حسين فوزي
أثمر لقاء السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بصانعي الأدوية العراقيين، سواء رابطة صناعة الأدوية أو المستقلين عنها، جملة إجراءات قيمة، في مقدمتها خفض الرسوم الجمركية العالية على المواد الأولية لصناعة الأدوية، بينما كانت تستحصل رسوم منخفضة على المواد المصنعة.
وأصدرت رئاسة مجلس الوزراء توجيهات قيمة اخرى لدعم توطين الدواء، ما أدى بحسب رئيس رابطة مصنعي الدواء العراقيين الصيدلاني أحمد علي إبراهيم “إن تسهيلات السوداني وتوجيهاته أدت إلى تصاعد نسبة إنتاج الدواء المصنع في العراق 15%، وتصاعد استهلاك ما صنع في العراق بنسبة 12% من حيث القيمة، و45% من حيث الكمية، وهو انجاز مهم لمجلس الوزراء ورئيسه السوداني.”
لكن اللقاء الطويل مع السوداني لم يستوعب العديد من القضايا المهمة الأخرى، وفي مقدمة هذه القضايا مسألة التوقيع الحي للملحقية التجارية العراقية في بلد المنشأ، فالتوقيع الحي في زمن الاتصالات لم يعد قضية واردة، ودول العالم تعتمد النسخة المنقولة عبر وسائط الاتصال. كما أن التوقيع الحي للملحقية التجارية كلفته 600 دولار على كل شحنة، وهو أمر يكون مقبولاً عندما تكون المادة المستوردة بقيمة تتخطى الـ 10000 دولار، لكن مصنعي الأدوية يحتاجون مواداً لا تتجاوز قيمتها 1500 دولار احياناً لإجراء تجارب مختبرية لإنتاج مواد طبية، ويبدو واضحاً ثقل الكلفة العالية للتوقيع الحي على مثل هذه المواد، مما يعني اثقال المصنع الوطني العراقي بتكاليف باهظة مقارنة بقيمة المستورد، مما يرفع كلفة إنتاج الدواء العراقي، فيضعف قدرته على منافسة منتجات الدواء الأجنبية.
إن مراجعة شاملة لقانون الجمارك وبقية رسوم الجهات الأخرى مسألة ملحة ينبغي تبنيها من وزارة التخطيط بالتعاون مع كل الوزارات المعنية، بقصد فسح أوسع المجال لـ “صنع في العراق”. مع ضرورة تعزيز خطوات الحوكمة الالكترونية لمنع الفساد في المنافذ الحدودية.
وفي مجال آخر، ففيما تدعو السلطات المعنية المواطنين إلى التخلي عن اكتناز أموالهم في البيوت، والتوجه إلى إيداعها في المصارف، من اجل توفير سيولة نقدية لإسناد المشاريع الجديدة، فأن ممارسات المصارف تثير الدهشة، فمثلاً عاد مصرف الرافدين إلى إلزام مودع حساب التوفير بتحريك حسابه كل ثلاثة اشهر بدلاً من سنة، بعكسه تفرض عليه غرامة لا تقل عن 15000 دينار، مما يعني أن الإيداع لدى المصرف يتحول إلى عبء على المواطن، بالأخص المزارعين ،فهم سيفضلون اكتناز نقودهم في “فريزرات” معزولة عن الكهرباء!؟
عالماً عندما تودع لست مطالباً بتحريك حسابك، فوديعتك محفوظة لك طيلة حياتك، وهي إرث عائلتك من بعدك، بدون قيود التحريك التي نفرضها ونريد من المواطن نقل أمواله من “الفريزر الأفقي” إلى المصرف.
إن رعاية رئيس مجلس الوزراء لعمل وزارة التخطيط وكل المعنيين في مراجعة القوانين والتعليمات والضوابط المتعلقة بحماية المنتج الوطني وتشجيعه وجذب مدخرات المواطنين لتتحول إلى ودائع مصرفية، عملية مترابطة ضمن حزمة وطنية أوسع توفر البيئة والوسائل الكفيلة بنهضة وطنية نحو التحرر من الاقتصاد أحادي الجانب الذي كان، وسيظل، عاملاً رئيساً من عوامل عدم الاستقرار الاجتماعي – السياسي وتدني المستوى المعيشي للمواطنين.