نهر اعمى … تغريد المعموري

نهر اعمى … تغريد المعموري

تغريد المعموري
وسط تلك الغابة اليافعة التي يملؤها الحب والتناغم بين مكوناتها المختلفة كان هناك نهرا يافعا يكسو الارض ويمتد بها ويعطي الحياة لكل شيء حوله.. نهرا متقد مشتعل منحدر من أعلى الجبال يفترش السهول والهضاب والوديان ليصل الى غابتنا الجميله التي طاف بها الجمال من كل جوانبها ولم يترك مجالا للقباحةِ في ثناياها ..يمشي بخطى نحو اراضيه ليصل الى مبتغاه بحيرة كبيرة يأتي اليها كل العشاق والمحبين ليأنسو بقربها وينشدو اجمل قصائد الحب على مسامع ساكنيها من الذوات التي تراهم الاعين والمستترين خلف الاحراش خوفا من ان يلمحهم كائن ليس من جنسهم …لم تكن مجرد بحيرة بل هي ملتقى العاشقين امتزجت ارواحهم ليصوغو اجمل اللوحات الربانيه وكانا سعيدين معا فالنهر دائما يأتي لمحبوبته لينام بين احضانها ليلا وتسعد وتأنس بيه بحيرتهِ العذبه ..لكن عنفوان الشباب ما زال يطرق باب بطلنا اليافع الذي مازال يحلم ان يرى عالما جديد ليزهر في مكانا اخر طلبا للمجد ترفعا للعلى فاخذته العزة بالاثم واخذ يبحث عن ارضا جديدة جاب الصحاري لعل الرمال تسمح له لكن اقدار الكون ابت ان تسعفه وجاب الغابات السبع التي كونته منذ الازل ولم يجد له ملجأ بينها…تعب وهو يبحث في ثنايا الأرواح المتناثرة ولم يجد له سبيل غير الرجوع الى محبوبته لعلها تكون في انتظاره .. فأخذ يلملم بقاياه المتبقيه بعد ان انهكهُ الطريق العثر وازاحت عنه الطرقات شبابه المندثر ولم يرى انعكاس وجهه في مرايا صفحاته المتقلبه ولم يدرك ان الوقت قد مر وهو يبحث ولم يجد وجههُ بين طيات العصور ولم يكن يعلم ما حل بمعشوقته التي بارح رحاب اراضيها دون وداع او تبرير وحين حطت اطرافه المتداعيه اراضيها توقف وهو يتعثر ويتلعثم من وهل الصورة لم تعد بحيرته في مكانها ولا توجد اشجار عاليه تصل اعنان اسماء ولم يعد العشاق يلتقون على اطراف بحيرته التي رحلت دون سابق انذار بقى صامتا ولعله سيبقى هكذا الى الابد فرت دموعه التي كان يواسي بيها وحدته اثناء ترحاله ..ولم يتجرأ على السؤال اين محبوبتي ..الم اكن انا من هجرها دون مبرر يال وقاحتي التي ارميها بوجه الدنيا وانتظر ان تأتي الصفعه لي ولكنها لم ترد ولم تثلج قلبه بل تركته حائرا هائما يبحث عن دموع العشاق لعلها تحُي ما مات فيه ..وبقى وحيدا ينتظر يتأمل لعل اماله تصل الى من يناجيه في وحدته حتى ذبل ولم يعد يستطيع الحراك اكثر وتراكمت بين أضلاعه بقايا القلوب الضائعة التي ترتجي الوصال …اعذارنا لا تبرر اخطائنا نحن كالانهار قد نكون مصدر سعادة دون ان نعلم وقد نكون مصدر حياة لحياة اخرى فلو نظرنا الى كوننا لفهمنا ان كل شي له غاية وغايتنا هي مصدر السعادة لو ادركناها فلا تكونو كالنهر الاعمى الذي اضاع اراضيه ومحبوبته بتغطرس التعلق بالوهم …

(Visited 7 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *