د. رقيق عبدالله
كاتب جزائري
إن المطارحات المفاهيمية لفكرة الصراع ووظائفه الاجتماعية في الذاكرة المركزية للمجتمعات العربية يتعدى
ما طرحه لويس كوزر في النتائج المترتبة عن ذاك الصراع الاجتماعي، المتجسدة في الأهداف التي يناضل الأفراد من أجل تحقيقها، وإن الصراع غير الوظيفي للبناءات الاجتماعية وكثافة الصراع الاجتماعي يتصل آليا بجمود البناء، وما يهدد توازن البناءات الاجتماعية ليس الصراع في حد ذاته لكنه الجمود نفسه الذي يولد العداوات وينقلها عبر خط محوري واحد للنزاع الذي ينبثق من خلاله الصراع.
هنا لن أتجاوز والاس وولف في التواصل والتوازن كما الاجماع والاتفاق الموقف والفعل، لان الفرد في المجتمعات العربية وعبر مركزية أفكاره الاجتماعية المنطلقة من الجماعة والعائدة إليها خلقت عقدا حضارية وهي نفسية بامتياز في تعامله مع انتاجاته الاجتماعية وفق الرتبة، والمكانة الوظيفة والانشغال.
وتعامل العقل العربي مع آليات الصراع في كل محيطه الاجتماعي والاقتصادي، السياسي والثقافي بترسبات الذاكرة أنه وجد لكي يكون أو لا يكون ليس بفاعلية الفكرة وانما بتضخم الأنا الاجتماعية خلف الجمود النسقي للبناء والمفهوم.
أن مقاربة واقعية الجدل تعدت فهم الصراع على ان كل ما يولد الاستمرارية يولد الاتفاق والإجماع وان الجدل قانون مؤسس في متطلبات البناء والنسق
وأن القوة ليست عامل الانبثاق الحتمي للصراع وانما الجدل كقوة دافعة في مجموع تلك الميكانيزمات التي يخضع لها البناء الاجتماعي وطبيعته عبر محاور الزمن المدرك والمضاعف للمقاربة، فالعلاقات النسقية القبلية والتي أنتجت مجتمعات الرعايا وفق اللاتعاقد الاجتماعي للدولة في العالم العربي مع مجموع الأفراد المشكلين لمفهوم السلطة المستمسكين بسلطانية الدولة وحداثنها في الزمن نفسه، فعقد الإلغاء بين الأفراد مثلا هو نتاج التنافس في جدل الحياة الفاعل في حقيقته لأنه يؤدي إلى أن القوى المشكلة للصراع تبحث عبر الانبثاق إلى الاجماع أو احترام نسقية التنافس الذي عبرت عنه مقاربة واقعية الجدل في التلاحق والتدافع المنتج للتلازم بين محاور الزمن المدرك لا المركب، متجاوزة بذلك جمود البناء الاجتماعي والوظائف الاجتماعية للنظم التي رسخت عبر مركزية الذاكرة العربية تأزم مفهوم فكرة الجدل وارتباطها بتاريخ سلطانية الدولة الرافض للجدل المساهم في التدافع والمنتج له.
إن ما تشهده مجتمعاتنا العربية من اختلال وظيفي على مستوى مجموع البناءات الاجتماعية جعل من المنافس معارضا وهو في الحقيقة لا يتعدى أن يكون ضمن وحدة التطابق البنائي للسلطة مثلا، كما أن المثقف الذي رفض حالة الانبثاق المبني على الجدل كقانون وليس كمنطق اكتفى أن يكون مختصا وفي أكثر الأوقات تعاطفا معه يستدعى كخبير يشحن ملفاته العلمية على روابط المواقع المختصة لكي ينهي في نظره حالة التعاقد المعرفي بالرتبة والمكانة، ويتجسد جمود البناء الوظيفي والاستكانة له الا في حالة الانشغال بالآخر لا الاستخدام الواعي والفاعل للجدل كقانون حياة، به يكون التدافع والانبثاق وفق التلازم مع الزمن باقسامه لا الجمود ضمنه والخروج منه……….يتبع
كاتب جزائري