الأسبقيات الضائعة / حسين فوزي

الأسبقيات الضائعة / حسين فوزي

حسين فوزي

من الجيد أن تلتفت الحكومة إلى حالة موظفي أدني سلم الرواتب، ومن الجيد أن تكون هناك محاولة لحلالاختناقات المرورية، لكن السؤال ما هي خطوات السلطة، ووزارة تخطيطها، في مواجهة تذبذب الريعالنفطي، وتناقص موارد المياه، والتلوث، فيما تنفق أموال كبيرة على قضايا ثانوية؟ بمعنى هل لدينا خطةللتنمية المستدامة لضمان حياة أفضل في الحاضر والمستقبل؟؟

إن دول العالم عموماً، والعديد من دول منطقتنا بشكل خاص، لديها مشاريع متنوعة لمواجهة ندرة المياه،سواء ببناء السدود أو الارتقاء بأنظمة الري والارشاد الزراعي في اختيار ما هو انسب لمواجهةالغليانالحراريوالجفاف، مع برامج تصنيع واستزراع بعيدة المدى، تنفذ مرحلياً، ضمن طموح التنمية المستدامة.

نحن في العراق، وبسبب مجموعة ضغوط، في مقدمتها سرعة نفاذ صبر المواطنين، والسعي لترجيح كفةالقوى السياسية القابضة على مفاصل الدولة، وعدم الكفاءة العلمية والعملية، والتعاطف مع إيران بشكليفوق حتى تعاطف الإيرانيين أنفسهم مع أنفسهم، كل هذا يقود إلى نفقات كبيرة من موارد الدولة مثلاً لبناءمجسرات المرور الداخلي في بغداد ومحافظات خرى تعاني من الاختناق المروري، بجانب التلكؤ في توفيرمصادر طاقة محليةلا أحد يلتفت إلى الانفاق لحفر الابار وخزن مصادر المياه، لوقف تداعي الإنتاجالزراعي، بضمنه الحيواني وما يترتب عليه من هجرة، والحد من استيراد العديد من المواد الضرورية لمعيشةالعراقيين، أو تطوير طرق المواصلات الخارجية لتسهيل حركة نقل البضائع، ناهيك عن انكسار الصناعةالوطنية أمام هجمة عولمة السلع الرخيصة سيئة المواصفات.

كثر ممن اسهموا بإصلاح اقتصادات بلدانهم عملوا وفق مبدألا تعطي الجائع سمكة يأكلها بل اعطه وسيلةصيد تسد رمقه وتوفر مورداً اضافياً لتلبية احتياجات أخرى..” اين وزارة التخطيط وبقية خبراء الدولة فيمجال الاقتصاد والنقد والمال عن تشخيص ضرورةشد الحزام قليلاًلإحياء مشاريع إنتاجية صناعيةوزراعية، تؤدي إلى خفض أسعار المواد الضرورية، سواء عبر مشاريع القطاعين العام والمختلط، أو تشجيعالمستثمرين المحليين والأجانب على استعادة قدرات إنتاجية ما زال رهط غير قليل من خبرائها على قيدالحياة؟ لكن ضمن شروط لا تبيع العراق لمن يدفع تحت طاولة المفاوضات.

إن سياسة استرضاء المواطنين سواء بتعيينات وظيفية غير منتجة او بضخ المزيد من النقد لن تعني سوىالمزيد من التضخم وتراجع قيمة الدينار وتدني القدرة الشرائية للعائلة العراقية. وهذا كله إن كان بشكل مؤقتيخدم ماسكي مفاصل الدولة في خوض الانتخابات المحلية او النيابية، فهو في الحقيقة تكريس مواردالدولة وممتلكاتها لخدمة مصالح أطراف سياسية من خلال إجراءات تخديرية سيزول مفعولها، كما كانتإجراءات سابقة قبل الاحتلال الأميركي قد أوهمت المواطن بالاستجابة لبعض مطالبه، لكن قيمة الدينارانهارت وورثناها، بجانب أن رواتب المواطن لم تعد تكفي لتغطية أسبوع من احتياجاته المعيشية الضرورية،لولا بطاقة التموين وليدة السياسات الطائشة لحروب عبثية.

إن غياب الأسبقيات تحدٍ كبير تواجهه ليس وزارة التخطيط وحدها، بل هي مسؤولية وطنية كبرى مطلوبتصدي الحكومة لها بشجاعة، فالمواطن العراقي مستعد لشد الحزام كثيراً إن كانت هناك رؤية حقيقيةلإخراج البلاد من الاعتماد على استيراد كل احتياجاته من الجوار وغيره، لإن هذا هو الطريق لتشغيل اياديأجيال الشباب العاطلة عن العمل، وهو الطريق الذي يضمن مسيرة نحو حياة أفضللكن قبول المواطنبأية إجراءات تقشفية بغرض الاستثمار لن يتحقق ما دامت الهوة كبيرة بين رواتب الدرجات الخاصةلمسؤولي الدولة وبقية مدخول الموظفين والمواطنين.

فيما تساهم السلطات البلدية في بغداد وبقية العراق في حرق البلاد أيضاً من خلال سماحها باستخدامالصفائح المعدنية لتغليف المباني، وهي حالة تتعارض مع طبيعة مناخنا الحار، الذي يحتاج إلى الطابوقالبغدادي أو الغلاف الحجري لامتصاص الحرارة.

لكن يبدو أن جمعاً من المسؤولين لا يعي ما تحتاجه البلاد، وربما الاستجابة لوكلاء رأسمال أجنبي لشراءاغلفة البناء المعدنية، شأن الكثير من السلع المستوردة، حيث يعيش العراقيون جحيم الاقتصاد الريعيالأحادي الجانب والصفائح المعدنية لغلاف المباني لتزيد حرارة جهنم التي نعيشها درجات إضافية، وليسامتصاصها كما يفعل الطابوق البغدادي والطابوق الأفقي (الفرش) لتخفيف درجات الحرارة، وهما منتوجانيعمل وكلاء الجوار على وأدهما كما تم وأد العديد من مشاريعنا الصناعية والزراعية المنتجة

(Visited 34 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *