امير الخطيب
القاهره
من واجب الفنان، و ليس فضلا منه، السعي العملي و الفعلي لتغير ذائقة الجمهور المحيط به، هذا الواجب يحتم على الفنان البحث الدؤوب و المستمر في الجديد المختلف، يحتم عليه المتابعة المستمره لمتطورات الفن في جميع ارجاء المعموره، لا في بلده او منطقته التي يسكن فيها حسب.
رضا عبد السلام واحد من اولائك الفنانين الجادين في بحثهم و مسعاهم باستمرار، و هو بطبيعته كانسان لا يحب الركود الى الموروث و الى ما جربه الاخرون، فهو بطبيعته ديناميكي متحرك في الحياة، في الفن، في المجتمع دون هواده، و هذا ديدن كل مجرب و صادق في ارادته في التغير الحقيقي، لا التغير الزخرفي الذي من شانه ان تثير الاعجاب في التقنية تارة و في الاثاره العاطفيه تارة اخرى.
رضا عبد السلام مجرب شرس، لا يخاف من اي شيء، لا يتورع من دخول كل الابواب و حتى ان تطلب الدخول معركة داميه، رضا عبد السلام تجربة فريده في الفن التشكيلي في عالمنا العربي، و لعمري اجرأ فنان عرفته في تناول المواضيع، اسلوبه في البوب ارت لا يخلو من الرموز و الرمزية، فهو تارة يتعاطى المحرمات في مجتمع متدين، و اخرى يتعاطى مفردات نقدية لسياسيين و شخصيات اجتماعيه كذبت كثيرا، لكنه يتعاطى هذه الشخصيات برموز فنيه، إي جماليه، لا يقحمها بشكل مباشر في اعماله، بل يوحي الى المتلقي بها، بطريقة و معالجة فنيه لا تخلو من الذوق و الرشاقة في عمل فني بشهادة الجميع.
اقول هذا و انا المطلع على تجاربه الفنيه المثيره في الصحافة و في مقارعاته المثيره و الكثيره مع اخرين في المجتمع الفني و غيره من باقي المجتمعات، فهو مقاتل، عرف فنون القتال منذ دخوله فرق الصاعقه و اشتراكه الفعلي في حرب اكتوبر١٩٧٣، ما عكس بشكل فعلي على قتاله السلمي و هو يعمل في الصحافة و الاعلام بشكل عام.
اضف الى هذا كله سعيه لتاسيس اتجاه البوب ارت العربي المختلف
عن باقي دول العالم، فهو رائد في هذا المجال، او يمكن اعتباره كذلك، فلم يجرؤ اي من الفنانين المصريين ان يقترب من هذا الاتجاه، و ان حاولوا فاصطدموا بالسوق و الحاجيات الاساسية للحياة، ناسين او متناسين لماذية مهمه جدا في حيواتهم، و هي وضيفتهم الاساسيه كفنانين، و على العكس من هذا، جند رضا عبد السلام نفسه في المعركة القادمة و التي اعتبرها هدفا اساسيا في حياته الشخصيه.
معرضه الاستعادي ( ٥٠ سنة فن) الذي طلبه منه موسس جاليري ضي الفنان هشام قنديل، كان باكورة اعماله التي شغلت كل جاليريهات ضي الكبيرة و الواسعه كلها، و كان بحق عرض مذهل، يحتوي تجارب الفنان المثيره و المثيره للجدل و النقاش المفيد، حملت اعماله التصورية منها الكثير مما تكلمت عنه سابقا، الكثير من الرموز و المعالجات الجمالية الذكيه.
معرضه الاستعادي كان تظاهرة فنيه متميزة، فقد جمعت بين التصوير و النحت التجميعي، و التجارب في كل وسائل الفنون المتاحه عبر الخمسين سنه التي قضاها في الفن كمدرس لمادة الجداريات في كلية الفنون في القاهره، و بكل قوة اثارت في نفوس متلقيها الكثير من الاسئله، فكانت بحق تجربة ممتعة لي شخصيا و احسب لكل من شاهد و حضر العرض الذي استمر لمدة اسبوع.
يبقى ان رضا عبد السلام علامة فارقه جدا في تاريخ الفن المصري الحديث و المعاصر ، و هذه العلامة الفارقة لو سمح لي من يقراء هذا المقال، ان اقول ان رضا عبد السلام ظاهرة فنيه لا تتكرر في مجتمع مثل المجتمع المصري لأنه مقاتل جريء من اجل احلال السلام و نشر الجمال.