محمد عبد الجبار الشبوط
لفت نظري تصريح لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني قال فيه: “ان الحكومة بصدد مراجعة شكلالعلاقة مع التحالف الدولي في ضوء جهوزية القوات الامنية العراقية “.
ذكرني هذا التصريح بضرورة ان تكون للدولة رؤية ستراتيجية تحدد بموجبها علاقاتها وتحالفتها الدوليةالضامنة لمصالحها الحيوية.
وليس في علمي ان الدولة العراقية تملك مثل هذه الرؤية. وسبق لي ان اقترحت على احد رؤساء الوزراءالسابقين ان يشكل لجنة من المتخصصين في مختلف المجالات ليكتبوا ستراتيجية الدولة العراقية على غرارما كتبه وزير الخارجية التركي الاسبق احمد اوغلو في كتابه “العمق الستراتيجي” (صدر باللغة التركية عام٢٠٠١ وصدرت ترجمته العربية عام ٢٠١٠). لكنه، اي رئيس الوزراء العراقي الاسبق، اهمل هذا الاقتراح منبين عدد اخر من الاقتراحات التي اهملها ايضا.
من المهم بالنسبة للدولة، اية دولة، ان تكون لديها رؤية استراتيجية شاملة لعلاقات الدولة الدولية، تكون دليلامرشد للحكومات. ومن الأسباب التي تحتم هذه الاهمية:
1. تعزيز الأهداف الوطنية: تساعد الاستراتيجية الدولية في توجيه الدولة نحو تحقيق أهدافها الوطنية فيالمجتمع الدولي. وهذا يشمل تعزيز قيم الدولة وحماية مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية.
2. تعزيز العلاقات الدولية: يمكن أن تساعد الاستراتيجية الدولية في بناء علاقات أفضل وأكثر تفاعلًا معالدول الأخرى. تحديد الأولويات وتوجيه الجهود بشكل استراتيجي يمكن أن يساعد في تعزيز التعاونالثنائي والتعاون الدولي في المجالات المختلفة مثل الاقتصاد والأمن والثقافة والتجارة.
3. حماية الأمن القومي: تساعد الاستراتيجية الدولية في تحديد التهديدات والفرص التي تواجه الدولة علىالمستوى الدولي. وبناءً على ذلك، يمكن للدولة تنفيذ سياسات وإجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها،سواء عبر التحالفات الدفاعية أو العمل الجماعي لمكافحة التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والجريمةالمنظمة والتغيرات المناخية.
4. تحقيق التأثير العالمي: إن وجود استراتيجية دبلوماسية قوية يمكن أن يساعد الدولة على تعزيز تأثيرهافي الساحة الدولية والمشاركة بفعالية في صنع القرارات الدولية. تنسق الأهداف والرسائل والمصالح معشركائها الدوليين يمكن أن يعزز مكانة الدولة ويضمن وجودها في المحادثات والمفاوضات الدولية.
ومن الطبيعي ان اذكر انه عند وضع استراتيجية علاقات دولية، فان هناك عددا من العوامل التي يجبمراعاتها، منها:
1. التحليل الشامل: يجب أن تستند الاستراتيجية إلى تحليل شامل للوضع الدولي والعلاقات الدوليةالقائمة. يتضمن ذلك فهم القوى السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية المؤثرة في الساحة الدولية. يجبأن يشمل التحليل أيضًا تحليل للتحديات والفرص المتاحة.
2. تحديد الأهداف الاستراتيجية: يجب أن تحدد الاستراتيجية الأهداف الاستراتيجية المحددة التي ترغبالدولة في تحقيقها في العلاقات الدولية. تشمل الأهداف قضايا مثل الأمن القومي والتجارة الدولية وحقوقالإنسان والتنمية المستدامة.
3. المرونة والتكيف: تتصف العلاقات الدولية بالتغير المستمر والمعقد. لذا، يجب أن تتضمن الاستراتيجيةمرونة وقدرة على التكيف مع التحولات المفاجئة في الوضع الدولي. يمكن أن تستجيب الاستراتيجيةللظروف المتغيرة وتعدلها وفقًا للاحتياجات والتطورات الجديدة.
4. الواقعية: يجب أن تكون الاستراتيجية واقعية وقابلة للتنفيذ. يتعين أن تأخذ في الاعتبار قدرات الدولةومواردها وقيودها. يجب أن تتوافق الأهداف والخطط مع الواقعية والقدرة على تنفيذها.
5. التعاون والتحالفات: يجب أن تأخذ الاستراتيجية في الاعتبار أهمية التعاون والشراكات الدولية. يمكن أنتشمل ذلك التحالفات العسكرية والاتفاقيات التجارية والتعاون في مجالات محددة. يسهم التعاون في تعزيزالقدرة على تحقيق الأهداف الاستراتيجية وتعزيز تأثير الدولة في العالم.
6. الاتصال الجيد: يجب أن تتضمن الاستراتيجية استراتيجية اتصال فعالة. يجب أن يتم التواصل وتبادلالرسائل مع الشركاء والفاعلين في الساحة الدولية بشكل منتظم وفعال. يساعد الاتصال الجيد على بناءالثقة وفهم توجهات الآخرين وتحقيق التوافق المشترك.
هذه بعض العوامل التي يجب مراعاتها عند وضع استراتيجية علاقات دولية. يجب أن تتماشىالاستراتيجية مع الأهداف والقدرات والقيود المحلية وتحديات وفرص العالم الدولي.
و باختصار، فإن وجود رؤية استراتيجية شاملة لعلاقات الدولة الدولية يعزز قدرتها على تحقيق أهدافهاوتعزيز أمنها ورفاهية شعبها. هذا يتطلب استراتيجية واضحة واستعداد للتكيف مع التحديات وفهمتوجهات العالم وبناء التحالفات المؤثرة.