أسباب الحرائق الكارثية قائمة

حسين فوزي
قبل قرابة عامين، على إثر كارثة مستشفى ابن الخطيب، كتب الناشط السياسي السيد احمد علي إبراهيم، دراسة بعنوان “حادثة مستشفى ابن الخطيب وأفكار عن النظام الصحي”، احتوت تصوراً لسبل منع تكرار كوارث المستشفيات وبقية المباني العامة. استهل دراسته الموجزة قائلاً ” أثارت حادثة مستشفى ابن الخطيب جدلاً واسعاً بين الناس عبروا فيه عن استيائهم وخيبة أملهم وغضبهم مما جرى، وفي حين ان الحدث لم يأتٍ خارج التوقعات لكنه ظهر كما لو انه ندبة قيحية انفجرت، مع أن النظام الصحي يعاني من ندب كثيرة قد لا يطول الوقت على هذا الحدث إلا وتعقبه أحداث أخرى قد تكون أقسى على العراقيين.
وبنى توقعه بناء على “غض نظر” السلطات الصحية والبلدية عن عدم الالتزام بالمواصفات الفنية الملزمة لمواد البناء والتصاميم والأنظمة السائدة في المؤسسات العامة، أو جهلها لعدم الاختصاص، بالأخص المستشفيات والمدارس والقاعات، التي تفتقر لأبسط مستلزمات السلامة.
واستخلص ان الحرائق التي شهدها العراق في عدة مدن لن تكون الأخيرة، وتوقع المزيد من الحرائق بسبب:
1. استعمال مواد قابلة للاشتعال وبدون ابسط مقومات الصيانة، في بيئة جهنمية تساعد على التماس الكهربائي وسرعة الاشتعال.
2. عدم وجود إدارات للمؤسسات واعية لمسؤولياتها، ليس في ضبط الحضور والغياب، إنما الوعي بالأخطار المتفاقمة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتهالك المباني، بالأخص المصنوعة من المواد المضغوطة (ساندويتش بنل).
3. اختزال الأجراءات الأمنية لسلامة المنشآت، بالأخص الطبية والدراسية، بغلق المنافذ، والاكتفاء بمنفذ واحد للدخول والخروج، مما يفاقم الأضرار بالأرواح في حالة حدوث أي طارئ.
4. عدم التزام الدوائر المعنية بالمواصفات الفنية للمباني، والسماح بإقامة مبانٍ بمواد سريعة الاشتعال.
5. تدخل أطراف سياسية مسلحة لفرض ترخيص المباني المخالفة للمواصفات الفنية، وأحياناً دعمها لإقامة مبانٍ مخالفة بدون حتى ترخيص متجاوز للمواصفات.
وتؤكد المعلومات الموثقة أن هناك أكثر من 37000 بناية عامة وخاصة للخدمات مخالفة كل المواصفات الفنية.
إن هذه الحالة تنبأنا مع الأسف الشديد بأن ما تعرض له أهلنا في الحمدانية، لن يكون الأخير، بل المؤشرات تؤكد وجود أكثر من 37 الف حريق متوقع خلال السنوات المقبلة.
وعن الموضوع ذاته يقول المهندس حسام الغلاي ” قبل أشهر اقيمت في دائرة صحة الكرخ ندوة تخص تقنيات البناء الحديث، بعدها عقد اجتماع مع القسم الهندسي، وكان الاندفاع والهمة عاليين في تبديل العيادات الكرفانية بطرق بناء حديثة، عازلة للحرارة لا تنهار بالحريق وتقاوم الزلازل ولا تنمي الفطريات والبكتريا على جدرانها، لكن لم يثمر الاجتماع شيئاً عملياً، وعندما سألت فيما بعد قالوا لي اكتفوا بمعالجة العيادات الكرفانية بطلاء حراري وانتهى الموضوع. وكان المؤمل تشكيل لجنة وزارية لدراسة إعادة بناء العيادات الكرفانية بطرق حديثة. ”

والشيء المؤسف هو أن بعض مقبلي اكتاف السلاطين ووعاظهم يتحدثون عن المنجزات الوهمية على الورق، لكنهم لا يخوضون في المشاكل الشاخصة أمام مرأى الجميع، أو تلك المرتقبة في قريب قادم الأيام.
إن ما طرحه الناشط السياسي احمد علي إبراهيم ومعه نخبة من المعنيين تجسيد للشعور بالمسؤولية إزاء سلامة المواطنين، وفي الوقت نفسه نداء مخلص للمعنيين في معالجة ملامح “حرق المواطنين وتشتيت الوطن”.
يظل السؤال هل هناك من يسمع، هل هناك من يكترث؟ أم أن البعض سادر في اكتناز العملات الصعبة والعقارات في زمن يشوى المواطن بحر جهنم ونار حرائق الفاسدين والاتباع بحماية مسلحين؟؟؟
واقترح إعادة نشر الدراسة في هذا المكان.


مشاركة المقال :