*العلمانية المزيفة: بديل ديني أم تحول ثقافي؟/ مرتضى صالح

*العلمانية المزيفة: بديل ديني أم تحول ثقافي؟/ مرتضى صالح

 

مرتضى صالح

العلمانية، كمفهوم، كانت تعني في الأصل فصل الدين عن السلطة وتحرير القرارات السياسية والقانونية من تأثير الدين. إلا أنه في العصر الحديث، تبدّلت معاني العلمانية وتحولت إلى مفهوم يُعتبر بديلاً للدين بذاته. تناول الكاتب جون بوبيرو هذه التحولات وأسبابها في كتابه “العلمانية المزيفة”.

في العلمانية المزيفة، يتحدث بوبيرو عن كيفية تحول العلمانية من مجرد مفهوم سياسي إلى نوع من الدين البديل، حيث يعتبر البعض العلم والتكنولوجيا مصدرًا للإيمان والقيم بدلاً من الدين التقليدي. يُظهر الكاتب كيف أن الثقة العمياء في العلم وتقدم التكنولوجيا قد أدت إلى نوع من العبادة المُعاصرة، حيث يتم اعتبار العلم بديلاً للدين في تلبية الحاجات الروحية والفكرية.

يستند بوبيرو في تحليله إلى سلسلة من الظواهر المعاصرة، مثل ثقافة الاستهلاك والابتعاد عن الديانة التقليدية، مشيراً إلى كيف أن هذه الظواهر قد تساهم في تعزيز العلمانية المزيفة. على سبيل المثال، يشير إلى كيف أن البعض يعتبر التطور التكنولوجي والتقدم العلمي بديلًا للإيمان، حيث يجدون فيها الأمان والهدف الحياتي بدلاً من الدين.

ومع ذلك، يجادل بوبيرو في أن هذه العلمانية المزيفة قد تشكل تهديداً للتفاهم الشامل للإنسانية، حيث يُعزز الانفصال بين العلم والدين تفرقاً اجتماعياً وثقافياً. يعتبر أنه من الضروري إعادة النظر في هذا التحول الثقافي والبحث عن توازن جديد بين العلم والدين في العصر الحديث، يسمح بالتقدم التكنولوجي دون تهديد القيم الإنسانية الأساسية.

في النهاية، يُعتبر كتاب “العلمانية المزيفة” تحليلاً فكرياً مهماً لفهم التحولات الثقافية والفكرية في العالم المعاصر، ويشكل دعوة لإعادة النظر في العلاقة بين العلم والدين، ودور كل منهما في تشكيل مستقبل الإنسانية.

 

(Visited 44 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *