فضفضة على قمة الجبل / دارين السماوي

دارين  السماوي  / كاتب تونسية

صديقي قد تعصف بك الحياة في أية لحظة و قد تغلق دونك الأبواب. قد ترتفع أمامك الصعاب كالأمواجالعاتية حائلة بينك و بين بلوغ أهداف، قد تصعب حياتك عليك لدرجة أنّ أبسط الأشياء تصبح منالمستحيلات،

حتى انك قد ترى مستحيلا ما يراه الآخرون أبسط من ممكن ليس لضعف فيك و لا لقلة طموحك، بل لأنكتواجه ما لا يواجهه الآخرون.

أنت تعيش دوامة لا يعلمها إلاّ الله، بالرغم من أنه قد يتراءى للبعض بأنّ حياتك جميلة مستقرة لا تشوبهاشائبة و الأدهى من ذلك أنه قد يحسدك الكثير لما لديك و لا يعلمون بأنك تصارع من أجل أن تحقق أبسطالأشياء و تتساءل ألف مرة لماذا أنا؟ لماذا تتعقد حياتي في كل مرة أريد أن أفعل شيئا؟ لماذا تواجهننيالعثرات و يزرع في طريقي الشوك و تدق في طريقي الأوتاد و كأنّني مذنب كبير أو كأنّني أسوء شخصعلى هذا الكوكب؟

قد يعتصر قلبك ألما و حزنا و أنت ترى غيرك من أصحاب العقول البسيطة و المستويات العلمية الدنيا  يتمرغون في حسن الحظ و تأتيهم الفرص راكعة  بينما أنت تتجرّع في كل خطوة مرارة حظك العاثر و قساوةمطبات الطريق و عسر ولادة أمورك المعطلة ؟   

ربما تنظر لنفسك في المرآة و تتساءل من هذا الشخص الملعون؟ و أيّة لعنة تلاحقه؟ و لماذا؟ و إلى متى؟ و منأين المفرّ؟

ربما تنظر لنفسك نظرة لوم و عتاب و كره مع أنّك شخص لم تكن يوما سيئا.

و لكن هل ستبقى هكذا يا صديقي؟ هل هذا هو قدرك و كأنّك وسط لعبة الكترونية كل المطلوب منك أنتتخطّى العثرات واحدة تلو الأخرى لتفشل قبل الوصول إلى الهدف؟

هل هذا السيناريو سيستمرّ إلى ما لا نهاية؟ هل ستستسلم؟ هل سترضى؟

عن نفسي أحسّ بك و أشدّ على يدك و أقول لك بأنّك لم تكن يوما ضعيفا و لم تكن يوما فاشلا، العثرات التيواجهتها أنت و العقبات التي تحدّيتها و الأحزان التي تجرّعتها و الدموع التي ذرفتها لا يتحملها إلاّ الأقوياءو الأذكياء و الصابرين المحتسبين.

أعلم جيّدا أنّ ما تعيشه أكبر من طاقتك، أعلم جيّدا أنّك حاولت مرارا و تكرارا و في كل مرّة تجد نفسك فينقطة الصفر           و كأنّك لم تبذل يوما مجهودا.

هل ترى بأنّك فاشل و صفر؟ هل ترى بأنّك لم تنجز يوما شيئا ذا قيمة؟

لقد أنجزت يا صديقي و أنجزت الكثير إن لم يكن بالنتيجة فبالسعي، لقد سعيت كثيرا لقد تحدّيت و حاولتو واجهت         و جابهت، لقد كنت قويّا دائما حتى في أعمق لحظات ضعفك كنت قويّا جدّا، حتى و إن أبتالظروف أن تعطيك ما تتمنّى في الوقت الحالي لكنّك كنت أكثر الناس سعيا و سعيك سوف يرى يوما و هذاوعد إلهيّ لا شك فيه و لا رجعة. لا تجزع أيها الجبل! أجل انت جبل.. جبل من الصبر و الجلد و التحمل، تقفبكل شجاعة وسط عواصف الحياة، قد تتعب لكنك لن تسقط و سوف يثبت الله أوتادك َ و تشرق الشمس علىقمتك و يزهر سفحك.. لا تجزع ففرجك قريب و فرحك قادم فقط اثبت يا صديقي الجبل و أحسن الظن بالله وحكمته و ترتيبه لأمرك ..أثبت في وجه العواصف العابرة و كن كما أنت دائما جبلا شامخا  تتكسر المصاعبعلى  قمته.. جبل راسيا لايهن و لا يحزن أبدا .


مشاركة المقال :