احمد جبار غرب
في كل اعوامه المثقلة بالهموم والنواح على ماضي عابر وحاضر عاسر كان يعاني كثيرا وتعرض للظلم المزدوج،ظلم السلطات التي لاحقته وظلم المجتمع الذي لم يعطيه استحقاقه ..اعدم النظام السابق شقيقه بسبب الانتماء السياسي و جراء أوضاع سياسية غير مستقرة ..شاعرنا الكبير احمد مطر كان يحاكي الاجيال عبر جبال المعاناة التي تجثم على شعوب المنطقة من تسويق شخصية هلامية خارقة تحت مسمى البطل هذه الكاريزما كانت حلما يراود كل القوى والشخصيات السياسية التي لاتخطيء وانعكس ذلك على الاوطان فبقيت قياساتنا منقوصة اي نبني امال وأهداف خارج قدرتنا وهذا ما عكسه شعر احمد مطر اذا سجل كل سلوكيات الانظمة افرادا وجماعات واستخدامها على شكل لافتة مثيرة للاهتمام ومقززة للسياسيين فيها القيمة كاملة رغم اختزالها لكنها كانت موجعة ومؤثرة في الواقع العربي ببساطة هو شعر السهل الممتنع الذي يفهم دون عناء ولكل الفئات وكان أمامه طريقان اما ان يختار الرفاهية والعيش الرغيد في ظل الانظمة المستبدة مقابل ان يصمت او ينغمس في رحاب الحرير وفضائات الأجواء السياسية المنعمة او ان يكون مبدئيا كإنسان ويتماهى مع أحوال شعبه ويكون صادقا مع مبادئه بالوقوف معهم والتعبير عن تطلعاتهم برفض الحكام وفضحهم ليس بالرصاص والجعجعة وانما بالكلمات النبال الخارقة لروح المسنبدين المؤرقة لطمأنينتهم ..هذا الفارس العظيم لا أحد يتذكره او يعلم عنه شيئا فقد غادر العراق جزعا مما كان يجري ليس هروبا بل استعدادا لمواجهة أعظم و منازلة سيكون الطغاة لاريب هم الخاسرين فيها .. ذهب للكويت بعد أن وجد ثقب لحريته يطل من خلاله الى العالم و يسمح له بنشر مايؤمن به من قصائد صدامية للواقع الذي نعيشه والتقى هناك صديقا على منواله هو رسام الكاريكاتير ناجي العلي الذين اشتركا في قض مضاجع الحكام العرب بالقصيدة واللوحة فما كان من دوائر الانظمة واعلامها إلا ان يعلنوا الاستنكار والشجب والرفض بأعلى المستويات ضد تلك الكلمات و الأصوات وتحقق مرادهم باللوبيات التي يستخدموها ساعة يشاؤون فغادر احمد مطر وصديقه الى لندن ومنذ تلك اللحظة لم نعرف عنه أي شيء فقد اختفى بعد كل تلك السنين المثقلة بالمشكلات والآلام ..وهذه ضريبة ان يكون الادمي في بلادنا معارضا للأنظمة السياسية فكيف اذا كان شاعرا مؤثرا يحرك المشاعر ويحرض العقول على الثورة ضد الطغاة ..كان على مثقفينا ان تكون لهم كلمة في هذا الشأن والبحث عن شاعرنا الكبير ودعمه روحيا ونفسيا وليس ان يقفوا على الحياد مع السلطات ! ان ينصفوا احمد مطر الإنسان او المواطن او الشاعر ..وهل الوطن هو حصرا على الموالين الصامتين الذين يأكلون على الموائد ويكرعون مالذ وطاب ..هذا الشاعر الكبير الذي لمع واشتهر بفعل كلماته النارية وجمله الخارقة رغم بساطتها ولم يسوقه الاعلام بل هو معه في جفاء اذا لم نشاهده في لقاءات متلفزة او حوارات صحفية كالعادة واعرف جيدا هناك الكثير من مثقفينا هم من يدعم تلك الرؤية ويسعى الى تأكيدها بانتشال شاعرنا احمد مطر من عزلته واختفائه ونزع الحقد السامي من قلبه كي يعود للوطن بلا تمرد فرض عليه وهو في خريف ايامه الى وطنه وحضنه وذكرياته .. أملي ان تبادر الجهات الثقافية بدعوته او الذهاب اليه ان شائت الضروف لتسجل موقفا نادرا وكبيرا باسم الوطن اتجاه أبناءه ومواطنيه في ذلك أعظم الدروس والعبر والوطن لايمكن احتكاره لفئة سياسية او دينية او ماشابه إنما الوطن للجميع هذا في ظل الانظمة الديمقراطية التي تنظر للانسان كقيمة عليا وليس أداة لتحقيق مآربها ، وصحيح أيضا ربما تكون ردة فعل الشاعر معاكسة ورافضه لأي احتواء او احتضان لرمزيته وصورته الشعرية المبهرة في عقول الناس ولكننا يجب ان نحاول في ذلك اذا لاينفع بعد ذلك اي تقييم او تكريم وان كان بأسم الوطن
