ليث السعد
جرت الانتخابات في العاشر من تشرين من العام الماضي في ضل وجود ازمات وتحدياتجسيمة انهكت الشعب وكادت أن تعصف بالبلاد.
وكانت الأمنيات أن تكون هذه الانتخابات بداية حقبة جديدة للقوى السياسية وأن ينهوخلافاتهم وأن يكونوا على قدر المسؤلية ولو لمرة واحدة.
فبعد اكثر من تسعة عشر عاما في السلطة لم ينجحوا في أدارة البلاد فقد صنعوا الأزماتبأنفسهم ولم يكتفوا بذلك فقط بل فضلو مصالحهم الحزبية الضيقة على مصالح البلد.
لأنهم لم يكونو مؤمنين ببناء بلد وتقويته بل كان همهم الوحيد الخلاص من النظامالسابق وحل الجيش العراقي وجعل العراق حلقة ضعيفة أمام التحديات الجسيمة وبذلكاصبح الجيش لا يستطيع الدفاع لا على البلد ولا على الشعب ولا حتى الدفاع عن نفسهفي خطأ جسيم كلف العراق الاف الضحايا من الابرياء.
ورغم ذلك كان العراقيون يشاركون في كل الانتخابات على أمل أن ينضج السياسيون وأنيتحلو بالحكمة والوطنية والمسؤولية وأن يبدؤ مرحلة نفير للنهوض بالبلد وأن يتسلحونبما يمكنهم في رفع هذا الوطن والحفاظ عليه والذود عنه.
ومعا ذلك لم تستطيع القوى السياسية والأحزاب أن تتصافى في ما بينها وأن يحلوخلافاتهم ومشاكلهم بنفسهم دون الاستعانة بغرباء من الخارج للوساطة بينهم ولميكتفو بالاستشارة فقط بل ذهبو الى ابعد من ذلك فقد تركو لهم السيطرة على الوطنومقدرات الشعب حتى اصبحوا هم الغرباء في وطنهم ضاربين العملية السياسيةوالديمقراطية عرض الحائط.
جرت الانتخابات مؤخرا في العراق والتي تصدّرها التيار الصدري وشهدت تراجعاملحوظا للقوى الموالية لإيران
وعلى الرغم من فوز كتلة مقتدى الصدر وحصولها على اغلبية مقاعد مجلس النواب فإنمواقفها لا تزال غير واضحة بشأن مستقبل العملية السياسية والتحالفات التي من الممكنعقدها مع القوى الأخرى، بسبب معارضة معظم الكتل السياسية لها،
ليس انطلاقًا من المبادئ، بل لعجزها عن منافستها
فزعيم التيار الصدري يصر على اقصاء المالكي من التحالف معه بالمقابل هنالك اصرار منقبل الاطار الذي يعد المالكي احد اعمدته على الدخول متماسكا بجميع اطرافه فيالحكومة التي يريد تشكيلها الصدر.
لكن يبدو ان هذه الأزمة ليست الوحيدة انما هناك انعكاسات سببها تماسك الاطارالتنسيقي وعدم تخليه عن المالكي متمثل بالثلث المعطل الذي لايستطيع التيار الصدريوالقوى السنية والكردية المتحالفة معه
تمرير انتخاب ريبر احمد.
مما يعني عدم انتخاب الرئيس سوف يؤخر تسمية رئيس للوزراء لمدة غير معلنة.
الجميع كان متيقن أن تطول أزمة تشكيل الحكومة فمن تابع المشهد السياسي العراقيخلال السنوات الثماني عشرة الفائتة والمشهد السياسي الراهن يعرف أن عملية تشكيلحكومة جديدة ستستغرق عدة أشهر اخرى.
فقد استغرقت تشكيل حكومة مابعد انتخابات 2014 أكثر من أربعة أشهر،
أما في عام 2010 فقد حطّم العراق جميع الارقام القياسية ولم تتشكّل الحكومة إلا بعد289 يوماً من التصديق على نتائج الانتخابات.
تشكيل الحكومة الجديدة سيجري في ظلّ شروط وتحديات تختلف نوعياً عن الماضي فقدخسرت اغلب الكتل القريبة من ايران وبذلك سيكون العراق وللمرة الأولى منذ سقوط نظامصدّام حسين أمام إمكانية تشكيل حكومة لا تخضع للهيمنة الإيرانية.
ولأوّل مرّة كذلك، سيضمّ البرلمان تحالفاً حاكماً وآخر معارضاً بدل نظام “التوافق الوطني” الذي كان غطاء لإقطاعيات تتوزعها الكتل المختلفة.