تناولنا في الجزء الاول من المقال، الفترة الزمنية التي
عاشها توماس هوبز وابرز ما حملته من احداث،
وفي هذا الجزء سنركز على مسألة التشابه الظرفي
بين انجلترا )فترة توماس( و المجتمع العراقي في ظل
تعاقب السلطات منذ بداية تاريخه السياسي الحديث.
فلو اخذنا ببديهيات هذه المراحل التي مر بها هوبز
بتلك التي مرت على العراقيين، سنجد ان ثمة تشابه
من حيث متتاليات الفوضى والصراع على النفوذ
وان اتخذ نمط قد يكون مختلفًا فيه من حيث
انه كان في البدء كردود فعل ضد الملكية ومن
ثم تطور فيما بعد هذا النزاع ليتخذ شكل الجموح
العسكري للسيطرة على السلطة، توالت هذه الثنائية
لفترة طويلة بل كادت ان تكون ثابتة في معادلة
الصراع، دون ان ننسى الرفض الشعبي الذي اتخذ
شكل الانتفاضة في التسعينات، وهذه الاضداد كانت
ولاتزال مدعمة بالعنصر الخارجي الذي كان واضحًا
لاسيما في العهد الملكي،وبعد 2003 والذي حمل
سابقة خطيرة تمثلت بانعكاس الصراع السياسي
على المجتمع والذي كان مفتعاً بلمسة نيغربونتيه
خالصة )السفير الامريكي 2004 _ 2005 (، وصولً لتفجر
الاقتتال الاهلي، ومن ثم في خط تصاعدي برز
الصراع السياسي وهذه المرة لم يكن بين سلطة
وجهة اخرى انما كان عراك النواة المشكلة لها)
الاحزاب( فتولد التخبط وعدم الاستقرار ولاننسى
عامل الارهاب الذي يعتاش على هكذا أوضاع، كل
هذه العوامل وغيرها لم يكن ليسلم منها اي مجتمع
خصوصًا مع التجربة الديمقراطية التي من المفترض
ان تنتشل العراقيين من مغبة الاستبداديات الماضية.
فالظروف ساهمت بشكل كبير في تكوين فلسفة
توماس هوبز في السياسة )العقد الاجتماعي( والذي
اعتبر ان الحالة الطبيعية للبشر السابقة لنشوء الدولة
كانت عبارة عن حياة عدوانية أنانية يسودها الشر
والخ….، ولاسبيل لكبح جماح البشر الا بحاكم مستبد
لايستند في حكمه لا على قانون ولا على أساس
تعاليم دينية، بل الاساس الذي يستند اليه هو
العقد الاجتماعي الناجم عن رغبة الافراد بالعيش في
بيئة امنة يسودها الاستقرار
وبالتالي لا يكون هذا الحاكم حتى طرفًا بهذا العقد
وغير ملتزم باي شيء وان كان ظالمًا فعنده ذلك
اهون من حالة التمرد والعصيان التي تولدها حركات
الاحتجاج والثورات والتي يرى بانها تهدد حياة البشر.
وبالرجوع للحالة العراقية فقد تولدت عند الكثير
من عامة الشعب مفاضلة الاستقرار على عملية
المشاركة في اختيار السلطة، نتيجة ايغال الفوضى
والارهاب في معظم مراحل الدولة العراقية الحديثة،
وهذا مايدفعنا للقول بان ذهنية المجتمع والافراد
المشكلين له اذا ما استمرت في العيش ضمن بيئة
غير مستقرة في كافة المجالات، فان من شأن ذلك
ان يدفع بها لكي تنشد اي حلٍ مفضي للخاص،
فحالة الفوضى تؤدي لتأصيل الحالة الهمجية في
نظرة الافراد لبعضهم البعض بل وتمتد لترسيخها
كبنية في طبيعتهم، بشكل يجعلهم يشعرون بان لا
سبيل لتدجينهم سوى بالقوة.
كما ان التعددية العقدية والقومية لمجتمع ما،
لايضبط ايقاعه الا بتوافر ايمان لا مجرد )الوعي(
بفكرة سمو المواطنة دون سواها على ان لايمس
اصل هذه الخصوصيات العقدية، هذا الشعور اهم من
ديمقراطية النظام، ولادليل اقوى من هذه الحالة التي
نعيشها، وفي انعدامه تبرز القوة حاً اوحد.
لذلك نجد باستمرار ان من يتولى الحكم في هكذا
مجتمعات دائمًا ما يركن للصورة التي تحاول أشباع
نفسية الجماهير المتعطشة لرمزية الزعيم القوي، هذا
الامر ادى ويؤدي لان تتضخم المصروفات
توماس هوبز في العراق – 2 –
(Visited 13 times, 1 visits today)