علاء الخطيب
قراءة الطالع و المغيَّبات، والتنبؤات للمستقبل مهنة راجت في القرنين الثامن والتاسععشر ، بعد سلسلة من الحروب التي مرت بها المجتمعات البشرية وحالة الاحباط واليأس التي اصابت الناس جراء ذلك ، وكوسيلة للبحث عن امل ولو كان وهماً والخلاص منالواقع المتردي تنتعش مهنة ” كشف المستقبل“ لذا كان المتنبئون يحضون بمكانةبالمجتمع وان كانوا دجالين ومشعوذين .
التنجيم وكشف المستقبل نوع من التخدير الفعَّال الذي لجأت اليه بعض الشعوب .
وربما الكثير منا قد قرأ عن نوستر اداموس و العرافة البلغارية ” بابا فانغا“ و اللبنانيةماجي فرح والعراقي ابو علي الشيباني وغيرهم الكثير .
والكثير من العراقيين قد شاهد مسرحية الخيط والعصفور ، التي تتحدث عن عاطل عنالعمل يلجأ الى الشعوذة بدفع من زوجته ، و بعد ضربة حظ أصبح ” فتُّاح فال ” لينتشر صيته بين الناس المحبطة ، وتنطلي لعبة المشعوذ على الكثير من الناس ، فيلجأ اليهوالي بغداد ليكشف له سرقة قصره التي شارك فيها 40 حرامي ، فيطلب من الوالي مهلةاربعين يوم ، فيتناهي الى مسمع “الحرامية ” هذا الخبر فيرسل رئيس المجموعة لصاًليستكشف ما يفعله المشعوذ ، وكل يوم يرفع الدجال صوته ليعلن انقضاء يوم من ايامالمهلة وبالتالي خضع اللصوص للدجال وراحوا يتوسلون به ليخلصهم من غضبالقاضي .
بينما الدجال كان يعد ايامه للموت ، لان الوالي هدد بقتله في حال عدم كشف اللصوص.
هذه الخزعبلات وغيرها التي يبتدعها البعض من المفلسين للضحك على ذقون المحبطين ،تجد صداها في مجتمعات تريد ان تصدق الدجل وتتعلق بالغيب ، لانه اقل كلفه واكثرراحه .
ولان ” فتاح الفال ” غير مطالب بدليل فهذا يسهل العملية ويجعل لها مساحة اكبر .
خرج علينا البعض ليخبرنا بان الدمار والقتل والدماء ستجتاح العراق في العام 2024 وان القوة القادمة لا تبقي ولا تذر ، وان قوى خارجية ستنزل غضبها على العراق،وستسحل الجثث في الشوارع ووووو الخ .
هذه البشارة بالدمار جائت هذه المرة من قوى تدعي المدنية والديمقراطية فتاح فال علىالطريقة الهوليودية !!!!
والادهى من كل ذلك ان هذا البعض يتحدث دون ادلة ، فقط يتحدث عن الغيب الذيستكشفه الايام ، وهو يذكرنا بقصة شعبية قديمة تقول : ان احدهم اهدى لصديقه “فسيلةنخلة “ وقال له انها ستحمل نوع ممتاز من التمور بعد ثلاث سنوات ، وانتهت السنينالثلاثة و اكتشف الرجل ان الفسيلة لا تحمل ابداً لانها ” فحل ” فقال لصديقه انها “فحل” فرد عليه الاخر لم احسب لهذه حساب انا قلت في الثلاث سنوات ” لو انه اموت لو انت لوالفسيلة تموت ” .
عملية كشف المستقبل وتسويق الوهم والابتعاد عن الواقع تشبه عملية رمي حجر فيالظلام .
لذا التغيير لا يمكن ان يحدث من خلال الخزعبلات والتخدير واشاعة الخدع ، التغيير يجبان يكون بالعمل والعقل والعلم .
” لا يغير الله ما بقومٍ حتى يغيروا ما بانفسهم ”
التغيير حالة تفاعلية بين الانسان و محيطه ويحتاج الى تضحيات ذاتية كبيرة، لا انينتظر قوى خارجية تأتي لتغير له وهو جالس يأكل ” المندي” . وبالتالي يريد ان يعيشحرا كريما وان يكون بلده سيداً .
الشعب السيد والوطن الحر هو الذي يصنعه ابنائه وشبابه ، والذي يبنى بسواعد منيحبه ويضحي من اجل اطفاله ومستقبله .
الحرية والوطنية لا تستورد بل هي صناعة محلية بحته ، ولابد ان يستجيب القدر .
الوطن لا يصنعه الغرباء والمحتلون.
ولكم في العام 2003 اسوة يا اولي الالباب .