اللص والحاكم…. نهلة الدراجي

اللص والحاكم…. نهلة الدراجي

نهلة الدراجي

في عالم الأدب والشعر، تتجلى قوة الكلمة في قدرتها على إيقاظ العواطف وتحريك الأفكار، وعلى الرغم من أنني لست بناقدة أدبية وشعرية ولكنني أتذوق الشعر والكلمات حيث استوقفني هذا البيت الشعري الجميل:

“اثنان في أوطاننا يرتعدان خيفة من يقظةالنائم : اللص .. والحاكم.”..!

بهذه الكلمات الرنانة والعميقة، وصف الشاعر العراقي الراحل أحمد مطر حالة القلق والترقب التي يعيشها الشعب تجاه اثنين من الجماعات المؤثرة في المجتمع. إنهما اللص والحاكم، وعلى الرغم من الاختلاف الواضح بينهما في الطبيعة والدور الذي يلعبانه، فإنهما يشتركان في قدرة كبيرة على إثارة الخوف والتردد لدى الناس، وهذا ما يجعل المجتمع يراقبهما بانتباه شديد.
لقد عاش الإنسان منذ القدم في مجتمعٍ متعدد الأشكال والتكوينات، وتعددت القوى والأفراد الذين يؤثرون فيه ويحددون مساره. ومن بين هؤلاء الأفراد، تبرز شخصيتان تثيران الرعب والقلق في نفوس الناس، وهما اللص والحاكم.

إنها عبارة تحمل في طياتها معنى عميق ومعبر، تذكرنا بأن اللص والحاكم هما الشخصيتان اللتان تهددان الأمان والعدالة في المجتمعات. فاللص، بطبيعته الجشعة والمفتونة بالمال والقوة، يستغل غفلة الناس ويقتحم حياتهم وممتلكاتهم، مخلفاً وراءه دماراً وتخريباً. أما الحاكم، فهو الشخص الذي يحمل مسؤولية إدارة الشأن العام وحفظ المصلحة العامة، لكن غالباً ما يتحول إلى فرد ينظر فقط إلى مصالحه الشخصية، متجاهلاً مطالب وحقوق الشعب الذي يخدمه.

إن مقولة الشاعر تعكس حقيقة لا يمكن إنكارها، فاللص والحاكم يجتمعان في أنهما يعيشان في حالة يقظة مستمرة. اللص يخشى أن يكتشف ويعاقب على جرائمه، في حين يخشى الحاكم أن ينتفض الشعب ضده ويطالب بحقوقه المسلوبة وبالعدالة التي يجب أن يحققها.

ومع ذلك، فإن هذه الحالة ليست بالضرورة حكراً على كل اللصوص والحكام. فهناك العديد من الأمثلة على اللصوص الذين يتمتعون بالحصانة وينهبون ثروات الشعوب بطرق غير مشروعة، دون أن يتعرضوا لأي عقاب يذكر. وبالمثل، هناك حكام يعملون بأمانة وشفافية، يسعون لخدمة شعوبهم وتحقيق مصلحتها العامة، وهؤلاء يستحقون الاحترام والتقدير.

إن هذه الكلمات ليست مجرد تعبير شعري، بل تحمل رسالة هامة…. فهي تدعو وتحث على الوعي والنظر بعين الحذر إلى الأمور التي تحدث حولنا. فالشاعر أحمد مطر يدعونا إلى عدم الاستسلام للظلم والفساد، وعدم قبول الواقع كما هو دون محاربة الظلم والاستبداد.
ولذلك، يجب علينا جميعًا أن نكون يقظين ومتيقظين لما يحدث حولنا. يجب أن نكون حذرين من اللصوص الذين يسعون لاستغلالنا والتسلط علينا، ونقاوم جميع أشكال الظلم والفساد. وفي نفس الوقت، يجب أن نكون نقّادًا للحكام والمسؤولين، ونطالب بالعدالة والشفافية في إدارة الشؤون العامة. ينبغي أن نتذكر دائمًا أن السلطة ليست حكرًا على فرد أو جماعة، بل هي أمانة يجب أن يحملها الحاكمون بشكل صادق ومسؤول…
فلنستخدم هذه القصيدة كمنصة للتأمل والتغيير، ولنسعى جميعًا لتحقيق مجتمع أكثر عدلًا وتقدمًا، حيث لا يكون هناك مكان للحاكم واللص.

(Visited 60 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *