حسين فوزي
تستعيد خطوات السلطة التنفيذية بعض التفاؤل ، ابسطها احترام عمال النظافة ورعايتهم، وفتح طريق المطار للمواطنين، و”تركيض” امانة بغداد على حد تعبير المهندس محمد الربيعي، ضمن مساعٍ لتوفير الخدمات ومعالجة اختناقات المرور، كذلك مواصلة إنفاذ القانون ضد الفساد والجرائم الأخرى.
لكن تظل قضايا ملحة مصيرية تمسك بخناق المجتمع، تتصدرها مسألة السكن ونقص المدارس ومراكز الرعاية الصحية، التي تعاني منها أجيال بفعل انفلات معدلات التكاثر السكاني. وستعجز سياسة توزيع قطع الأراضي على المواطنين من الموظفين وذوي الدخل المحدود عن معالجة ازمة السكن، فغالبية هؤلاء بالكاد يستطيعون الحفاظ على ما يسد رمقهم وضمان ملبس أبنائهم ممن ما زالوا يدرسون ولم يتسربوا.
لذلك فأن سياسية توزيع الأراضي هي لقمة دسمة للمضاربين ليشتروها بتراب الفلوس للحصول على أرباح كبيرة لاحقاً…
وعندما تقدم السلطة على منح الأراضي للمستثمرين لبناء مجمعات سكنية، ضمن خطة لمعالجة أزمة السكن التي تقدر حاجتنا لها بـ 5 ملايين وحدة سكنية، فأن المستثمرين يعرضون الشقق بأسعار تفوق معدلات أسعار الوحدات السكنية التي أقامها القطاع العام بمعدل لا يقل عن الضعف أو 3 اضعاف.
إن تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار ينبغي أن يكون منصفاً للمواطنين، وليس جشعاً، ولتحقيق هذا الهدف لا بد من خطوتين، الأولى هي أن يتم تمليك الأراضي للمستثمر بما لا يزيد على 50 % من قيمة الأرض كحد اقصى، والمعمول به في تجارب عديدة هي 20% فقط، مع اشتراط نسبة أرباح مثبتة من كلف البناء، كي تكون ميسرة لذوي الدخل المحدود بدون جشع المستثمر.
من ناحية أخرى، فأن دول الخليج العربي الشقيقة على الرغم من كل علاقتها التاريخية بالولايات المتحدة وبقية الغرب، لجأت إلى التعاقد مع أطراف دولية رخيصة الكلف، مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية، لتنفيذ مشاريع مجمعات سكنية ومدرسية وصحية، بما يحقق هدفين:
الأول. توفير وحدات سكنية رخيصة مقارنة بما يعرضه القطاع الخاص.
ثانيا. تحفيز القطاع الخاص لـ “اختزال” أرباحه إلى نسب معقولة تضمن له الأقبال على ما يشيده من قبل المواطنين، سواء ذوي الدخل المحدود أو الشرائح الأعلى مدخولاً.
إن حكومة السيد السوداني مدعوة إلى ضرورة تفعيل عاجل لمذكرات التفاهم، سواء مع الصين أو غيرها، أيهما اقل كلفة مع ضمان النوعية، لتعجيل خطوات كفيلة بتخفيف ازمة السكن على طريق الحل، بجانب توفير المزيد من المجمعات الدراسية لأجيالنا التي تحتاج إلى أكثر من 20 ألف مدرسة، بجانب توفير المستلزمات الدراسية الضرورية والرعاية الصحية، من خلال تشييد مراكز للرعاية الصحية الأولية، التي نحن بحاجة ملحة لقرابة 1000 مركز منها بالأقل، لتوفير خدمة أولية لرعاية المواطنين، وعدم التوهم بأن المستشفيات هي الحل. ويؤدي هذا لتشغيل ما لا يقل عن 2000 طبيب متخرج بدون عمل.
وهذا كله يشغل قطاعات رئيسة تمتص الكثير من البطالة، على طريق معالجة الفقر الذي زاد على 30% من المواطنين نحو تحقيق الاستقرار الاجتماعي في حالة إعادة تشغيل المشاريع الإنتاجية المعطلة وتنفيذ مشاريع الغاز المسال والمنتجات النفطية لإدامة تزايد فرص العمل.
ترسيخ ركائز الاستقرار / حسين فوزي
(Visited 42 times, 1 visits today)