د.عادل جعفر
استشاري طب نفسي
عادة و عبر التاريخ تتخذ كل ثقافة بشرية نظاماً في الأخلاق خاصاً بها، في الوقت نفسه تنظر هذهالثقافة إلى أخلاق الآخرين بشيء من الريبة والاحتقار.
سابقاً قال د.علي الوردي يرحمه الله
“الغلبة هي رمز البقاء في معركة الحياة“. بل توسع الوردي ليعتبر ان الغلبة مرض عند العراقيين ، وكلفرد في هذا البلد يريد أن يغلب الآخر!!.و بما أن العراقي قد غُزي من قبل البدو عبر تاريخة فأنه قدأكتسب الطبيعة البدوية المؤصلة بالتفاخر و القوة و الغلبةو الغزو .
في السنوات الاخيرة في العراق شهدت العائلات الفقيرة المعدمة زيادة رهيبة و هي تعيش تحت خطالفقر ، و قابل ذلك زيادة في عدد العائلات التي أصيبت بتخمة من ثراء فاحش يفوق الخيال، و هي حالةجديدة على المجتمع العراقي الذي لم يشهد هكذا فرق طبقي إلا بحدود ضيقة جدا ، اذ كانت عددالعائلات الغنية معدودة عدد الاصابع ، و هي عوائل بنت ثروتها بشرف ، يضاف لها ثراء عند عوائلمحدودة تمثل عوائل السلطة قبل 2003 و اذا ما قورن هذا الثراء بثراء بعد 2093 ستكون المقارنةمضحكة.
فيلمنا Parasite ( طفيلي) ليس فيلما عراقياً بل هو فيلم من كوريا الجنوبية….
لكنه يقدم رؤيا تعكس التغيرات التي لوثت المجتمع العراقي في السنوات الاخيرة من قبل طبقة فاسدةتمثل مافيات طفيلية صاعدة تسرق العراق بمنتهى الهدوء.
فيلم طفيلي يطرح و حسب تحليلي سؤال عن من هو الطفيلي ؟
هل هي الطبقة الفقيرة الكادحة ام اصحاب الثروات الفاحشة؟
و مَن يتطفل على منْ ؟!.
فيلم طفيلي يطرح فكرة الصراع و الإقتتال و النهب و السرقة بين طبقتين تتطور و تنشأ في مجتمعيكون فيه الفساد هو المتحكم و السائد في البلد ، فهناك الطبقة المسحوقة والطبقة التي تأكل بملاعقمصنوعة من الذهب !!.
في فيلم طفيلي نجد تلك الفروقات الهائلة بين الطبقة المخملية والطبقة الكادحة وبإسلوب فريدواستثنائي جداً, إذ يقدم الفلم حياة كلا الطبقتين من زاوية واحدة فيرى المشاهد الفرق الشاسع بينالخيارات و الاحلام والهموم مما يدفع المشاهد لان يضع نفسه على محور مقارنة بين العائلتين فيحسدنفسه على أنه ليس أياً منهما مثلما نحن نحسد أنفسنا أننا لا ننتمي الى احدى هذه العائلتين.
في الفيلم تتدافع الاحداث الكثيرة حتى تصبح حياة العائلة الفقيرة متكلة إتكال تام على حياة العائلةالغنية و اصبح وجودها مرتبط بها, حتى تتعثر الامور و تدخل عائلة أخرى على الخط تريد الأمر ذاته فينهاركل شيء لأن كل منهما يريد التطفل على العائلة الغنية والاستفادة من مكتسباتها حتى تصل الامور إلىالتعديد والعنف وحتى القتل, قد نجح الفيلم ليكون أحد أفلام الكوميديا السوداء الساخرة منالمجتمع, و قد مُثّل بصورة هزلية مميزة دون اي انتقاص من الفكرة الرئيسية…وهو فيلم ساخر قدم لنامعضلة في أنتظار السلطة و أصابعها من جهة و الشعب العراقي من جهة آخرى.