د. علي موسى الموسوي
” قد لا توجد أي طريقة أخرى لفهم الإنسان إلاّ من خلال الفن” بهذا التشريح الانسانيّ العميق اختصرت الكاتبة (نادين غورديمير) جدلية الفن والمتبنيات الاعتقادية والانسانية المتعددة الاوجه معتبرة ان الفن رسالة سامية مبنية على مشاعر وأخلاق هدفها معالجة قضايا مجتمع معين أو قضايا مجتمعات عالمية مأزومة، لان الفن بنظرها هو الوحيد القادر على ان يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية وان المقياس الوحيد في الفن والمفاضلة هي أيهما اجمل طالما انه يملك قدرة استنطاق الذات لدرجة تتيح للإنسان التعبير عن نفسه أو محيطه بشكل بصري أو صوتي أو حركي، وما الفنان او الرسول الحامل لمشعلِ ذلك الضوء المسكوب في عتمات ارواحنا على شكلِ رسالة نبيلة لكل من يحيط به ومن خلال حواس تواصلية تقوم بإرسالها وترسيخها كقيم متوارثة من جيل إلى آخر .
الجدير بالذكرِ هنا ان الفنون بجميع أشكالها وصنوفها هي عبارة عن ترجمة لأرض الواقع ولما يجول في بطانة النفس البشرية من تخيلات وتساؤلات وتأملات كونية واخرى روحانية تدخل هي الاخرى مدار الحس الفني لان الفن وصوره المتعددة لا يمكن اعطائها صفة البقاء إلاّ اذا اقترنت بالروحانية، أما إذا كانت غير ذلك فهي اذن ليست اكثر من نشاط بايولوجي بشري فيه من الموهبة اسماً ومن الروح عدماً.
ولو جئنا الى رسالة الفن في الارتقاءِ بذائقة الانسان الى اعلى مراتب السمو، هنا تحديداً يشترط بمضامينها الانفتاح وضمِ المختلف لان كل الرسائل عاجزة ولن تصل الا إذا اقترنت بالاخر ليصل بذلك مفهوم الفن ورسالته الهادفة الى قاع الواقع الخفي واشعارهِ بمعاني الجمال فلا يمكن للفن ان ينفصل عن الإنسان المُتعب ويساعده في خلق البهجة مهما كانت النفس ضائقة فانها بالفن تسعد وبالجمال تتلون وبالمشاعر الانسانية ترتقي لان الفن ليس تعبيرا بل هو فكرة هائلة بكل ما تحمله من مشاعر إنسانية تجاه مقتضيات الحياة المشوهة والنفوس المنكسرة لتشيع فيها الحب والطمأنينة.