“قطار الأنفاق” / ابراهيم بهرزي

“قطار الأنفاق” / ابراهيم بهرزي

(مسرحية من مشهد واحد)

ابراهيم بهرزي

قطار الأنفاق متوقف في المحطة، العربة مطفأة الأضواء ومغلقة. يدخل رجل أعرج يحمل كيس تسوق، يتوجه إلى مصطبة فيالطرف البعيد من الرصيف، يجلس ويضع الكيس بين ساقيه على الأرض، يسند رأسه على ظهر المصطبة، وسرعان ما يغفو.

تشتغل ماكينة القطار استعدادا للانطلاق، يُضاء داخل العربة كما يفتح الباب، يدخل رجل من الجانب الاخر من الرصيف،راكضاً، يمسك بضلفتي الباب قبل ان يغلق، ويدلف إلى العربة لاهثاً، يغلق الباب ويصطفق بشديدة. العربة فارغة تماماً،يجلس الرجل على مقعد يحاذي النافذة، يفتح صحيفة تغطيه كلياً ويستغرق بالقراءة. يرفع الرجل الاعرج، الغافي علىالمصطبة، رأسه، يتأمل القطار المغادر ببطء حتى يختفي، ويعود إلى غفوته. صوت عجلات على سكة الحديد والاضواء تتذبذب.

يدخل قطار اخر إلى المحطة ويتوقف ببطء. خلال توقفه تدخل الرصيف موجة من الناس، يتزاحمون ويتدافعون عند باب العربة،ينهض الرجل الاعرج مسرعاً، ويهرع للركوب، لكنه ينسى كيسه فيعود لالتقاطه، اثناء ذلك ينغلق الباب ويتحرك القطار، فيعودالرجل إلى مكانه.

الركاب يتوزعون بشكل عشوائي داخل العربة، منهم من يجلس واغلبهم يظل واقفاً ممسكا بالأعمدة يتأرجح مع تأرجح القطار. أحدهم يجلس قبالة قارئ الصحيفة يقرأ معه الوجه الأخر منها.

بعد دقائق يدخل قطار آخر، يتوقف وتضاء العربة ويفتح الباب، يهجم الناس من داخلها للخروج، يتزاحمون ويتدافعون،ومجموعة أخرى تحاول الدخول، ينهض الرجل الاعرج يحتض كيسه بحذر، يتدافع ويتمكن من دخول العربة بعنوة، فيفقدكيسه وتتناثر حاجياته وراءه، لكنه يدخل العربة تبتلعه موجة الركاب.

داخل العربة التي تختض، حوارات متقطعة تخالطها أصوات، وضحكات.

رجل: حدث هذا قبل قرون وتكرر في قرون لاحقة.

رجل ثاني يجيبه: كما جاء في النبوءة تماماً.

الرجل الأول: : انا لا أؤمن بشيء لا أفهمه.

صوت نسائي تسبقه ضحكة عالية: كنتُ مغفلة.

رجل يجيبها: وأنا صدّقتك، فكلانا مغفلان إذن (ضحكة عالية).

يتحرك القطار، الرجل الذي يقرأ الصحيفة ينتبه، ويتلفت من النافذة ويسأل الرجل الجالس امامه:

رجاء، متى نصل محطة السنترال؟

الرجل الثاني يجيبه: لقد اجتزناها للتو ، لكن القطار سيعود إليها فهذا الخط دائري.

الرجل القارئ: آه، ليس هناك أطول من دائرة مهما كانت صغيرة.

(ينهض استعداداً للخروج، يطوي صحيفته ويقدمها للرجل قبالته ويتوجه نحو الباب، يقف لاصقا وجهه على زجاجها). يتصاعد صوت مغني يعزف على القيثار داخل العربة :

طريق مجهولة،

لكننا نمضي فيه إلى الابد

بلا هوادة،

نمسك بأيدي بعضنا

مثل سلسة لا تنقطع.

يتوقف القطار وحالما يُفتح الباب تهجم موجة ركاب إلى داخل العربة، تصاحبها اعتذارات وتوسلات تعيق الرجل من النزولويظل وجهه ملتصقاً بالباب والقطار يمضي.

يتوقف القطار في محطة اخرى، لا أحد يركب ولا أحد ينزل غير الرجل الذي انتظر طويلاً عند الباب. ينزل ويظل واقفا علىالرصيف وظهره للعربة، يسّتل ورقة من جيبه، يفتحها ويستغرق في قراءتها، يرفع رأسه يقرأ اللافتات، يبحث عن ضالتهخلالها يدخل قطار اخر للمحطة خلف ظهره، ودون ان ينتبه، تجرفه موجة ركاب قادمين من كل الجهات يصعدون الى العربة،يدفعونه ويدخلونه معهم، فيعود الى مقعده الأول، وينظر عبر النافذةالقطار يمضي، الانوار داخل العربة تضيء وتنطفئ،المغني يواصل اغنيته بمصاحبة القيثار بصوت يختفي ويظهر، مع وتيرة عجلات القطار.

..

ويتمكن من دخول العربة بعنوة، فيفقدكيسه وتتناثر حاجياته وراءه، لكنه يدخل العربة تبتلعه موجة الركاب.

داخل العربة التي تختض، حوارات متقطعة تخالطها أصوات، وضحكات.

رجل: حدث هذا قبل قرون وتكرر في قرون لاحقة.

رجل ثاني يجيبه: كما جاء في النبوءة تماماً.

الرجل الأول: : انا لا أؤمن بشيء لا أفهمه.

صوت نسائي تسبقه ضحكة عالية: كنتُ مغفلة.

رجل يجيبها: وأنا صدّقتك، فكلانا مغفلان إذن (ضحكة عالية).

يتحرك القطار، الرجل الذي يقرأ الصحيفة ينتبه، ويتلفت من النافذة ويسأل الرجل الجالس امامه:

رجاء، متى نصل محطة السنترال؟

الرجل الثاني يجيبه: لقد اجتزناها للتو ، لكن القطار سيعود إليها فهذا الخط دائري.

الرجل القارئ: آه، ليس هناك أطول من دائرة مهما كانت صغيرة.

(ينهض استعداداً للخروج، يطوي صحيفته ويقدمها للرجل قبالته ويتوجه نحو الباب، يقف لاصقا وجهه على زجاجها). يتصاعد صوت مغني يعزف على القيثار داخل العربة :

طريق مجهولة،

لكننا نمضي فيه إلى الابد

بلا هوادة،

نمسك بأيدي بعضنا

مثل سلسة لا تنقطع.

يتوقف القطار وحالما يُفتح الباب تهجم موجة ركاب إلى داخل العربة، تصاحبها اعتذارات وتوسلات تعيق الرجل من النزولويظل وجهه ملتصقاً بالباب والقطار يمضي.

يتوقف القطار في محطة اخرى، لا أحد يركب ولا أحد ينزل غير الرجل الذي انتظر طويلاً عند الباب. ينزل ويظل واقفا علىالرصيف وظهره للعربة، يسّتل ورقة من جيبه، يفتحها ويستغرق في قراءتها، يرفع رأسه يقرأ اللافتات، يبحث عن ضالتهخلالها يدخل قطار اخر للمحطة خلف ظهره، ودون ان ينتبه، تجرفه موجة ركاب قادمين من كل الجهات يصعدون الى العربة،يدفعونه ويدخلونه معهم، فيعود الى مقعده الأول، وينظر عبر النافذةالقطار يمضي، الانوار داخل العربة تضيء وتنطفئ،المغني يواصل اغنيته بمصاحبة القيثار بصوت يختفي ويظهر، مع وتيرة عجلات القطار.

..

(Visited 16 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *