كتب المحرر السياسي للمستقل
عودة الصدر للساحة السياسية هو السؤال الذي يشغل الشارع العراقي هذه الايام، فقد كثرت التكهناتفي ذلك ، فهناك تسريبات تقول: ان هناك مشروع تحالف بين الصدر والسوداني ، خصوصاً بعد الخلافالذي طفى إلى السطح بين المالكي والسوداني ، حينما وجه السيد المالكي رسالة واضحة للسوداني عبر قناة العراقية بقوله: ” على من يريد الاشتراك في الانتخابات وهو في السلطة التنفيذية عليه ان يتخلى عن منصبه ويخوض الانتخابات ، لئلا يستغل المنصب لصالحه ” هذ ا القول رجح ما ذهب اليه البعض من تحالف بين الصدر والسوداني ، لكن التحالف المزعوم بين الصدر والسوداني، لن يتحقق لعدة اسباب ،منها ما هو ذاتي يخص رئيس الوزراء وطبيعة تحالفاته الانية ، ومنها ما هو موضوعي يخص طبيعة تجربة التحالف بين التيار الصدري وبين تيارات وأحزاب اخرى ، كتحالف الحزب الشيوعي العراقي والتيار فيانتخابات 2018, وكانت التجربة غير موفقة، بل لم تشكل اي خطوة يمكن ان تراكم العمل السياسي في مجال التحالفات ، فالمعروف عن ” الصدريين ” انهم لا يمنحون اصواتهم إلا لمرشحيهم ، وهذه توجيهات من لدن المكتب السياسي ، وان إستراتيجيتهم الانتخابية تقوم على انتخاب اعضاء التيار فقط، وان كان هناك مرشح آخر من المتحالفين معهم بنفس الدائرة، فلن يمنحوه اصواتهم .
والأمر الآخر ينصب حول قوة التيار وهيمنته في الساحة السياسية ، والتي لن تفسح المجال للسوداني ان يتحرك بحرية كما هو عليه الان ، وربما سيكون رقماً ثانوياً او ثالثياً. في التحالف. المفترض .
وسايكلوجية السيد السوداني لا تشير بانه يقبل ان يكون ثانوياً ، فالرجل صاحب مشروع ، ويحضى بمقبولية في الشارع ويمتلك كاريزما كبيرة ، تتضخم يوماً بعد يوم .
فما الذي يدفعه إلى التحالف مع طرف لا يستطيع الاستمرار معه او بالتعبير السياسي «يبتلعه » .
وبالعودة للسؤال حول عودة السيد الصدر للعملية السياسية، يمكن القول انها مرهونة بالمعادلةالداخلية ، وأعني بالمعادلة الداخلية العلاقة بين اطراف الاطار والتي تبدو انها متضعضعة نوعما ، خصوصا بعد تعبير السيد عمار الحكيم حول الاطار بانها ” لمة حبايب” مما فسره البعض بان هناك ازمة داخلية بين ” الحبايب ” .
وربما تكون عودة الصدر مرجحة لعدة اسباب ، فهناك مجموعة من المحيطين بالسيد الصدريضغطون باتجاه العودة، بل ويلحّون عليه وعذرهم في ذلك ان. لا يستفرد الإطاريون بالقرار السياسي، وان لا يكون لا يتوسع نفوذ «العصائب» التي يقول المراقبون انها تسيطر على اهم مفاصل الدولة. لكنالمقربون من الصدر يعلمون ،ان قرار العودة بيد السيد الصدر حصراً ولا يمكن ان يناقش به ، وهو راجع إلى قناعته الشخصية ، والمتغيرات السياسية في البلد .
فهناك معلومة اخرى ربما تكون سبباً غير مباشر للعودة تقول: ان الكرد تواصلوا مؤخراً مع السيد مقتدى وتم التباحث حول آخر المستجدات ، خصوصاً بعد قرارات المحكمة الاتحادية وتوطين رواتب موظفي الاقليم ، وتصريحات السيد البارزاني بشأن القرارات و التي اعتبرها ضد الاقليم ، وكان لابد من ايجاد حليف شيعي آخر وهو التيار الصدري .
وباعتقادي ان عودة الصدر ممكنة وممكنة جداً ، لان الصدر عودنا ان لا تكون قراراته أبدية ، وان اغلقكل التشكيلات المتعلقة بالتيار مع إبقاء
المرقد الخاص بوالده الشهيد والمتحف وهيئة تراث آل الصدر.
فاعتزال السيد مقتدى الصدر العمل السياسي لم يكن هو المرة الاولى ولم تكن الاخيرة ، فقد اعلن في مرات سابقة بانه اعتزل السياسة ولكننا رأيناه يعود بتشكيل جديد.
لذا ربما يعدل الصدر عن قراره ويفاجيء الجميع وهو المرجح ، ولعل تجوال الصدر بين الناس وفي الأسواق وزيارة بعض المجالس هو المقدمة لعودة مؤيَّدة شعبياً ، على الرغم من ان السيد مقتدىالصدر قائداً لتيار شعبي ، وهو الخارج من رحم المجتمع وبالتالي ليس غريباً ان يقوم بالتجوال في بينالناس ويزور الأماكن العامة.
لكن لا يمكن ان يأخذ الأمر على هذا الوجه ، بل هو رسالة ، ذات اتجاهين ، الاولى للشارع والثانيةلخصومة السياسيين ، ليقول لهم انه ما زال يتمع بجماهيرية. وتأييد ، وهذا ما أكده في دعوته الأخيرةلدعم غزة وكيف هب اتباعه لتنفيذ ما دعا اليه ، ويمكن قياس ذلك من خلال الإعلام الذي سلط الضوءعلى هذه الدعوة، واهتم بها كثيراً .
كل هذه المؤشرات. تقول ان لن يدم صمته طويلاً ، وهو ما أكده لإتباعه في آخر لقاء معهم قبيل اعتزاله ، حينما قال لهم عليكم وان تبقوا مستعدين ومتأهبين.
الصدر ربما سيعود وهي مسألة وقت ، الذي يعتبر ركناً أساسياً في تشكيلة الطيف السياسي العراقي .
ولكن هذه العودة لن تكون سلسة وستواجه صعوبات جمة ، وسيكون العامل الخارجي عاملاً مؤثراً في تحديد بوصلة العودة واتجاهها ، واولها العلاقة مع واشنطن التي لا تطمئن للصدر وتوجهاته ، والثانية العلاقة المتعثرة مع إيران، ناهيك عما تحدثنا عنه في مجال المعادلة الداخلية ، والسؤال هل ستتحقق عودة الصدر قريباً ؟
وهل سيدخل الانتخابات القادمة ؟