المستقل تحاور سفير العراق في سلطنة عمان الاستاذ  قيس العامري :

المستقل تحاور سفير العراق في سلطنة عمان الاستاذ قيس العامري :

المستقل التقت سعادة سفير العراق في سلطنة عمان الاستاذ قيس العامري لتسبر اغوار العلاقة العراقية العمانية والخليجية ، وتعتبر سلطنة عمان واحدة من الدول الخليجية والعربية المهمة والتي لعبت أدواراً  كبيرة في خلق التوازن في المنطقة ، لما تتمتع به من حكمة وعلاقات مع كل الأطراف ، أضف إلى ان  شعب السلطنة  شعب محب للعراق وشعبه .

وقد بدأنا الحديث مع سعادة السفير حول  العلاقات العراقية الخليجية من البوابة العمانية :

سعادة السفير العامري :

المستقل : كثير من التقلبات حدثت في العلاقة العراقية الخليجية ومرت بأدوار وأزمات، كيف ترى العلاقة العراقية والخليجية اليوم؟

مرت العلاقات العراقية الخليجية بعد العام 2003 بمراحل مختلفة، يمكن أن تقسمها الى ثلاث أقسام ،الاولى هي مرحلة القطيعة والفتور في العلاقات، وذلك بسبب موقف دول مجلس التعاون من النظامالجديد في العراق نتيجة عدم اتضاح الرؤية والصراع الإقليمي الذي أثر بشكل او باخر على العلاقاتالعراقية العربية والخليجية بشكل خاص، ثم جاءت مرحلة الانفتاح ومد جسور الثقة وهو جهد عملتعليه الحكومة العراقية منذ استضافة القمة العربية في بغداد عام 2012، تبعتها مرحلة التعاون وتعزيزالعلاقات، ويمكن تحديد هذه الفترة بعد الانتصارات العراقية على تنظيم داعش وغيرها من المتغيراتالتي رافقت تلك الفترة، الآن نحن أمام مرحلة جديدة وتحديات جديدة تنتظر العلاقات العراقيةالخليجية، وهدفنا نحن في وزارة الخارجية ان ننتقل بالعلاقة الى مرحلة الشراكة الاستراتيجية مع دولمجلس التعاون وأن تكون علاقتنا قوية بالشكل الكافي لتجاوز التحديات ونقاط الاختلاف بين الجانبين.

العامري :  “نجاح العراق داخلياً  سينعكس  ذلك على دوره الإقليمي والدولي

المستقل : العلاقات العُمانية العراقية طويلة وممتدة، هل لك ان تضعنا في تاريخ واجواء هذه العلاقة بين البلدين؟

أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين العراق وسلطنة عمان منذ عام 1976، والسلطنة هي الدولة الوحيدةمن دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تقطع علاقاتها مع العراق وأبقت سفارتها مفتوحة في بغدادبعد غزو النظام السابق لدولة الكويت. وقد اغلقت سفارتها في بغداد بعد دخول القوات الأجنبية إليهاعام 2003. ولغرض تعزيز العلاقات بين البلدين قامت السلطنة بتسمية سفيرها في المملكة الاردنيةالهاشمية سفيراً غير مُقيم لدى العراق وذلك بتاريخ 13/3/2012، واعادت افتتاح السفارة في بغداد فيأيار 2019 وعينت سعادة حامد عيدروس سفيراً لها في بغدادوبالنسبة للعراق تم اعادة افتتاح السفارةفي مسقط من جديد بتاريخ 23/10/2004، وكانت أول زيارة رسمية لمسؤول عماني بعد عام 2003 علىمستوى وزير خارجية في حزيران 2019 حيث قام السيد يوسف بن علوي بزيارة بغداد لبحث العلاقاتالثنائية بين البلدين والقضايا العربية والاقليمية، بالمقابل سبق وان زار رئيس الوزراء الاسبق السيد نوريالمالكي السلطنة عام 2007 والتقى المغفور له السيد قابوس بن سعيد، فضلا عن زيارة وزراء الخارجيةكل من السيد ابراهيم الجعفري ومحمد علي الحكيم سبق وأن زاروا مسقط في مناسبات مختلفة وهناكانسجام واضح بين العراق والسلطنة في رؤيتهم لمختلف القضايا الدولية والإقليمية

المستقل : سلطنة عُمان تعتبر حلقة وصل، وجسر مهم في ردم الهوات بين الدول، وهي تلتزم سياسة متوازنة ولها دور مشهود في ذلك، كيف تقيم هذا الدور وأنت تعيش منذ فترة في السلطنة؟

تتمتع سلطنة عُمان بسياستها المتسمة بالحياد الايجابي وسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخليةللدول الاخرى، وهناك إجماع عربي ودولي على الدور الحيوي والفاعل في الوساطة لحل العديد منالقضايا في المنطقة على الصعيد العربي والإقليمي والدولي، انا شخصياً ارى ان السلطنة هي بلد الحلولفي منطقة للاسف اصبحت بيئة جاذبة للأزمات الاقليمية والدولية، والعراق احد الدول التي طالما تأثرتبالصراعات والتجاذبات الجارية في المنطقة، ولذلك ننظر الى الدور العُماني الرامي الى اطفاء الحرائقبنظرة ايجابية وهناك دائما انسجام وتقارب في وجهات النظر بين البلدين إزاء طبيعة الأزمات والتحدياتالتي تواجه المنطقة والحلول اللازمة لمواجهتها.

المستقل : كيف ترى العلاقة العراقية العُمانية تاريخياً وحالياً؟

تعود جذور العلاقات العراقية العُمانية الى العصور القديمة حيث كانت السلطنة تسمىمزونلهاعلاقات تجارية مع الحضارة السومرية في جنوب العراق، ولم تنقطع هذه العلاقات على المستوىالحكومي والشعبي طيلة هذه الفترة، ولذلك هناك ارث كبير وغني في العلاقات بين البلدين الشقيقين،وقد انعكست السياسة الخارجية العُمانية الحكيمة على علاقتها مع العراق بعد سقوط النظام السابقوتشكيل مجلس الحكم إذ اعترفت السلطنة بمجلس الحكم كما اعترفت بالحكومة المؤقتة والحكوماتالمتعاقبة، ودعمت جميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن فيما يخص العراق، وتدعــو السلطنة مــنخلال مشاركتها في المؤتمرات الدولية الداعمة للعراق الى تأييد العملية السياسية في العراق وادانتهالكافة الأعمال الإرهابية واللا إنسانية التي ارتكبها كيان داعش الإرهابي. ان انعكاس السياسة العُمانيةتجاه العراق كان دائماً إيجابياً، فضلاً عن موقفها المساند للعراق في حربه ضد الإرهاب من خلالتصريحات المسؤولين العُمانيين بهذا الجانب، اذ تؤيد السلطنة دائما كافة القرارات والبيانات الختاميةالمتعلقة بالعراق ولا تؤيد ما يتعارض مع موقف العراق ومصلحته في المؤتمرات الإقليمية والدولية

المستقل : ما أوجه التعاون بين العراق والسلطنة؟ 

نعمل نحن في السفارة على تنمية التعاون الثنائي بين البلدين في المجالات المختلفة، وقد حرصتعلى تحقيق بعض الزيارات للمسؤولين العراقيين الى السلطنة، لبحث سبل التعاون خاصة في المجالالاقتصادي، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين لعام 2022، مايعادل (450) مليون دولار تقريباً،ونعمل حالياً على تحقيق اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين في القريب العاجل، حيث هناك عدد منالاتفاقيات ومذكرات التفاهم من المؤمل توقيعها خلال اجتماعات اللجنة المشتركة، وأعتقد أن هذهالمذكرات ستسهم في تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات

المستقل : كيف ينظر العُمانيون الى العراق؟

•   ينظر العُمانيون الى العراق باعجاب كبير، وهم مطلعون بصورة جيدة على تاريخ العراق وحضارتهالعريقة، ويكنون كل المحبة والتقدير لاشقائهم العراقيين، وقد شاهدنا العلاقة الأخوية بين الشعبينخلال بطولة خليجي 25 في البصرة وكيف احتضن العراقيون كل الاشقاء من مواطني دول مجلس التعاونبما فيهم العُمانيين، وهناك تنامي مؤخراً في زيارة العُمانيين للعراق، والعراقيين للسلطنة، لاغراضالعمل والسياحة او وزيارة العتبات المقدسة، خاصة بعد فتح طيران السلام العُماني رحلات مباشرة بينالبلدين، كما اني وجدت ان هناك تفاؤل عُماني بمستقبل العراق، ولذلك نحن نشجع الاخوة العُمانيينللعمل والاستثمار في العراق خاصة ان الشركات العُمانية ذات جودة عالية على المستوى الإقليميوالدولي، وبالفعل حدثت بعض المشاريع قام بها رجال أعمال عُمانيين في العراق في قطاع الاسكانوبعض الاعمال المختلفة، ونحن بدورنا نقوم بتقديم التسهيلات الممكنة.

المستقل : الشعب العُماني شعب عربي جميل واصيل وله تاريخ طويل وتراث ضرب في العمق، ما هي ابرز مميزات الشعب العُماني، وأوجه الشبه بينه وبين العراقيين؟

يعد الشعب العماني من الشعوب العربية المميزة والتي يمكن بسهولة أن تتعرف عليها دون عناء وذلكمن خلال ممارساتهم وتعاملاتهم التي تجعلك تتعرف عليهم وتميزهم ببعض السمات المتأصلة فيهموالتي تجعل الجميع يكنون لهم كل الاحترام والود، وقد عملت الحكومة في السلطنة بقيادة السلطانهيثم بن طارق على ترسيخ هذه القيم مثل التسامحُ والإخاء والتكافل المتأصلة في ثقافة المجتمعالعماني ودعمت ذلك بسلسلة من القوانين والإجراءات، ودون شك هناك صفات مشتركة بين العراقيينواشقائهم العُمانيين منها الكرم والسخاء وحسن الضيافة وغيرها من الصفات الحميدة التي تتميز بهاالشعوب العربية الشقيقة.

المستقل : كيف ترى الواقع العراقي اليوم في ظل حالة الاستقرار الأمني والسياسي النسبي؟

•   لقد مر العراق بظروف صعبة وتقلبات كثيرة في تاريخة السياسي المعاصر، كلفت العراقيين الكثير منالخسائر المادية والبشرية، ولذلك فان العراق بحاجة ماسة الى الاستقرار على المستوى الأمنيوالسياسي، وذلك من أجل اللحاق بمصاف الدول المتقدمة، ولن ينجح العراقيون بالارتقاء بواقعهم دونتوفير هذا الاستقرار المفقود طيلة السنوات الماضيةالقوات الامنية اصبحت بجاهزية أكبر خاصة بعدالانتصار على عصابات داعش الارهابية وهي بفضل جاهزيتها والتضحيات العظيمة التي قدمتها من أجلالحفاظ على هذا الوطن قادرة على توفير الاستقرار الامني، اما الاستقرار السياسي فهو مسؤولية النخبوالأحزاب السياسية ويتوقف على مدى وعيها بتحديات المرحلة الراهنة، وانا ارى ان هناك نضج فيالوعي السياسي عند النخب والأحزاب السياسية، ولذلك هناك تفاؤل بنجاح الحكومة الحالية في تحقيقأهدافها المرسومة في البرنامج الحكومي خاصة النهوض بالاقتصاد العراقي من خلال الخطط والمشاريعالطموحة، وقد وصف السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عام 2024 بأنه عام الانجازات، ولذلكاتمنى للحكومة أن تنجح في قطف ثمار هذا الاستقرار من أجل تسريع وتيرة التنمية في الداخل العراقي.

المستقل : دور العراق قديماً وحديثاً دور مؤثر في الواقع الإقليمي والدولي، هل يستعيد العراق دوره الريادي وهل في طريق العودة لهذا الدور.

•   السياسة الخارجية هي امتداد للسياسة الداخلية، وفي حال نجح العراق بتعزيز قوته الداخلية بالتأكيدفإن ذلك سينعكس على دوره الإقليمي والدولي، لان يمكن القول باننا نسير بالاتجاه الصحيح، وقد بدأالعراق يستعيد دوره بالتدريج، وامامة مسيرة طويلة في هذا الاتجاه.

المستقل : كلمة اخيرة للعراق، والعراقيين.

اتمنى لعراقنا الحبيب، وشعبنا الكريم الامن والتقدم والازدهار، وان يكون العراق كما كان وسيكون،دائماً شعله تمد الحضارة الانسانية بالمعرفة والقيم الانسانية النبيلة.    

 

(Visited 9 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *