د.عادل جعفر / استشاري طب نفسي
بيجماليون هي الإسطورة الإغريقية الشهيرة التي كانت مصدر إلهام للعديد من الكتاب والمؤلفين، و منهمتوفيق الحكيم .
تتحدث المسرحية عن النحات البارع بيجماليون الذي كان يؤمن بأن النساء مصدر كل إِبتلاء ، لهذا كانينفرهن و يكرهن لأنهن حسب رأيه مخادعات ، لا وفاء عندهن.. و لهذا عاش وحيدا.. إن نظرة بجماليونللنساء لم تنبع من فراغ بل من خلال خبرته مع بنات الهوى وهو يشاهدهن ينتقلن من حضن رجل الى آخر!!،فبنى معتقد خاطيء ان جميع النساء رخيصات و لهذا جاء قراره بنحت تمثال من العاج يمثل المرأة النقية والتي بقدر ما هي حُبلى بالجمال فأنها خاوية من العيوب .. و ما أن انتهى من صنعها هام فيها حباً و كانيدعو الآلهة لكي تبث فيها الحياة, والتي استجابت اخيرا لدعائه فحولتها الى دم ولحم و بثت الحياة فيها
لكنه عاد و رأى النقص فيها فعاد إلى الدعاء لكي ترد إلى تمثال, وهذا ما حدث .. ثم كان يدعو لتبث الحياةفيها .. فيعود ليرى النقص فيها مرة آخرى, و هكذا دواليك فلا جمال الحياة يشبعه, ولا جمال الفن يكفيه.
في المسرحية رمزية واضحة حول الصور التي نكونها في عقولنا حول الأمور التي لا تطالها أيدينا, سواءكانت تلك الصور حول أشخاص نطرب لحديثهم أو لا نودّهم , أو اماكن نديم النظر اليها او الهرب منها اوربما صفات نتمناها في أنفسنا أو نرفضها ….كل تلك الصور هي من صنع مخيلتنا وعقلنا الفذ القادر علىصنع أفضل التماثيل … لكن وفي معظم الاحيان, أن حصلنا على المراد لابد وان نرى القصور و النقص فيه, لان الإنسان لا يستطيع ان يحكم بخياله على الامور, بل بواقعه, و هكذا يقع الانسان بين مطرقة الخيال وسندان الواقع, فلا يعود يرى أين سعادته, هل كانت في الحلم الزاهي, ام في الواقع الرمادي.
تنتهي المسرحية بعزم البطل على التخلص من الصورة التي شكلها في عقله عن طريق تحطيم التمثال, وهو ربما الحل الأمثل لهكذا معضلة !!.
معضلة رفع قيمة ( شخص … موقف …مكانة… أو صفة ) و معضلة نسج الاحلام والافكار اكثر مما يستوعبهالحماس .لانه و ببساطة هناك أستحالة في الوصول الى الكمال.فلا يوجد حب أبدي و لا توجد أمرأة مثاليةو لا هناك حياة ميسّرة بلا مشقّة و ليس هناك مفهوم أسمه سعادة إلى آخر الحياة، فحياتنا ليست مثالية ولا نموذج يقتدى به ، فمثل هذه الحياة لا توجد إلا في الأساطير !!.