د.محمد فلحي
اللغة الرقمية اصبحت لغة العالم،فمن الصفر والواحد تتكون كل المعلومات الالكترونية، وفي العراق بات رقم 56 اشهر من فلم (ناصر 56) بطولة احمد زكي الذي يروي مقاومة الشعب العربي لما سمي بالعدوان الثلاثي ضد مصر ..وهذا الرقم يضفي على صاحبه صفة جديدة منتشرة في ظل مظاهر الفساد والغش والاختلاس والتلاعب التي تسود كل مجالات الحياة..العراقيون اخترعوا الحروف والارقام والقوانين قبل الاف السنين،وقد اخترعوا في السنوات الاخيرة رقم 56 للتعبير عن بعض صفات الشخصية العراقية الجديدة التي ابتكرت في ظل الحرية غير المحددة فنون التحايل في السياسة والاقتصاد والمال والادارة والمجتمع لم تكن تخطر على بال الشيطان نفسه!
ليس من المستغرب ان تشاهد شخصية مشهورة في التلفزيون يتحدث بكل وقار وعفة واحترام، فيعلق احد الجالسين:هذا 56!!
الديمقراطية انجبت رقم 56 ماركة مسجلة لكل من يعرف كيف يخترق القانون ويغش ويخدع،وهذا الرقم كما يبدو مقتبس من فقرة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 حيث خصصت المادة رقم 456 لعقوبة جريمة الاحتيال..وقد تم اختصار الرقم من قبل الناس للسهولة والسرعة!
هناك الكثير من الارقام التي انتشرت في العقود الاخيرة..فثورات العراق وانقلاباته الشهيرة هي 58 و63 و68 و79 و2003
وحروب العراق اختزلت في ارقام صغيرة لا تعبر عن حجم الكوارث وعدد الضحايا ومن اشهرها 80 و91 و2003
الرقم 56 يختصر حقبة كاملة من تاريخنا، تميزت بأرقام فلكية من الاموال المختلسة والمسروقة، وبأرقام قياسية في تزوير الشهادات وشراءها وانتحال صفات وألقاب كاذبة، واسماء عجيبة لاتحادات ونقابات ومنظمات وشركات وهمية ، وتاريخ ملفق وبطولات زائفة،فلا تتعجب عندما تسود مصطلحات في السياسة والاعلام والادارة والتعامل اليومي لا تعبر عن معناها الحقيقي، فقد كان السارق والمزور والكاذب يحتقر أما اليوم فيمجد ويحترم ويصبح قدوة سيئة..وهناك الكثير من الامثلة!