حوار /. ناجي سلطان الزهيري :
في لقائنا مع الأستاذ محمد رشاد الشيخ راضي، ممثل قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي،طرحت عليه جملة من الأسئلة عن المراحل التي مرّ بها منذ المؤتمر القطري العراقي السادس عام 1966 والذي كان عضواً فيه قبل أنْ تقوم القيادة القومية بِفَصْل البكر وصدام من الحزب، مروراً باعتقاله عام 1968 وانتقاله إلى سوريا، ثم إلى لندن.
الشيخ راضي أحد قادة المعارضة التي عملت على إسقاط نظام صدام، واختلافه مع حلفاء الأمس، ومحاولاتهالمستمرة لتقويم العملية السياسية لكي يأخذ التيار القومي العربي موقعه الطبيعي في الحفاظ على عروبةالعراق بعيداً عن سياسات المحاور المشبوهة التي تحاول الإدارة الأمريكية فرضها على المنطقه:
مرحباً بك استاذ محمد رشاد على صفحات المستقل :
كنتم جزءًا من المعارضة العراقية أيام النظام البائد ، لماذا انتم الآن خارج العملية السياسية ؟
لقد التقيت مع الأستاذ نوري المالكي ضمن هذا التوجّه، و شرحت له ضرورة تقويم العملية السياسية ومعالجة خلل عدم وجود التيار القومي العربي ضمن العملية ، وقد نشرت وسائل الإعلام في حينها الكثيرمن التحليلات حولها، وعندما تطرق الأستاذ المالكي للمقابلة أقسم بأنَّه لم يرد اسم حزب البعث في ذلكاللقاء.
” التقيت مع المالكي بناءً على دعوة رسمية وجهت لحزب البعث العربي الاشتراكي – قطر العراق نقلها السيداكرم الحكيم “
و استغربت منه ذلك متجاوزاً اتّصالاتنا المستمرة منذ عام 2009 ولحدّ الآن والتي تمت بناءً على دعوة رسمية وجهت إلى حزب البعث العربي الاشتراكي – قيادة قطر العراق من قبل وزير الحوار الوطني في حينها لأستاذ أكرم الحكيم للدخول في حوار رسمي مسؤول بين ممثلي الوزارة وبين الحزب برقم / وز / 432 وتأريخ 22 / 1 / 2009، لأنَّ الحديث في اللقاء الأخير كان يدور حول اعتراض إيران على اسم الحزب، وكان رأينا هو أنْ يسمح لنا أولاً ممارسة العمل السياسي العلني لكي نستطيع من دعوة المؤتمر القطري للانعقاد لمناقشة هذه المسألة واتّخاذ القرار الذي يراه مناسباً.
وقلت له بأننا عندما نرى إنَّ مصلحة العراق تقتضي التضحية فنحن سنكون في مقدمة المضحِّين إذا كان ذلك يساعد في تقويم العملية السياسية.
الإخوة الإسلامين لديهم ثقافة (التورية) للتخلص من مواجهة الواقع والحقيقة ، لكني اقول هل يجوز منعنا من العمل السياسي العلني باسم حزب البعث العربي الاشتراكي بعد أنْ عملنا سوياً أيام المعارضة؟ بحجةان صدام كان يستخدم نفس الاسم! رغم معرفتهم بأننا كنا جزأً أساسياً في المعارضة التي أسقطت صدام ،فلوعكسنا الحال
هل يحق لنا مهاجمة الإسلام لوجود تيارات منحرفة تحمل اسم الإسلام مثل (القاعدة، داعش، طالبان،النصرة… الخ)؟ .
يجب أنْ تكون المحاسبة شخصية (العين بالعين والسنّ بالسنّ)
كذلك يجب أنْ لا يكون هناك إكراه في فرض وجهات نظر طرف واحد على بقية الأطراف (لكم دينكم ولي دين)،كما لا يجوز استهداف الفكر خصوصاً عندما يدعو إلى الوحدة والحرية والعدالة الاجتماعية، لأنَّ هذا الموقفيضعكم في خانة الدكتاتورية وعدم الإيمان بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، إضافة إلى إنَّه لا يتسمبالوفاء للعلاقات النضالية التي عملنا فيها سوية خلال فترة المعارضة الطويلة ولم يكن لديكم أي اعتراضعلى اسم الحزب.
هل لديكم اتصالات مع الجناح الاخر لحزب البعث ( اليمين ) ؟ ومن يمثل ذلك الجناح الآن ؟
ليس لدينا أي اتّصال مع قيادة تنظيم صدام، ولكننا نميز بين قيادات انحرفت عن خطّ الحزب وبين قواعد لاتتحمل وزر جرائم النظام ما عدا المتورطين منهم.
لماذا لم تشكل القيادة القطرية لحزب البعث العربي الإشتراكي لحد الآن ؟
حزب البعث – قطر العراق كان جزأً اساسياً من المعارضة لنظام صدام ” وعملنا مع الاخرين لاسقاطه
ما دام الحزب لم يسمح له بالعمل السياسي العلني فمن غير المرجح أنْ يتم الإعلان عن تشكيل القيادةالقطرية، وإنَّما تقوم بعملها دون الإعلان عنها ويتم تكليف أحد الرفاق لتمثيلها في الاتّصالات مع الحكومةالعراقية وباقي القوى السياسية وهذا ما سرْنا عليه منذ عام 2003.
ماهو اساس الخلاف بين جناحكم والجناح الآخر للحزب ؟ ومتى بدأ الخلاف ؟
جذور الخلاف داخل الحزب بدأت في المؤتمر القومي السادس الذي انعقد في دمشق عام 1963 ، عندما أقرالمنطلقات النظرية والتي اعتبرها “ميشيل عفلق” إنها لا تمثل وجهة نظره، وهي انحراف نحو اليسار كماوصفها.
وعند احتدام الصراع بين أجنحة الحزب في العراق وفشل تجربة الحكم عام 1963، وجد ميشيل عفلق إنَّالفرصة سانحة للإجهاز على الجناح اليساري العراقي الذي لعب دوراً أساسيا في إقرار المنطلقات النظرية،فقام بحل القيادة القطرية المنتخبة والشرعية بالتواطئ مع الجناح اليميني، فتم استبعاد علي صالح السعدي، محسن الشيخ راضي، حمدي عبد المجيد وشكل قيادة قطرية جديدة لا تتمتع بالشرعية ولا بالكفاءة السياسية، ثم بعد فترة قام بحَلّ القيادة القطرية السورية لكي يستكمل تصفية الجناح اليساري، مما اضطرالحزب للتحرك في 23 شباط 1966 للإطاحة بالجناح اليميني الذي يمثله ميشيل عفلق.
ربما يتساءل البعض (نحن لا نرى أية فروقات في شعار الحزب أو أهدافه بين الجناحين) وهذا صحيح، ولكن العبرة ليس في الشكل، وإنما في الممارسة والتطبيق الصحيح، على سبيل المثال، تحالف الجناح اليميني بقيادة (البكر – صدام) مع عبد الرزاق النايف والداوود المعروفين بارتباطاتهم الخارجية، كما تحالفوا مع شاهإيران كما ذكرت سابقاً في العمود الثالث وردت كلمة كما ذكرت سابقا، بعد أن تحالف نظام صدام مع شاهإيران وتنازل له عن أراضي عراقية ونصف شط العرب، وكانت سوريا بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد لهاموقف مناهض من شاه إيران لتحالفه مع إسرائيل، وكونه أحد أعمدة الامبريالية الاساسيين في المنطقة ،اصبح من الطبيعي أن تقف سوريا مع الثورة الإسلامية التي اطاحت بحكم الشاه ونقلت إمكانيات ايران مندعم إسرائيل إلى دعم القضية الفلسطينية.
وما يدور اليوم من صراع بين الخطّ الوطني المقاوم المدعوم من قبل حزبنا والقطر العربي السوري وبينالمشروع الأمريكي الإسرائيلي لهو دليل واضح على الفروقات الأساسية التي تميزنا عنهم.
ولا يخفى أنَّ مواقف نظام (البكر – صدام) المناهض لمصر “عبد الناصر ” وسوريا والجزائر ما هو إلا دليلآخر على الدور المناط بهم للتآمر على هذه الدول الداعمة للقضية الفلسطينية والمتصدية للتآمر الغربي،مستخدمين شعارات وأسماء تقدمية للتغطية على الدور المناط بهم.
هل لديكم اعضاء منتمين للحزب بالداخل ؟ وكم تقدر عددهم ؟
بالتأكيد ، تنظيماتنا موجودة منذ ايام النظام السابق ولازالت ، وقد دفعت ثمناً باهضاً لمعارضتها حكمالطغاة ( البكر وصدام ) وأعدم الكثير من الرفاق بسبب هذه المعارضة.
كيف تستطيعون ان تُفهموا الشعب العراقي بأن حزب البعث “ اليسار “هو غير حزب البعث الصدامي ؟
نحن معارضين لـ: (البكر – صدام) قبل سنتين من مجيئهم إلى السلطة، أي منذ عام 1966 عندما انعقدا لمؤتمر القطري السادس في بغداد بعد حركة 23 شباط 1966 في سوريا التي أطاحت ” باليمين“ داخلا لحزب بقيادة ميشيل عفلق، وقد كنت أحد أعضاء ذلك المؤتمر.
لذلك بمجرد استلامهم للسلطة عام 1968 أُلقي القبض عليَّ وأُودعت السجن لعدة أشهر، وبعد إطلاقسراحي وإصدار أمر إلقاء القبض عليَّ مرة أخرى اضطررت لمغادرة العراق إلى سوريا نهاية عام 1969 وكانت بداية انتقال المعارضين العراقيين تباعاً إلى سوريا لأنّها كانت الدولة الوحيدة التي وقفت مع الشعبالعراقي بكافة اتّجاهاتهم السياسية ،
إنَّ معاناة العراقيين مع نظام صدام طالت لمدة (35 عاماً) كان حزبنا من أوائل التنظيمات التي استهدفها النظام، وكنا من الدفعات الأولى التي دخلت السجون، وقدمنا الكثير من الشهداء، وعند انتقالنا إلى سوريا كنا الداعم الرئيسي والحامي لكُلّ العراقيين المضطهدين الذين لجأوا إلى سوريا دون تمييز.
فالذين يريدون معرفة الحقيقة ليس من الصعب عليهم ذلك، أما الذين لديهم مصالح شخصية أو عقد نفسية لا اعتقد هناك فائدة من إقناعهم.
كان بإمكان الإخوة الذين استلموا مقاليد السلطة عام 2003 أنْ يكونوا أكثر وفاءً، وهم أعرف بما قدمناه لهممن دعم وإسناد ولكن ربما الضغوط الأمريكية وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة والسلمالأهلي لعب دوراً كبيراً في محاولة تعميم الاجتثاث علينا، رغم أنَّ الدستور في المادة السابعة منه يحضرعلى البعث الصدامي فقط.
ماهي علاقاتكم مع تنظيمات الحزب في الدول العربية الأخرى ؟
لدينا اتصالات مع العديد من الحركات القومية بصورة عامة في بعض الدول العربية التي هي قريبة الىتوجهاتنا القومية والعروبية والموقف من الدول المعادية وكذلك من قضايا الأمة بصورة عامة وقضية العربوالمسلمين في فلسطين المحتلة بصورة خاصة .
ماهو موقفكم من العملية السياسية الحالية ؟
حالياً كثير من قادة القوى السياسية التي استلمت السلطة بعد عام 2003 أساءت استخدام السلطة وفرطت بمصالح العراق العليا وانحرفت عن أهدافها التي كانت تعلنها أيام المعارضة وعندما ينتهي دورها ويتمتغييرها فهل يحق لنا أن نحمل قواعدهم مسؤولية إنحراف قياداتهم؟؟
أخيراً ، ماهي الرسالة التي تريد ان توجهها للعراقيين ؟
أودّ أنْ أؤكد بأنَّ صدام لم يكن بعثياً معروفاً وإنَّما جاء من الصفوف الخلفية واستطاع التسلل بشكل مخالفللنظام الداخلي للحزب، وعمل جاهداً على محاربة حزب البعث وقيادته الوطنية التي مقرها تاريخياً فيدمشق، لذلك هناك شبهات كثيرة على طريقة صعوده السريعة يتداولها الكثير من القياديين البعثيينويقولون إنَّ له اتّصالات مع الأمريكان قبل استلام السلطة هي التي كانت وراء صعوده الغير طبيعي،
لذلك قام بتصفية قيادته التي حاولت التوحد مع سوريا لأنَّهم كانوا بعثيين حقيقيين ، وبنفس الوقت يعرفون تأريخ صدام الحقيقي، فلفق لهم مؤامرة غير موجودة للتخلص منهم.
لقد استطاع أنْ يقرأ جيداً ماذا يريد الغرب، وما هي خطوطه الحمراء ، في المنطقة والتي أهمها عدم التقارببين سوريا والعراق، لذلك اعتمد صدام ومجموعته كضدّ نوعي للحزب، وقد كان وفياً لهذه السياسة، فناصبالعداء للحزب وقيادته القومية طيلة فترة حكمه، إلى أنْ انتهى دوره الموكل إليه فقامت أمريكا بأسقاطه لأنَّه لميعد يصلح للمرحلة الجديدة.
لذلك آن الأوان لكافة الرفاق البعثيين المؤمنين بأهداف الأمة العربية، والغير متورطين بالجرائم التي ارتكبها صدام وعصابته أنْ يعودوا إلى صفوف الحزب للعمل على تطهيره من كل المحرفين الذين أساءوا إلى اسمه وسمعته، وأنْ نُساهم في بناء وطن ديمقراطي حقيقي بالتعاون مع شركائنا في الحركة الوطنية.