ما نراه من فوضى المواقف الانفعالية التي قد نجدها
مبتورة الإرث العقلاني، فأن الكثير منها قد تجد لها
جذور منطقية في أزمنة مضت،
كانت )الأزمة( السمة الأبرز التي صاحبت السلطات
)على اختلافها( في العراق منذ تأسيسه السياسي
الحديث ) 1920 ….لآن( نتيجة تداخل عدة عوامل ذات
جوهرية خارجية وثانوية مفتعلة داخلية، مما جعل الواقع
المجتمعي يمر في عديد من المطبات التي ضيقت
الحلول السلمية وجعلت القوة حاً أوحد، فمنذ اتخاذ
الدولة شكل المملكة وإلى هذا اليوم، تأطرت الحلول
السياسية في وداي غير ذي سلم، هذا الأمر أدى بطبيعة
الحال لترسيخ بديهيات ذهنية مجتمعية على شاكلة
هذا التأزم .
جميعنا استمع بشكل عابر أو أثناء نقاش عن أُطروحة
)رايدلنا واحد مثل صدام أو واحد قوي يله يكدرلنا(
وهنا تنصرف الإشارة تمامًا كمعنى للحكم المطلق،
ومن اتخاذ المقدمة أعاه كمنطلق لسببية العنوان،
سنبين مالذي جاء بفيلسوف القرن السابع عشر
الإنجليزي توماس هوبز ) 1588 _ 1679 ( إلى هنا.
شب هوبز بفترة زمنية شهدت البدايات الفعلية للحرب
الأهلية الإنجليزية ابتداء بالتضخم الذي حل بأوروبا
للفترة من 1530 إلى 1640 م، والذي ساهم بتقليص
نفقات الملك الباذخ جيمس الأول )أول ملك من ال
ستيوارت( عبر رفض البرلمان منحه مالً إضافيًا، وهذا
ماتكرر مع خلفه تشارلز الأول الذي منع من ضربيتيّ
البرميل والجنيه، وبدون الدخول بالتفاصيل التي جرت
من خال قيامه بإجبار أصحاب الأماك على إقراضه
والخ….، ولاننسى قضية البيوريتان )التطيهريون( ووليم
لود والصراع البروتستانتي، ولايعنينا بهذا الصراع الشكل
الديني بقدر ما هو تدخل الملك تشارلز لجانب وليم لود
الذي لطالما شجعه على التمسك بنظرية الحق المقدس
للملوك، وصولً للتأزم الأخير المتمثل بإجازة البرلمان
للاحتجاج الأعظم على خلفية تمرد الرومان الكاثوليك
في ايرلندا، وما أعقبه من أمر تشارلز بمحاكمة خمس
برلمانيين ورد البرلمان بالرفض، فنشبت الحرب الأهلية
بين أنصار البرلمان وأنصار الملكية.
وقبل إن أعود للعراق ككيان جمعي )دولة( وفردي
كذهنية خاضعة لمختلف التأثيرات،
ومادمنا في صدد وضع مقارنة ضمن السياق
التاريخي فا بد من بيان وجهة نظرنا الخاصة حاليًا
بمسألة هل يعيد التاريخ نفسه؟، فإذا صحت هذه
المقولة فهل تكون هذه الإعادة كلية شاملة أم جزئية
حاسمة؟، أي أن يتكرر حادث ما كليًا أم يقتصر التكرار
على جزئية تشكل جوهر الحدث، وإذا انتفت صحة
هذه المقولة فما هو تفسير التشابه الذي يحصل في
كثير من الأحيان بين حقب تاريخية سابقة وحوادث
في الوقت الحاضر؟،
وبدون الدخول في عراك طرفيّ نزاع هذه المقولة
من الرافضين والمؤيدين، نرى ولو لهذا الوقت
الراهن أو كرؤية أولية، أن التاريخ لايعيد نفسه بالمعنى
المتعارف بقدر ماينطوي الأمر على تشابه البديهيات
المكانية والزمانية في الحقب التاريخية المختلفة، فمثلً
أن بديهية الظالم تقابلها المظلوم، وحتمية أن يعمل
الاحتال على أضعاف البلد المحتل هي ذاتها في كل
الأزمنة، لذلك فأن هذه البديهيات المتعارف عليها
والتي في أغلبها لاتخضع للعامل البيئي المختلف، تكون
متشابهة ولاتعني بأي صورة من الصور أنها إعادة
لحوادث التاريخ.
توماس هوبز في العراق1
(Visited 5 times, 1 visits today)