عبد السادة البصري
كلّ عامٍ وفي الأول من أيار نحتفل مع العالم بعيد العمّال العالمي!
أذكر في ستينات وسبعينات القرن الماضي كنّا نستقبل صباح هذا اليوم بسماع صفّارات البواخر وهي تُطلقها ابتهاجاً، حيث تنشر الزينة فوق أبراجها منذ الليل وحتى اليوم الثاني وتعزف الموسيقى ، كذلك تُقامُ المسيرات والاحتفالات هنا وهناك وتُوزّع الحلوى والملبّس والجكليت على العمّال وزملائهم الموظفين وعوائلهم، ونجد الميناء في أبهى حلّةٍ و حركة دائبة وهم فرحون لابسون بدلاتهم الزرقاء محتفلين بعيدهم هذا!
كما أذكر أن لعمّال الميناء امتيازاتٍ خاصّةً من ملابس وأحذية ومؤونة أسبوعية خلال فترة دوامهم ، إضافة إلى الدرّاجات الهوائية التي كانت تختلف باللون عن درّاجات المهندسين والموظفين ذوي الدرجات الأخرى ،و تبصر الشارع كلَّ صباحِ مزداناً باللونين الأصفر والأسود وهم يذهبون الى حيث بوّابة الميناء التي وُضِعت عندها اسطوانات حديدية صغيرة لتكون مرآباً يركنونها فيه !
لكن بعد القرار الجائر والفاشل الذي أقرّه النظام الفاشي المقبور بتحويل العمّال إلى موظفين اختفت هذه المظاهر الجميلة ولم نعد نُبصرُ جماليات العمل وروحيته فيهم ، كما اختفت الامتيازات والحقوق وانتهت رمزية هذا اليوم أيضاً !
كيف يكون للعمّال عيدٌ ولم يكن هناك عمّالٌ بالمعنى اللفظي للكلمة ؟!
كيف يكون لهم عيدٌ وقد صار العاملون بأجرٍ يومي لا يتمتعون بأيّة امتيازاتٍ تُذكر ، وليس لديهم أيّة حقوقٍ إذا تعرّض أحدهم إلى حادث ما أثناء العمل ومن جرّائه ؟!
تغيرت أمورٌ كثيرة بفعل ذلك القرار ولحِقَ الحيف والغبن بالكثيرين ممن هم بدرجة عامل، ولكنهم بلا صفة ولا حقوق ولا امتيازات !
والغريب في الأمر اننا مازلنا منذ أكثر من أربعة عشر عاماً نعمل وفق هذا القرار الظالم ولم نفكّر يوماً بإلغائه وإعادة الحق إلى نصابه مثل الكثير من القوانين والأنظمة التي اقرّها النظام المقبور ومازلنا نعمل على وفقها !
اليوم وبعد مرور كلّ هذه السنوات علينا أن نفكّر حقاً وبجدّية في كيفية إعادة حقوق هؤلاء العمال التي ضاعت أدراج الرياح، فكم من عاملٍ أصيب أو توفي أثناء العمل دون أن يحصل أو تحصل عائلته على أي تعويض ؟!
اليوم ونحن نحتفل بعيدهم علينا أن نطالب بإعادة الصفة المثلى إليهم ، لأن العمّال هم أساس كل شئ ، فبدونهم لن يستطيع موظف ما وبأية درجة أن يحرّك ساكناً ، وبدونهم لن يكون هناك مسؤول ما أو ربّ عمل ، وبدونهم لن تُعمّرَ الأوطان ولن تزدهر أبداً ، لأنهم هم مَن يدقّ أولَ طابوقة في البناء دائماً !
لهذا علينا واجب إعادة صفتهم الكبيرة والعظيمة هذه ، ثم حقوقهم وامتيازاتهم وأن نخلّصهم من أعباء الأجور اليومية والأتعاب لنحتفل بهم ومعهم في عيدهم كلَّ عام !
وكلّ عام وعمّال العراق والعالم بخير وأمان وسعادة !.