حسين فوزي
التعامل الالكتروني في نقل الأموال وتداولها وتحويلها ظاهرة مرتبطة بمستوى تقدم البلدان، سواء من حيث تجاوز التعامل بنقل الأموال الورقية نقداً، أو تأشير تداولها بقصد ضمان المستحقات الضريبية، بجانب سرعة إيصالها للأطراف المستفيدة.
ومع أن سلطات المصرف الاتحادي الأميركي تريد من تنفيذ المنصة الالكترونية عندنا “ضبط” حركة الدولار، بما يضمن عدم تسربها إلى الأطراف المشمولة بالعقوبات الأميركية، بالأخص إيران وروسيا ورافضي الخنوع ايضاً للصهيونية، فأن للأجراء فوائد كبيرة، في مقدمتها ضمان “تسجيل” أي نشاط اقتصادي مشمول بضرائب الدولة العراقية، وسهولة استيفائها وفق الضوابط المعمول بها، بجانب خنق منافذ غسيل الأموال، وهذا بالغ الأهمية ايضاً.
عليه فأن المنصة الالكترونية تضمن مصالح رجال الأعمال من حيث سرعة نقل أموالهم لإنجاز العمليات المطلوبة، بجانب ضمان حقوق الدولة في استيفاء ضرائبها، لكن السؤال هل ان المنصة الالكترونية عندنا تعمل وفق ما قصد منها مبتكروها: السرعة والدقة والوضوح؟
إن طبيعة أداء موظفي القطاعين الحكومي والمختلط عموماً تتسم بدرجة عالية من “الاسترخاء” إن لم نقل الكسل، ومن خلال مراقبة عملية تسجيل وديعة ثابتة وسحب أخرى بدا الوقت الطويل الذي يتجاوز الساعة لإنجاز أي من المعاملتين…مما يثير التساؤل عن كيفية تحقيق السرعة في الإنجاز عندنا، ناهيك عن حجم المطلوب من الوريقات غير الضرورية في أية معاملة مصرفية.
فهل يعقل أن الكسل والمطالبة بالكثير مما هو غير ضروري من الورقيات عناصر مشجعة لرجال الأعمال الذين اعتادوا على الاستعانة بمكاتب الصيرفة لـ “تعجيل” تحويلاتهم وأية معاملات نقدية أخرى؟؟؟
من ناحية أخرى فأن البنك المركزي العراقي ومصرفي الرافدين والرشيد يدعوان المواطنين ويشجعانهم على عدم اكتناز أموالهم في البيوت وإيداعها لدى المصارف، لكن لافتة عند مدخل المصرفين تصدمك “رسوم فتح الحساب الجديد 5 الاف دينار رسم فتح الحساب+ 15 ألف دينار رسم التحقق لدى البنك المركزي”، يعني أن فتح حساب توفير يستدعي دفع أكثر من 15 دولاراً “لا غير” مقابل فتح حساب توفير، فهل هذا الأجراء هو عنصر تشجيع على الكف عن الاكتناز البيتي للأموال؟ وهل هو تشجيع الأسرة على فتح حسابات لضمان دعم ابنائهم القاصرين؟
ملاحظتان سريعتان من عشرات الملاحظات بشأن تخلف ضوابط العمل المصرفي الرسمي وشبه الرسمي، فيما يتم الحديث كثيراً عن تطوير العمل المصرفي وتشجيع الاستثمار، بينما تسود عقلية “عصملية” عفا عليها الزمن.
وللعلم فأن بلد الضوابط العصملية المنقرضة في تركيا الان، فأنك عند الإيداع والسحب من حسابك لا تستغرق سوى دقيقة واحدة امام شباك المحاسبة، فهي تحسم بنفسها الكترونياً المعاملة، وليس تعدد التدقيقات اليدوية للعديد من الموظفات والموظفين، ممن بعضهم يقضي جل وقته في المكالمات الهاتفية الشخصية أو التحدث مع زملائه فيما لا يخص العمل… كيف نشجع على الإيداع أو الاستثمار ومؤسستنا المصرفية لا “تصرف” بل تؤخر شؤون المتعاملين معها؟!!
المنصة الإلكترونية والمتاهات “العصملية”
(Visited 10 times, 1 visits today)