المجاورة  / علاء الخطيب

المجاورة / علاء الخطيب

علاء الخطيب

وصلنا أنا وصديقي الإعلامي الكبير الدكتور عبد الحميد الصائح إلى مطار أسطنبول الجديد  قادمين من بغداد، ونحن نتجول في اروقة المطار ، دار بيننا حديثاً عن فكرة ” المجاورة ” التي عمل  عليها الزعيم التركي ” رجب طيب اوردغان ” .

وهو الإسلامي والمنتمي إلى فلسفة ثيوقراطية ، تناهض فكرة العلمانية التي جاء بها مؤسس دولة تركيا  الحديثة ” مصطفى كمال اتاتورك” ، لكن اوردغان بذكائه لم يمس بأتاتورك ولم يذكره بسوء ، ولم يتعرض. إلى العلمانية بالنقد ، لكنه  استطاع بناء ذاكرة وطنية جديدة ، ذاكرة تعتمد على الإنجاز الذي أزال الذاكرة القديمة ، فهو لم يهدم مطار اتاتورك بل قام ببناء مطار جديد مبهر ، راح الشباب الأتراك يفتخرون به ، وقام بمشاريع كبيرة في البناء والإعمار والاقتصاد والسياحة  ، ذهب إلى الساحل التركي المطل على البحر الأبيض المتوسط والذي كان مهملاً ، فأقام المنتجعات الضخمة ، وجلب اعداد كبيرة من المستثمرين ، وطور الصناعة والزراعة ، كل هذا ولم يتفوه بكلمة ضد العلمانية التي تعارض نهجه الفكري .

فكرة المجاورة هو خلق البديل وتأسيس لذاكرة جديدة ، هذه الفكرة التي نفتقدها في العراق تماماً ، لازال السياسيون العراقيون  عاجزون عن  تأسيس ذاكرة وطنية جديدة ، ذاكرة قادرة على نسيان الماضي وطي صفحته.

ففي الاونة الأخيرة كثرت مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تمجد بصدام حسين ونظامه ، ولعل ما حدث في حفل التخرج مع الطالبة التي وضعت صورة لصدام على قبعة التخرج تعكس لنا صورة  عن العجز في تأسيس ذاكرة وطنية جديدة. فهذه الطالبة حتماً لم ترى ولم تعتصر نظام صدام حسين ، ولكنها سمعت وتأثرت بالإعلام ، بالإضافة إلى  عدم وجود منجز حقيقي ومشاريع  إستراتيجية كبرى ، قادرة على مسح الذاكرة السابقة .

ربما واقولها بكل صراحة أليوم بدأ العراق  يتأسس ذاكرة وطنية جديدة ، فهناك حديث جديد يدور في الشارع ، وهو حديث المنجزات الجديدة .   

فكرة المجاورة تقول: “  لا تحاربوا الماضي ولا تنتقدوه، بل اصنعوا وأوجدوا البديل الاقوى ” فالحياة للأقوى و الأجدر ، خذوا من تجارب الامم وتعلموا منها ومن التاريخ  فالله سبحانه وتعالى يقول «   أفلم يسيروا فيالأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم »

(Visited 87 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *