كتب : الفنان غانم حميد
فن الدراما التلفازيه فن صعب وفيه من عناوين الاشتغال وتعددها الكثير بحيث ان ادارة هذه العناوين المختلفه والمختصه بحاجه الى عقل وفن متمكنان .. العقل في الرؤيه والفن بصنعته وجمالياته وضرورات المهنه واحترافها ولان التلقي العراقي بات مأزوما من مواضيع الحروب والقتل وتشنج التعرض الى زمن ولّى والصفحات السود من تاريخ وطن مهدد .. يجتهد ابناؤه من اجل الدفاع عن البقاء حتى لو كان بقاءً فجاً لاطائل منه غير انتظار الفجيعه .
دأب المشرفون على قناة MBCعراق على اللجوء الى الجانب الاجتماعي في حكاية قد تكون متوفره في مسلسلات عده لكنها استطاعت ان تهرب بالمتلقي من الواقع الفني المتكرر في اكثر من محطة والذي زعم اللجوء الى اعمال العنف باعتبارها واقعا مشوبا بالحقيقة المعاشة… هذا الهروب الايجابي استطاع ان يأتي اُكُله بمتابعة منقطعة النظير على مستوى التلقى الشعبي وبات تصديق القصص حتى الخرافية منها امرا مطلوبا لاننا نصرخ على الدوام ( لانريد الواقع) ولانتمناه لا في وعينا ولافي احلامنا..
ان مهمة صنع مسلسل مُشاهد في هذا الزحام التقني (سوشل ميديا ) ليس بالمهمة السهلة وان كثيرا من الواقع الهوليودي وحكايا الف ليلة وليلة لاعلاقة لها بالجهد الانساني نحو احترام العقل والمنطق بل هو انهزاما منه مع سبق الاصرار والترصد… وعليه حتى صناعة السخافة فنيا بقوانينها صعبةويراد لها حجما واعدا من الخيال وحيلة متقدمة لايمكن الاستهانة بها .
بنات صالح … دراما اجتماعية نجح منتجوها على الهيمنة الى حد ما على التلقي المرصود لمتابعتها ونجحت هي كمنجز من الاخذ بيد العامة من المشاهدين للعبور بهم نحو الجلوس امام الشاشات في مواعيد ثابته في البيوت والمقاهي والمطاعم رغم التهافت المجنون للفوز بمتابعين في اعمال اخرى وقنوات اخرى مؤدلجة ومدفوع لها الكثير كي تفوز بعقل الصبيان والفتيان واصحاب الاراء المتشدده… آثرت هنا ان لا ادخُل في لعبة النقد رغم انها ضروره والتي بات الحوار فيها معلوما على مستوى البناء الدرامي واخطاء التنفيذ وفلسفة المعالجه ان كان لها سبيل متقدم من الفهم وطرق البحث ولذلك لاآبه الى الملاحظات الكثيره المنتشره هنا وهناك وعلى مدار بعض الحلقات والتي يهتم بها النقد كثيرا ويفرح بتناولها منتجوا الاعمال الاخرى باعتبارها مثالب ، لكني ابحث التجربة بنيويا وملامح انتعاش المتابعة اليها حتى في ادق احداثها الصغيرة ولااسمح لنفسي ان اعطي البديل كوني متلقيا مختصا ومتابعا يعنيه ماانجزه اقرانه من قيم الجمال وشكل الهم المطروح بصيغ جمالية لائقةعبر شخصيات دراميه وممثلين مبدعين وكوادر فنيه اقل مانقول عنها انها استطاعت ان تقدم خلطة فنية ووجوه شابة مثيرة على مستوى التمثيل والتنفيذ التقني الناجح ..
ولو اردنا ان يجتمع راينا وراي التلقي البسيط بكفة واحدة … نقول …
-كانت القصة مثيرة
وفيها مشاعر حقيقية والمواقع او اماكن التصوير كما يسمونها جميله ولم نعد نرى الصورة بعكاز ولا الصوت مبحوح ولا الانارة خافتة بل لكل مزاج ادواته وحتى زوايا التصوير محسوبة جيدا وخرجت من لثامها التقليدي والوجوه جميلة حتى السلبية منها والبنات واعمارهن مناسبه تماما لدراما عراقيه حديثه وتمثيل لم نراه عند بعض من الممثلات عفوا !! اما لو تحدثنا عن البطل صالح واقصد المبدع محمد هاشم فانه قد ابعد عنا وجوها كالحه لصقت محياها بالدراما العراقيه من غير مغادره واستطاع ان ينجح ايما نجاح ولو كان قد كثّف بكائهُ تحت عنوان ( اراك عصي الدمع ) في اماكن بعينها وبرقابة المخرج (الغائبه مع الاسف في بعض الاحيان ) لكان بريقه قد اصبح عربيا مثلما حصل في الحلقة الاخيرة اذ كانت هي المحصلة الدرامية لموت البطل التراجيدي وانقضائه كما هو الحال في الدراما اليونانية الاثيره مع الفارق طبعا في الشكل والمحتوى وميدان التحليل والتقييم ..اما الحديث عن الجميلة زهور فانه يعلن عن ولادة متاخرة لنجمة درامية بامعان .. شكلا وحضورا واداء..
اما نجمات المستقبل القريب فهن حاضرات ابدا وبقوه … براء الزبيدي وبيداء المعتصم ..
ولابد في النهاية ان نحيّي الانتاج الصابر الدؤوب المتمثل بالمخرج سلام عرب وبالمخرج المجتهد اياد نحاس وقناة MBCعراق والمخرج الخلوق اوس الشرقي مشرفا …وكل عام وانتم والدراما العراقية بخير