المستقل / وكالات
شهدت الصين تنظيم معرض شنغهاي للسيارات، الثلاثاء، بعد أن تم إلغاؤه العام الماضي بسبب تطبيق البلاد لسياسة صفر كوفيد، والتي كانت تهدف إلى كبح انتشار الوباء في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.
معرض السيارات الشهير لا يمثل فرصة لمصنعي السيارات لعرض طرازاتهم الجديدة وحسب، بل أصبح شاهدًا على شدة اهتمام العالم بالسيارات الكهربائية، والتي باتت تسرق الأضواء في المعرض بسبب اتجاه الشركات والحكومات عالميًا لمحاولة خفض الانبعاثات على خلفية المخاوف المتزايدة بشأن التغير المناخي.
وبحسب تقرير لوكالة رويترز، يخطط كبار مصنعي السيارات حول العالم لاستثمار ما يقرب من 1.2 تريليون دولار في صناعة السيارات الكهربائية وبطارياتها حتى عام 2030.
ونظراً للزيادة المتوقعة في الطلب على السيارات الكهربائية، تبرز دولة واحدة في الصدارة عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا البطاريات، وهي الصين.
يسيطر العملاق الآسيوي على إنتاج البطاريات الخاصة بالسيارات الكهربائية، إذ تملك الصين وحدها نحو 75 بالمئة من القدرة العالمية لصناعة بطاريات الليثيوم المستخدمة في السيارات الكهربائية، بحسب “بلومبرغ”.
كما تتحكم شركات صينية في كافة مراحل توريد وصناعة البطاريات، بدءًا من التعدين والتكرير وحتى التجميع النهائي.
ووفقًا لوكالة الطاقة الدولية، فإن حصة السيارات التي تعمل بالبطاريات في إجمالي مبيعات السيارات حول العالم سترتفع بأكثر من 60 بالمئة بحلول عام 2030.
ما يعني خلق الحاجة لملايين البطاريات، والتي تعتبر المكون الأكثر كلفة في صناعة السيارات الكهربائية.
وفي سبيل اللحاق بالصين التي تتصدر قطاع السيارات الكهربائية عالميًا، تحاول دول العالم تحفيز صناعات مكونات السيارات الكهربائية محليًا.
في الولايات المتحدة، تقترح إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن فرض قواعد جديدة لخفض التلوث من السيارات، بهدف زيادة حصة مبيعات السيارات الكهربائية من إجمالي المبيعات إلى نحو الثلث، أي زيادة بنحو 10 أضعاف تقريبًا من حجم المبيعات الحالية.
وفي القارة العجوز، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تسريع التحول للمركبات الكهربائية من خلال حظر مبيعات السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل في دول التكتل اعتبارًا من عام 2035.
هذه الخطوات من شأنها أن تعزز من الصناعة المحلية لمكونات السيارة الكهربائية بهدف تلبية الطلب الداخلي والذي سيرتفع خلال السنوات المقبلة.
السر وراء صدارة الصين
السبب وراء هيمنة الصين وتصدرها في قطاع صناعة السيارات الكهربائية يعود لإعطاء الحكومة الصينية الأولوية المطلقة لتطوير تكنولوجيا السيارات الكهربائية في البلاد منذ سنوات، حيث أنفقت الصين مليارات الدولارات في شكل إعانات حكومية وإعفاءات ضريبية لدعم هذا القطاع.
كما عززت الصين من إنشاء البنية التحتية الخاصة بالمركبات الكهربائية، وشجعت المواطنين على شراء السيارات الكهربائية بدلا من سيارات الوقود التقليدية.الباحث في السياسة الصناعية للصين في معهد “مركاتور” في برلين، جريجور سيباستيان، يقول إن بكين اعتمدت صناعة السيارات الكهربائية لتكون أولوية وطنية استراتيجية في وقت مبكر جدًا، مما حفز الشركات الصينية على الاستثمار في التعدين وتكرير مواد وتقنيات البطاريات الكهربائية.
وأضاف أنه باعتبار الصين أكبر سوق للسيارات في العالم، فإن الدعم الحكومي قدم حافزا كبيرًا للشركات الصينية كي تدخل القطاع بقوة، كما عزز النظام اللوجستي الصيني وقاعدة التصنيع القوية من زيادة إنتاج الشركات بشكل سريع.
تصدر الصين في هذا القطاع يجعل منها في قلب التحول نحو الطاقة الخضراء في قطاع السيارات، بل ولا يسمح بهذا الانتقال دونها.
ويعتمد الكثير من صناع السيارات الكهربائية في العالم على البطاريات الصينية، مثل تسلا وجينيرال موتورز، وتحديد على بطاريات شركة “أمبيركس تكنولوجي” الصينية، أكبر منتج لبطاريات السيارات في العالم.
المدير الإداري لشركة “سينو أوتو”، تو لي، قال إن صناعة بطاريات السيارات الكهربائية أصبحت بالفعل نقطة توتر جيوسياسي بين الغرب والصين.
وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي تحاول من خلال قانون “خفض التضخم” إخراج البطاريات الصينية من صناعة السيارات الأميركية، وذلك عن طريق تقديم إعفاءات ضريبية للسيارات الكهربائية والبطاريات المصنعة بأميركا.
ولن يقدم الدعم إلا إذا كانت نسبة مئوية معينة من مكونات السيارات وبطارياتها مصنع بالولايات المتحدة أو شركائها في التجارة الحرة.
ويشكك تو في نجاح الجهود الأميركية، قائلا إن شركات السيارات الأميركية ستظل في حاجة إلى الاعتماد على مصنعي البطاريات الصينيين إذا أرادت الوصول إلى أي من أهدا ف التسعير والإنتاج المعلنة حتى عام 2030.