا تبرز اهميه الثقافه و المعرفه في فهم الاخرين و معتقداتهم الدينيه و احترامها. خلال التحضير لاعياد الميلاد طلب مني قس المستشفى ان قوم بقراءه قصه ولاده المسيح للمنتسبين لكوني الجراح الاقدم و رئيس الاطباء. اعتبرت هذا تكريم كبير و لكي اثبت ان المسلمين يشاطرون المسيحيين في هذه المناسبه التي هي من ضمن العرف الاسلامي . بعد ان القيت الكلمه اتجه نحوي احد الاطباء المسلمين و سأل مستغربا كيف اقوم بهذا العمل و انا مسلم!. فكان جوابي بسيط و هو انهم سمحو لنا ان نتخذ من كنيسه المستشفى كجامع لاداء للصلاه فيها كل يوم، فماذا تقول في مشاركتهم في مناسبه يعترف بها ديننا؟، فلم يكن لديه جواب. من الواضح ان سبب استغرابه هو من قله الثقافه و المعرفه و وعدم الانفتاح و معرفه
الاديان الاخرى. الجاليه اليهوديه و معظمهم من اوربا الشرقيه، و اكثرهم قد نزحو من اوربا الشرقيه الى بريطانيا خلال النصف الثاني من القرن العشرين، و لكنهم تجاوزوا خلال هذه الفتره القصيره جميع المعوقات، و نجدهم منضمين الى المنظمات الاجتماعيه و النقابات و الاحزاب السياسه، و لديهم اعضاء كثيرين من الجيل الثاني، في البرلمان، و وزراء كثيرين، و قسم منهم وصلو الى موقع رئيس الوزراء و اخرون ينتظرون دورهم.
كذلك نجد، ان الجاليه الهنديه لها نجاح كبير، لا يقل عن الجاليه اليهوديه، في كافه المجالات، و رئيس الوزراء البريطاني الحالي دليل على ذلك. و لكن نجدان جل اهتمام الكثير من افراد الجاليه العربيه، هو الحصول على المكاسب الاقتصاديه، و عدم الاهتمام او محاوله، تعلم اللغه، و الانفتاح على المجتمع المضيف، و العمل في المؤسسات الاجتماعيه، او الخيريه و الانضمام الى الاحزاب السياسيه و آلتي تضمن لهم الوجود و التأثير.
نعم هنالك صعوبات كثيره و تطرف عنصري مضاد و لكن يبقى المطلوب من الجاليه العربيه و الاسلاميه الانفتاح على المجتمع المضيف لهم و محاوله اتقان لغتهم و فهم عاداتهم و تقاليدهم و هي في الحقيقه لا تختلف في جوهرها عن بقيه المجتمعات. الانسان الاوربي لا يختلف و عنده نفس التطلعات العامه في ايجاد الحياه الافضل من خلال التعليم الناجح و العمل المثمر و تكوين عائله و تربيه الاطفال و ربما يمارس دين معين.
هنالك أمل من ان الجيل الثاني، للجالية العربيه الاسلاميه، و من خلال الانخراط في المدارس، و الجامعات، قد يندمج بشكل واقعي، مع المجتمع المضيف، فيتكلم لغتهم بطلاقه، و يفهم عاداتهم و تقاليدهم، و ربما يكون دارك للامور، و منفتح بشكل افضل من الجيل الاول، لان ارتباطه بهذا المجتمع اساسي، و ليس ثانوي كما هو الحال مع جيلنا المهاجر. نحن نرى بوادر طيبه في هذا المجال، و يسعدني ان ارى اولادنا وهم مثقفين، و مهنيين، و يفهمون عقليه الغرب، و التعامل معهم ضمن المفهوم الغربي، و بلغه الغرب و
اسلوب الغرب، و نتمنى ان ينجحو في هذا المجال بشكل افضل من جيل المهاجرين الاول. ٥- دور السفارات و القنصليات العربيه: لابد و ان يكون للسفارات و هي مرجع المهاجر الاول في مساعده و توجيه و رعايه من يحتاج منهم في بلد المهجر. هنالك جاليه كبيره من بعض الدول العربيه و الاسلاميه في اوربا و امريكا و لابد ان يكون في سفارات هذه الدول مختصين و لديهم معلومات جاهزه لمساعده و توجيه المحتاجين منهم. و لكن من المؤسف ان نجد فجوه كبيره بين المهاجرين العرب و سفارتهم في دول المهجر. ٦- دور الاتحادات المهنيه و الثقافيه العربيه و الجمعيات الخيريه في هذا المجال: معظم اعضاء هذه المنظمات هم من حمله الشهادات الجامعيه العليا و يعملون في مراكز في كبيره مثل المستشفيات و الجامعات و الدوائر الاخرى. يمتلك هؤلاء خبرات و فهم كبير عن المجتمعات التي يعيشون فيها و القوانيين السائده و لديهم الكثير من النصائح و الارشادات التي يمكن تقديمها الى من يحتاج من المهاجرين لتقليل معاناتهم و تفادي الوقوع في الاخطاء خاصه في الايام و الاشهر الاولى بعد وصولهم.

(Visited 180 times, 1 visits today)

One Comment

  1. مرحبا .. الكل ينطلق بما يحمل فالغاية تبرر الوسيله والوهم ربما يتحول إلى حقيقه .. أنا ادرك التوغل العربي في اوربا يجد طريقه لكن بالصبر وعدم الدوران إلى الحلقات الضيقه والالتفات إلى ماضي ولى والانطلاق بمسايرة الركب حتى نجد طريقاً .. سواءاً بالانتماء الى الأحزاب او الجمعيات او إثبات القدرات او حتى الزواج …… إلى آخره. من الطرق المؤدية الى التغيير.. تغيراً ينطلق من الذات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *