كتب المحرر السياسي
المواقف الاوربية والامريكية تجاه ما يحدث في غزه متناقضة و متخبطة، ففي الوقت الذي تدعم دول مثل فرنسا وامريكا وبريطانيا والمانيا اسرائيل بقوة وتمدها الاموال والسلاح، وتصمت عن ادانة القصف الوحشي الذي يتعرض له المدنيون ، والمستشفيات ، والمرافق العامة الاخرى في غزةً ، بذات الوقت تدعو الى ادخال المساعدات الانسانية الى غزة .
وبعد اكثر من شهر على القصف والقتل راح بايدن يدعو لوقف اطلاق النار ، ويخشى من توسع الحرب .
واذا كان جو بايدن يخشى من اتساع رقعة الحرب، فعليه ان يفعل ما فعله سلفه ايزنهاور حين أرغم كلاً من اسرائيل وبريطانيا وفرنسا على الانسحاب من مصر، خلال حرب السويس عام 1956، ويرغم اسرائيل على وقف الحرب المجنونة على غزة، ألم يقرأ مقالة آرثر سالزبرغر، وهو اليهودي، في “النيويورك تايمز“، “غروب الآلهة“.
اما فرنسا وعلى لسان رئيسها ماكرون. يعقد مؤتمرا “انسانياً ” تقول انها محاولة لمحاولة توصيل المساعدات إلى غزة، وهو أمر أصبح شبه مستحيل بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ هجوم حماس في 7 .
فرنسا تحاول وتسعى ، لكنها لا تستطيع الضغط على تل ابيب ، وليس باستطاعتها توجيه اي كلمة تذكر فيها تعرض المدنيين الفلسطينيين للقتل والتهجير .
ففي هذا المؤتمر التي تدعو اليه فرنسا ، والذي من المؤمل ان يعقد في قصر الاليزيه بباريس الاسبوع القادم ،قامت بعمل جبار ، اذ ذكر البيان الرئاسي ان اسرائيل لن تكون ممثلة في هذا المؤتمر.
لكن ماكرون يعز عليه ان تكون اسرائيل غائبة ، اذ قال : انه سيتحدث الى نتيناهو بعد انتهاء المؤتمر
ليطلعه على النتائج ولربما يرجوه لان يوافق على ادخال اكياس الطحين والزيت وكميات من السكر والشاي الى قطاع غزة.
اما الولايات المتحدة التي دفعت ثمن قتل الفلسطينيين مقدما ، وقدمت 14.3 مليار دولار عداً ونقداً ، مع الافالاطنان من الاسلحة ، عادت اليوم لتقول على لسان وزير خارجيتها. انتوني بلينكن الذي هرول الى اسرائيلمسرعاً في الايام الاولى ليقول لها جئتكم كيهودي، بالامس يعقد مؤتمرا صحفياً في اليابان “طوكيو” علىهامش اجتماع دول السبع ، وبعد ان عجزت إسرائيل وامريكا عن تحقيق نصر حقيقي على الفلسطينيين جاءليعلن. ان إسرائيل لن تستطيع إدارة قطاع غزة وان واشنطن ترفض التهجير القسري ، وحكومته تأمل نهايةالحرب في أسرع وقت ، وتدعم حل الدولتين.
واكد الوزير” اليهودي” حسب قوله ، ان حكومته ترى على إسرائيل ان تنتهي عن إعادة احتلال قطاع غزة،
وعليها ان لا تفرض حصار على القطاع او اقتطاع اي جزء منه .
المانيا (بلد العبقريات )، كانط وهيغل وماركس ونيتشه و غوته ونيتشه واينشتاين وفاغنر وبيتهوفن!
هل نسي المستشار الالماني حطام برلين. ألم يتذكر كن كونراد اديناور الذي اغرورقت عيناه، وهو يجمعالركام حراء قصف الحلفاء لبرلين
هذا النفاق المكشوف والدور الذي تلعبه الدول الغربية حيال هذه القضية الانسانية ينم عن تخلي كامل عنالقيم والمبادئ التي ينادي بها ما يسمى العالم الحر .
على امريكا اوربا ان توقف تصدير السلاح والدعم المالي ان ادارت حقاً. ان تساعد في حل القضيةالفلسطينية، وان كانت بالفعل حريصة على حياة الابرياء ، ففي الوقت الذي ادانوا فيه هجوم حماس على“المدنيين ” صمتوا صمت الموتى عن القتل والدمار للاطفال والنساء .
ياله من عار وخزي وقبح يحمله هؤلاء .
ان التراجع الغربي والدعوات الانسانية التي يتباكون فيها على اطفال غزة لم تكن لتأتي لولا وصولهملقناعة تامة ان اطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين ليس ممكناً مالم يتم الوصول الى صيغة حل ، و انهاءحماس على الطريقة الهوليودية ليس بالامر الذي يتصوروه ، وان احتلال غزة والدخول لها وتغيير واقعهاهو امر مستحيل، كما انهم. وصلوا الى قناعة ان استمرار الحرب سيعقد الموقف في الشرق الاوسط. وسيغيرالكثير من المعادلات وان مناسيب الكراهية للغرب سترتفع ، وهذا سيبعثر اوراق التطبيع وسيجعل الانظمةالعربية القريبة منها ستتحاشى اي تعاون او خطوة بينهما ، خوفاً من ردة الفعل الشعبية .
ها هي الاردن والبحرين سحبتا سفيريهما من تل ابيب ، وفعلت فنزويلا وكولمبيا ذات الفعل بطرد السفيرالاسرائيلي ، وكذلك الادانات التي وجهت لها من الدول العربية ، فقد ادان الامير محمد بن سلمان ولي العهدالسعودي في مؤتمر القمة السعودي الافريقي الاعمال الوحشية التي تقوم بها اسرائيل ودعا الى وقفالحرب .
و ما دعا اليه العراق وتركيا وايران وبقية دول العالم .
ان اطالة امد الحرب سيجعل احتمالية توسعتها وارداً وهذا ما تخشاه امريكا والغرب ، فالجميع يعلم ان اشتعال الحرب وتوسع رقعتها ، سيشعل سوق الطاقة ، لاسيما والشتاء قد طرق باب اورباً هذه الايام،وسيندفع مئات الاف من اللاجئين الى اوربا وغيرها .
ان من يعتقد ان التراجع او تغيير المواقف الغربية جاء نتيجة الواقع المأساوي من الناحية الانسانية لغزةفهو واهم ، لكن الواقع وبعد ان تجاوزت الازمة شهرها الاول ، ولم يعد بالامكان تحقيق احلام اسرائيل عادواليعزفوا على الوتر الانساني. وظهر التناقض الفج بين ما هو انساني وبين ما هو عنصري.