وسام رشيد
مع زيادة معدلات الجرائم نتيجة المخدرات زادت معها المطالبات ان تاخذ المؤسسة الدينية والمرجعيات في النجف على وجه الخصوص موقفاً حازماً لتحريم الاتجار وتناول المخدرات بكل صنوفها الزراعية والكيميائية، لكن هذه المطالب دائماً ما تواجه بتساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي الاكثر تفاعلاً، عن تأخر رجال الدين في اعلان الحرب على المخدرات بخطاب مباشر وصريح تماماً كما فعلت المرجعية الدينية مع خطر د1عش وفتوى الجهاد لما تمثله المخدرات من تأثيرات كارثية على مجمل المنظومة الحياتية في العراق.
وللوقوف على حقيقة الدور المحدود او الواسع لمؤسسات الدين في العراق بهذا الملف حاولنا تبيان بعض الحقائق عبر الاطلاع على سلسلة من الحجج الشرعية ذات العلاقة المباشرة مع حرمة أو عدم حرم المخدرات، لعدد من الشخصيات الدينية المتصدرة للإفتاء او رجال دين مقربين من المراجع والباحثين في شؤون الفقه والشريعة.
في الجزء السابع من كتاب ما وراء الفقه يعلل السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر عدم وجود حملة تحريم مركزة ومباشرة للمخدرات كما في المسكرات لان الاحكام الشرعية تأتي جواباً على أسئلة الناس الى المعصومين، وطالما ان المخدرات لم تكن معروفة آنذاك فلم تجد نصاً مباشراً للتحريم، لكنه يدلل على الحرمة من خلال عدة ادلة منها قياس المسكر على المخدرات، والعقلانية في ترك المخدرات، ويشدد على الدليل الثالث وهو تحريم الضرر الذي يسببه التعاطي، وحرمة التهلكة من جراء ذلك، كما ويذكر أهمية التشافي من الادمان، ومن ذلك نستخلص ان الحرمة جائت بشكل مباشر.
وفي مقطع مصور للسيد كمال الحيدي “رجل الدين الشيعي المعروف والمقيم في قم-ايران” يقول :
ان جمهور الفقهاء يحرِّمون المسكرات السائلة لا الجامدة، لكنها من أكبر المحرمات عندما تأخذ بعداً إجتماعياً جماعياً، وعند اصدار قانون يُجرِم إشاعتها.
يحتوي الموقع الرسمي للسيد علي الحسيني السيستاني على عشرات الاستفتاءات الخاصة بحرمة المخدرات واثرها الاجتماعي السلبي على مستقبل البلاد، وحرمة المال المكتسب جراء الاتجار بصنوفها المعرفة، اذ يصفها المرجع بانها اموال “سحت” وينبغي التخلص منها، وهي عبئ على جانبها بأي طريقةٍ كانت طالما ساهمت بالترويج او نقل او بيع هذه المواد التي تؤدي الى الضرر وتخالف القانون المتفق عليه.
رجل الدين المعروف رحيم ابو رغيف وفي تصريح خاص لصالح المُستقل يجيب عن السؤال التالي:
تعتقدون ان المؤسسة الدينية معنية في تبني مواقف اكثر حازماً لمكافحة المخدرات..؟
أجاب بأن هذا السؤال اشكالي، ولكن
تعاطي المخدرات والاتجار حرام بكل تاكيد، نعم وجاءت عبارة التحريم عند بعض الفقهاء متعلقة ومتوقفة على الضرر وهذا فيه اشكال
لابل يتعين التشديد والتاكيد على حرمتها
خصوصا عند ملاحظة الضرر اولا وبالذات وما يترتب عليها من اثار، تستلزم منا موقفاً فتوائياً دينياً حازماً وصارما، وأؤكد يلزم منا الالتفات الى خطورة ذلك على الفرد والاسرة والمجتمع.
من خلال متابعتي فان الكثير من رجال الدين في النجف يودون الحديث مباشرة حول هذا الموضوع لاسباب لازلت غير قادر على فهمها، ولكنهم يجمعون في مجالسهم ان سمحت لهم الفرصة على تحريم التناول والاتجار لانها تسبب اضراراً جسيمة للمجتمع وهو تحريم قطعي لا يتطلب المزيد من الافتاء، بقدر ما هو بحاجة الى تفعيل صوت المنابر والمنصات الدينية الاخرى وهي كثيرة للتشديد على حرمة التعاطي والتغافل عن هذه الآفة التي تهتك بالمجتمع، بل وتستخدم كوسيلة حرب ضد ابناء مجتمعاتنا التي تعاني من كثيراً على جميع الاصعدة الخدمية والامنية وتعاني من نظام لا يستطيع السيطرة بشكل كامل على منافذ التوزيع لهذه السموم التي تنخر جسد المجتمع.
ولعلنا في ذلك نثير سؤالاً عما اذا كان هناك أهمية لتفعيل دور رجال الدين في المحافل العامة لتعضد دور المجتمع المدني مع أجهزة الدولة في مجتمع مطيع للفتوى، ويتجاوب مع الرؤية الدينية لتفسير النصوص، ليتعالى صوتهم مع صوت من يحرس على سلامة ومستقبل العراق قولاً وفعلاً.