(( لماذا اغفلت الكاتبة ومخرج مسلسل دفعة لندن كل مشاهد خليجي 25 وما شاهده العالم من كرم وطيبة وحفاوة وترحيب العراقيين باشقائهم وذهبت الى مشهد قبيح ومقزز ))
علاء الخطيب
كما اثار فيلم” القادسية “نقاشاً كبيراً عام 1981 باعتباره مسيئاً ولا يمثل حقيقة تاريخية ، يثير مسلسلدفعة لندن جدلا واسعاً في اوساط العراقيين ، اذ أظهر شخصية المرأة العراقية. بشكلٍ مهين بالاضافة الىرمي التهمة الجاهزة على الشيعة ووصفهم بانهم ايرانيون ، من خلال مشهد الردة الحسينية الذي زج زجاًفي المسلسل ، وطرح في الوقت ذاته قضية مهمة، عن رسالة ودور الفن في المجتمع .
الفن رسالة انسانية عظيمة، تعكس تفاعل الانسان مع الجمال ، وتحاكي معاناته وانفعالاته في الخيروالشر ، في الفرح والحزن ، والعدل والظلم من خلال المسرح والسينما والرسم والتلفزيون ، و باقي القوالبالجمالية .
وما الفنان سوى ضمير الامة و رسول يحمل هذه الرسالة السامية ، ليمنح مجتمعه الانساني الحبوالسلام ، ونبذ الكراهية، والبشاعة، فهو يرتوي من معين انساني عظيم.
ًفليس هناك فن حقيقي او فنان وكاتب حقيقي يقف الى جانب القبح والظلم والاستبداد والعنف، ولم يعهدعلى مر العصور ان فناً يمجد الاستبداد او يذم الحرية والعدل . منذ عصر ارسطوفانس مروراً بشكسبير ودوستويفسكي وتولستوي وصولاً الى بترتولد برشت واسامة انور عكاشة وغيرهمُ، سوى اولئك الذينيستغلون الفن كأداة سياسية لتزوير الحقيقة .
ربما يلبس بعض الكتَّاب اعمالهم بلبوس الوطنية او الواقعية المخادعة، إلا أنهم في النهاية سيذهبونباعمالهم ونتاجاتهم الى مزبلة التاريخ .
في العام 1981 كما ذكرت انتجت دائرة السينما والمسرح العراقية ، ” فيلم القادسية “ ، أضخم عملسينمائي وبكلف خيالية انذاك بلغت 15 مليون دولار ، وبمشاركة نجوم السينما العربية كـ سعاد حسنيوعزت العلايلي وشذى سالم وغيرهم ، عجزت كل تلك الامكانات ان تسوق الفيلم، من خلال المهرجاناتالعالمية ، واعتبر الفيلم الذي رفض من اغلب لجان التحكيم بأنه عنصري موجه سياسياً ، فقد قال عنهالكاتب المصري اسامة انور عكاشة عكاشة: ” القادسية فيلم يحمل أهدافًا دعائية لحرب ظالمة شنها العراقضد إيران بدعم أميركي” . وقال عكاشة: لا أعتقد أن المخرج صلاح أبوسيف كان فخورًا بهذا العمل، بل اعتبرهمن أسوأ أفلامه على الإطلاق، موضحًا أن أي عمل فني موجّه سياسيًا من حاكم ديكتاتور يأتي بنتائجضعيفة، كما ندم بطل الفيلم الفنان عزت العلايلي عن دوره في الفيلم وقال ” لم نتوقع أن يتم استغلالنا فيما بعد لصالح المخابرات العراقية وحزب البعث.
وفشل الفيلم فشلاً ذريعاً . بعد ان رفضه الازهر ونبذه المثقفون .
المسلسل الكويتي ” دفعة لندن” الذي انتجته قناة MBC يعيد مشاهد الكراهية والقبح والاساءة للفنولرسالته السامية .
حينما يسوِّق فكرة ان الشيعة كلهم فرس وايرانيون ، فكل من يسمع ردة حسينية فهو ايراني ، وتحاول كاتبةالمسلسل ان تكرس فكرة غير موجودة أصلا إلا في مخيلتها المريضة ، وتصور انتفاضة عائلة ايرانيةمعارضة ضد جيرانهم العراقيين في العمارة لمجرد سماع صوت ” منشد حسيني ” وهو يقرأ ” لطمية” ،فتتشاجر العائلتان ، وهنا تريد الكاتبة ان توصل فكره ان كل من يسمع المراثي الحسينية فهو فارسي ايرانيينتمي الى الخميني .
و كذلك مشهد العراقي الملتحي الذي ينهر الكويتيات في الشارع اللواتي يطلبن المساعدة، مشهد ممجوجومفتعل ، ويحمل الكثير من القباحة ، ولا اعتقد ان طبيعة الانسان العراقي واخلاقه يسمحان ان يكون ردةفعله هكذا ، ناهيك عن دلالة كاركتر الشخصية ، التي توحي الى مكون عراقي بالتحديد.
فلو سلمنا ان هذا المشهد واقعي وان الكاتبة ربما تعرضت له وأرادت نقله للواقع ، هل هو مشهد عام وقاعدةلكل العراقيين ام هو استثناء لرجل مأزوم !!!!
لماذا اغفلت الكاتبة ومخرج المسلسل كل مشاهد خليجي 25 وما شاهده العالم من كرم وطيبة وحفاوةوترحيب باشقائه وذهبت الى مشهد قبيح ومقزز ، ان ما تقيأت به كاتبة المسلسل كان نتناً وعكس حجمالكراهية التي تحمله في داخلها .
ماهي الرسالة التي يحملها المسلسل للاجيال القادمة ، لماذا يريد المسلسل إظهار العراقيين بهذه الصورة ،ولماذا يكرس الكراهية في عقول المشاهدين الشباب على حقبة زمنية مضت وانتهت .
الفن صوت المقهور وصرخة المظلوم وعوز الجائع وآلام السجين وليس اداة ً لصناعة المجد الشخصي علىحساب عقائد الناس وكرامة الشعوب والانتقاص منهم .
عدا ذلك سيكون الفن تهريجاً و ارتزاقاً وقبحاً .