أول غزوة صينية دبلوماسية في الخليج / علاء الخطيب

أول غزوة صينية دبلوماسية في الخليج / علاء الخطيب

علاء الخطيب

يعد اعلان عودة العلاقات الايرانية السعودية انتصاراً  كبيراً للدبلوماسية الصينية في الشرق الاوسط ، فقددأبت سياسات الدول الغربية ان تكون على جانب واحد في الخليج اما مع العرب او مع ايران ، إلا انالصينيين ارادوا كسر القاعدة ويكونون مع الجانبين معاً .

ونجحت الصين في ملأ الفراغ الامريكي في ايران ، ونجحت كذلك في استثمار علاقته الاقتصادية معالسعودية ، وتحقق لها ما ارادت ، لذا اعتبر الخبير السياسي المتخصص في سياسة الصين تجاه دولالخليج جوناثان فولتون أن الاتفاق يعد بمثابة أول غزوة رئيسة للصين في الدبلوماسية الإقليمية.

ومنذ مدة اشارت الصين الى رؤية جديدة في الشرق الاوسط  لا ترتبط بالولايات المتحدة ، هذه الرؤية تستندعلى الشراكات الاستراتيجية المعتمدة على رأس المال الدبلوماسي ، فقد عقد الصين شراكات اقتصادية عملاقةمع ايران والسعودية وبقية دول الخليج ، ونفذت بكين من باب هذه الشراكات لتكون لاعباً دبلوماسياً مؤثراً فيالشرق الاوسط ، وكانت دوما تعلن ان دورها اقتصادي بحت وتريد بناء علاقات اقتصادية ولا تسعى الي دورسياسي في المنطقة ، لكن المشهد يقول ان الصين تحولت من شريك اقتصادي الى لاعب سياسي كبير فيمنطقة مهمة للغاية في رسم خارطة الطاقة العالمية.  لذا يقال ان الاقتصاد لا ينفك عن السياسة فهما يلتقيانفي كثير من المحطات .

فقد زار الرئيس الصيني الرياض في ديسمبر الماضي وعقد صفقات كبيرة مع الرياض ، كما زار الرئيسالايراني بكين في الشهر الماضي  واكد على الشراكة الصينية الايرانية ، وتوجت هذه الزيارات والحركةالدبلوماسية  باعلان التهدئة وعودة العلاقات بين دولتين كبيرتين لهما تأثير في امن واستقرار الخليج ، كمارسخت الدور السياسي للصين .

وستكون هناك انعكاسات كبيرة لهذه الخطوة على دول المنطقة التي عانت من الصراع الايراني السعوديلسنوات طويلة ، كالعراق واليمن وسوريا ولبنان والبحرين .

وفي ذات الوقت ستفتح ابواب هذه الدول للتنين الصيني ليستمتع بالدفء الخليجي على الجانبين .

الصين بهذا الاتفاق قدمت نفسها كلاعباً دبلوماسياً من العيار الثقيل وصانعة سلام ، تتمتع بصدقية كبيرة،وربما سنجدها بعد هذا الاتفاق في اليمن وسوريا واماكن اخرى، وهذا ما يهدد الوجود الامريكي في الشرقالاوسط، وربما ما يتوقعه المحللون الامريكان سيكون في محله ، اذ قالوا الولايات المتحدة اخطأت حينمااعتبرت التنافس بينها وبين الصين ينحصر في المحيطين الهادي والهندي . وانها منطقة الخليج مغلقةللامريكان .   

ان اعلان عودة العلاقات بين قطبي النزاع الخليجي سيعود بالفائدة على الطرفين ، فهو ينزع فتيل التوتر منجهة ويمنح الدولتين مزيد من الاسترخاء في تنفيذ اجنداتها المستقبلية ، فالسعودية التي تريد  ان تستغلمواردها المالية في رسم خارطة  اقتصادية جديدة في الشرق الاوسط ، كما صرح بذلك ولي العهد الامير محمدبن سلمان ، حينما تحدث عن امكانية دول المنطقة لان تكون في مقدمة دول العالم ، والوجهة الاكثر جذباًللاستثمارات والسياحة والصناعة ، وهذا لا يمكن ان يتحقق الا  بالاستقرار ، فمشروع نيوم والرؤية السعوديةالاقتصادية المستقبلية تحتاج الى امن مشترك، وهذا ما حققته الوساطة الصينية .

من جانب اخر فان ايران تسعى الى استقرار وضعها الداخلي وان تنزع عن كاهلها بعض الثقل  الاقتصاديالذي تعاني منه، جراء العقوبات الامريكية ، فقد تحدثت الاخبار ان اعلان عودة العلاقات بين طهران والرياض، رفع قيمة العملة الايرانية بمستويات  كبيرة.

ناهيك عما ستحدثه في ساحات اخرى .

وفيما يخص انعكاس التقارب  على العراق ، بالتأكيد ستكون هناك حالة من الاستقرار وانخفاض كبير فيحجم الهجمات على القوات الامريكية ، و ستمنح الحكومة العراقية مساحة في التعامل مع الطرفين باريحيةكبيرة ، فالعراق ومند زمن سعى لهذا التقارب  لايمانه العميق بانه سيؤثر في تطوره وامنه واستقراره ، لذا جاءالبيان السعودي بالشكر للعراق على دوره واحتضانه لجولات الحوار بين الطرفين .

من ناحية اخرى فان اسرائيل التي حاولت عرقلة الاتفاق ، واستبقت الاعلام بضرب مطار حلب ودير الزور ،واعلنت صحيفة اسرائيلية عن محادثات سعودية اسرائيلية ، تلقت الخبر بدهشة وقلق وتأمل بحسب تعبيرصحيفةنيويورك تايمز،  فقد انهى اعلان التقارب فرصة تل ابيب في تحالف امني عسكري ضد ايران ، فقدفوتت ايران الفرصة على الدولة العبرية في استغلال الخصومة بينها وبين الرياض ، كما اصبحت في قلقحيال البرنامج النووي الايراني، خصوصاً بعد ترحيب واشنطن بخطوة التقارب السعودي الايراني .

وتخشى اسرائيل بعد هذه الاعلان من استئناف المفاوضات النووية بين امريكا وايران ، وان تسعى واشنطنالى ارضاء ايران، وتذهب احلامها بتوجيه صولة عسكرية لايران ادراج الرياح .

الغزوة الدبلوماسية الصينية  الناجحة في الشرق الاوسط وضعت اسس جديدة في الواقع السياسي فيالشرق الاوسط ، كما انها وجهت الانظار الى الصين في حل المشكلات العويصة والمعقدة في كثير من المناطقالتي تمتلك الصين فيها نفوذاً اقتصادياً .

ولابد لنا ان نقول ان نقول ان الخطوة ورغم ترحيب الجميع بها وتفاؤل الاطراف الداعمة للطرفين فانها فيالبداية وتعتمد على النوايا الحقيقية للدولتين  في تحقيق الامن والاستقرار.

فكلا الدولتين تحتاجان الى الاستقرار وان عقوداً من القطيعة لم تأتي على شعوب ودول المنطقة الا بالدماروالتخلف ، وتعطيل القدرات الخيرية .

  

  

(Visited 47 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *