محمد عبد الجبار الشبوط
اخترع الانسان الانتخابات لتكون الية لتداول السلطة سلميا ودوريا، اي لتكون وسيلةلتبديل الحكومة بدون اللجوء الى القتال.
وهذا تطور مهم في الفكر السياسي البشري لم يكن قد وصل اليه المسلمون بعد وفاةالرسول محمد مثلا، فاحتاجوا الى القيام بثورة لحمل الخليفة عثمان بن عفان علىالاستقالة، ولما رفض قتلوه. ولو كانت الخلافة محددة بمدة زمنية لكان بامكان المسلمينالانتظار لحين انتهاء فترة ولايته ثم انتخاب خليفة جديد يتولى الحكم لفترة زمنية محددةدستوريا.
اقر الدستور العراقي هذه الالية، ونص على اجراء الانتخابات التشريعية كل اربع سنواتومنها يتفرع انتخاب رئيس البرلمان ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء.
لكن هذه الالية اصيبت بالشلل والعوق بسبب نقاط الخلل او العيوب التأسيسية فيالنظام السياسي، وبسبب سوء اداء الفاعلين السياسيين المتحكمين بالمشهد السياسي منجهة ثانية. وللتوضيح اقول يوجد لدينا ٨–١٠ رجال يمسكون بازمة المشهد السياسي،ومن خصائصهم انهم لا يؤمنون بالديمقراطية، ولا يفهمون الديمقراطية.
مضت ستة اشهر على الانتخابات، وعجلة الدولة السياسية متوقفة، بل “عطلانة“،والنتيجة ما يلي:
اولا، بقاء الأشخاص المذكورين في مواقع التحكم بالعملية السياسية وتعطيل الدولة،فاضافوا “عيوب الاداء” الى “عيوب التأسيس“. واهم عيوبهم انهم لا يحترمون التوقيتاتالدستورية.
ثانيا، نواب متعطلون عن العمل رغم صلاحياتهم الدستورية الواسعة، لانهم في الحقيقةليسوا نواب الشعب وانما ادوات وبيادق شطرنج بيد الاشخاص المذكورين في الفقرةالاولى. لا قيمة لمجلس النواب اذا لم يتفق العشرة، والعشرة غير متفقين.
ثالثا، شعب مشغول بما هو اهم من الديمقراطية والتوقيتات الدستورية وتشكيلالحكومة، وهو لقمة العيش، التي تصيب المجتمع المشغول بها بمرض السلبية واللااباليةازاء ما يجري في البلد. الشعب يعاني الان من نتائج تغيير سعر الدينار، و الغلاء،والبطالة، والعواصف الترابية، والازمات المفتعلة، والحكومة منتهية الصلاحية.
تحققت الكثير من الامور الايجابية بعد سقوط النظام الدكتاتوري في ٩ نيسان من عام٢٠٠٣، لكن عيوب التأسيس وسوء الاداء مثل كورونا الذي يفقد المريض القدرة على تذوقالاطعمة اللذيذة وشم الروائح العطرة فلم يعد بمقدور الشعب تذوق طعم الحرية ولا شمرائحتها.
لا يحيا الانسان بالخبز وحده، لكن ماذا يفعل بالحرية اذا كان غير قادر على توفير الخبز.
الناس يطالبون بالحل. وانا اقول ان الحل لا يأتي من طرف الذين صنعوا المشكلة. فمن كانجزءاً من المشكلة لا يستطيع تكوينيا ان يكون جزءاً من الحل!