د احمد عدنان الميالي
بعد استقالة الكتلة الصدرية من مجلس النواب العراقي واداء النواب البدلاء اليمين الدستورية ، وبحضور ٢٠٢ نائب من مختلف الكتل والمكونات السياسية دخل العراق مرحلة سياسية جديدة يمكن القول عنها انها ايجابية يمثلها وجود شبه اجماع نيابي على المضي بالعملية السياسية وفقا للاستحقاقات الدستورية بدءً من حسم هوية الكتلة الاكبر وحقها في تسمية مرشحها للحكومة، مرورا بغياب التشنجات السياسية بين الاطراف الكردية والسنية وتصريح القوى السياسية الشيعية بدعوتها نحو حكومة شراكة وتوافق سياسي.
عكست اجواء جلسة البرلمان يوم الخميس هذه الايجابية التي تغلبت فيها هذه القوى على خلافاتها وصراعاتها السابقة وتجاوزت عن التصريحات والاتهامات المتبادلة.
التيار الصدري وان لم يعلن عن الموقف من هذه الاجواء لغاية الان رسميا الا ان المتوقع ان لايتدخل ولا يعارض استكمال الاجراءات الدستورية خاصة اذا ماطرح مرشح غير استفزازي للتيار لرئاسة الحكومة ويحظى بمقبولية وطنية عامة لدى الكتل السياسية، وتسود عملية تشكيل الحكومة وفقا لخيارات توافقية من حيث طريقة التكليف والتشكيل وطرح اسماء غير حزبية بشكل مباشر وتابع للاحزاب المشاركة، يساند هذا المسار الوطني داخليا مسار خارجي اقليمي دولي يؤشر امكانية دعم الاستقرار السياسي في العراق بما يسمح لبناء الدولة والمؤسسات وتقديم الخدمات للمواطنين، فالحراك الاقليمي ومسار التفاعلات الدولية لها انعكاسات ايجابية على الواقع السياسي في العراق.
فقط يحتاج البلد ان يستثمر قادته هذه الفرص الماثلة امامهم للبدء بعملية الاصلاح والتغيير وتغليب المصلحة الوطنية في هذه المرحلة على المصالح الفئوية لمواجهة التحديات والعقبات، ويتمثل هذا بالحفاظ على استقرار البلد وعدم اعطاء الفرصة للاجندات المضادة الداخلية والخارجية لتمرير ماتريده سلبيا في العراق نحو تقسيمه وتفتيته .
مايعارض ويتقاطع مع هذا السيناريو وهذا المسار الايجابي ، هو التوجه صوب المحاصصة واستئناف الفساد السياسي والمالي وتغليب المصالح الحزبية على مصالح المواطنين. والاستمرار بخرق الدستور والنظام العام من اجل اضاعة اللحظات الايجابية التي يمر بها البلد الان، او الاستمرار بحالة الانسداد والشلل والعناد السياسي، وهذا المشهد غير مستبعد في ظل وجود تغيير في المعادلة السياسية واختلاف التوازنات والحسابات للقوى الفائزة والخاسرة والمستفيدة من خطوة انسحاب الكتلة الصدرية، وتصاعد الوزن النيابي للمستقلين، وتعدد قادة وقوى الاطار التنسيقي، وحسم منصب رئيس الجمهورية، ونصاب الثلثين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الذي فرح به المعطلون سابقاً.
ستكون هنالك عقبات وتحديات مباشرة امام استثمار هذه اللحظات الايجابية امام قادة البلد.
التعويل الان على حكمة قادة وزعماء البلد ، السيد الصدر، السيد الحلبوسي، السيد المالكي، والسيد البارزاني، والسيد هادي العامري، والنواب المستقلين، يقع على عاتق هؤلاء حميعا مسؤولية تأريخية في تحقيق منجز ايجابي في العملية السياسية لم تتوافر حيثياته امام قادة البلد وساساته منذ عام ٢٠٠٣ ولغاية يوم الخميس.
سيثمن العراقيون اذا مادخل البلد هذا المسار الايجابي جهود السيد الصدر والسيد الحلبوسي والسيد البارزاني في طريقة تعاملهم وادارتهم للازمة كلاً حسب رؤيته وموقعه، فسيثبتون انهم قادة بناء لا قادة صراع يتطلع جمهورهم لمنجز يحسب لهم في تحقيق اصلاح وتغيير طال انتظاره.
العراق نحو مرحلة سياسية جديدة / د. احمد عدنان الميالي
(Visited 1 times, 1 visits today)