الدعم المشروط لـغزة.. أزمة الإعلام العربي / وسام رشيد

الدعم المشروط لـغزة.. أزمة الإعلام العربي / وسام رشيد

وسام رشيد

يعيش الإعلام الخليجي حالة من الحرج لم يسبق لها مثيل في تاريخ الماكنة الاعلامية منذ نهاية القرنالماضي، كما نراهم مع بدأ حرب اكتوبر الثانية التي اطلق عليها الفلسطينيون طوفان الأقصى والتي تأتيبذكرى مرور خمسين عاماً على نصر اكتوبر الاول عام 1973 بقيادة مصر وسوريا ضد الاحتلال الصهيونيواسترجاع الاراضي شرق سيناء والقناة في معركة باغتت العدو على اكثر من جبهة كانت نتائجها تحقيقنصر تأريخي ظلت الشعوب العربية تتغنى به منذ ذلك الحين.

فاجئ المقاومون من حماس الشعوب العربية ببداية نصر هز الترسانة العسكرية الاسرائيلية، واسطورةالتفوق الاستخباري لأقوى جهاز مخابراتي في المنطقةالموسادفي معركة غير متكافئة مقاتلين يحلمونبدولة يصنعون تفاصيلها دون مبعوث الرئيس الخاص، ودون ابتزاز الملك، ومزايدات الأمير، وربط مصالحالعائلة الحاكمة والجمهورية الثالثة، دولة تصنع حاضرها كما صنع اجددهم ماضيها في عكا ويافا وحيفاوالأقصى المقدس.

يقف الإعلام العربي في غالبيته اليوم عاجزاً عن تبرير الهجمة التي يشنها المقاتلون الفلسطينيون لإستردادالأرض أمام الإعلام الغربي الذي يصوّر إسرائيل مضطهدة وتستحق الوقوف بجانبها ومساندتها لخلق رأيعام ضاغط تجاه الحكومات لإرسال السلاح ودعهما سياسياً كما تفعل الولايات المتحدة ودول اوربا الغربية.

فيما تقع كبار المؤسسات الإعلامية المملوكة لعدد من دول الخليج المهمة كالسعودية والامارات في حرج شديداذ تضع شروطاً للتضامن مع قضية غزة تتعلق بتبعات الهجوم على واقع الغزاويين وما يمكن ان يؤول اليهالواقع أمام آلة التدمير الاسرائيلية وحجم الدمار وارتفاع اعداد القتلى وهي النقطة التي غالباً ما تستخدمهاالحكومات العربية لإقناع الفلسطينيين انهم غير قادرين على تحمل مسؤولية المواطنين في غزة وتركهملمواجهة مصيرهم مع توحش ردة الفعل الاسرائيلية.

تبدو هذه التبريرات منطقية في تحليل الواقع كما يراه السياسي العربي الذاهب الى التطبيع والتعامل معالاحتلال بمنطق السوق والعرض والطلب، وتتبنى الجهات الاعلامية التابعة لتلك الحكومات او الممولة منالمشايخ والأمراء وكبار رجال الأعمال تصوير المسألة على انها نصر غالي الثمن، بل ابعد من ذلك هو جرالمعركة لصالح جهة سياسية شعبية تدعم مباشرة مع ايران العدو التقليدي للشعوب العربية في المنطقة.

مجمل الخطاب الاعلامي المصري يتحدث عن ضرورة تحمل المسؤولية لتفادي وحشية التعامل الاسرائيليفي قصف المدنيين وتدمير البنى التحتية والحصار، ويركز في دعمه على موقف الحكومة المصرية فيالرفض القاطع لغلق مبر رفح الممر الوحيد لارسال المساعدات الغدائية والدوائية الى غزة، وتصويره بشكلبطولي للرئيس السيسي، الذي يتحدى ارادة الصهاينة في الضغط لإحكام الحصار، في موقف مغاير لدعمالشعب المصري بشكل تام على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى شاشات التلفزة المباشرة والتظاهراتالكبيرة التي لا تثير شهية كامرات الاعلام كونها عابرة لمنطق الدعم المشروط.

المفارقة إن الغالبية الساحقة لرموز الإعلام المؤثرين في المجتمعات العربية يحتفلون بالنصر الحماسيلطوفان الأقصى عبر صفحاتهم الشخصية ومواقعهم الالكترونية دون اشتراطات مؤسساتهم المرتبطةبسياسات الدولة والشخص الممول، وهي مواقف تتطابق مع الدعم الشعبي المحدد بأطواق الاتفاقاتالسياسية للحكومات العربية مع الولايات المتحدة من جهة وإسرائيل من جهة اخرى.

آلة الإعلام عنصر اساسي وسلاح أساسي في المعركة التي يشنها العالم على شعب يحاول ان يصنع لابنائهمستقبل بعيداً الخضوع للكيان الغاصب.

خبث الإعلام وإشتراط تحليل العوامل التي ادت للحرب ساهمت في تبرير العدوان على غزة وستساهم ايضاًفي مزيد من العزلة بين الرأي العام العربي والاسلامي وبين حكوماته ومؤسساته الاعلامية الخاضعة لمنطقالتفوق الاسرائيلي والذراع التي لا تكسر.

(Visited 24 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *