**شمال شرق
*عارف العضيلة / السعودية
لم يكن إعلان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في العام 2004م وعلى الملاء أنه أطلق خطته للحد من إستيراد النفط من منطقة الشرق الأوسط متوقعاً .. بل كانت صدمة للأوساط السياسية الخليجية التي ظلت لسنوات تحترم وتقدر زبونها الأول في شراء نفط المنطقة .. فكل دول الخليج العربي كان الأمريكان هم أكبر المشتريين للنفط ..
كان هذا الإعلان الأمريكي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من متغيرات سياسية كبرى.
فكان الرد الخليجي على تصريح الحليف الأمريكي قوياً. بل وكان عملياً حيث كانت الزيارة الخارجية الأولى للملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز بعد جلوسه على كرسي الحكم إلى الشرق وتحديداً إلى الصين ثم الهند ..
حيث كانت يومها تلوح بالأفق ميلاد قوتين صناعتين كبيرتين .. وكانت المبادرة السعودية في التوجه إلى هناك لتوقيع عقود تصدير النفط السعودي والخليجي إلى المشرق بدلاً من المغرب .. إضافة إلى عقود الشراكات الاقتصادية والسياسية الأخرى.
وخلال زيارة الملك السعودي الأولى أختتمها بزيارة تاريخية إلى جمهورية روسيا .. كانت الزيارة رسالة مهمة إلى الغرب أن الخليج لن يستمر تحت عباءة الأمريكان إذا حاول الأمريكان الإبتزاز أو عدم الإلتزام بالقيم والثوابت للعلاقات التاريخية فيما بينهم وسلك الخليجيون ذات المسلك السعودي.
فقويت العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الشرق وتحديداً الصين ..
وبالتأكيد حركت زيارة العاهل السعودي هذه التيارات المائية الأمريكية المتحركة لإعادة مسارها .. وتغير درجة التعامل مع الخليج .. وإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية. ثم عادت بعد هذا العلاقات إلى طبيعتها ..
المتابع للشأن السياسي في المشرق العربي يعرف جيداً أن منطقة الخليج ظلت تحت الاهتمام والرعاية البريطانية طوال عقود من الزمان .. وحرص الإنجليز كثيراً على أن تكون منطقة الخليج مستقرة وبعيدة عن الصراعات والنزاعات الدولية .. وهذا يؤكد عمق العلاقات الخليجية مع الغرب ومع أفول نجم الأنجليز كقوى عالمية مؤثرة وبزوع نجم الأمركيان ليكونوا الوريث الشرعي والوحيد للتركة السياسية البريطانية. كان اللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز مؤسس الدولة السعودية والرئيس الأمريكي روزفلت الذي أكد العلاقات الخليجية مع الغرب وإستمرارها وفق مصالح كل دولة من دول المنطقة مع الحفاظ على الحقوق والمصالح العربية والإسلامية ..
ومع نشوء تيارات الإشتراكية والتمدد العربي والعالمي نحو الشرق كان طبيعياً أن ترفض كل دول الخليج هذا الطريق.
رفض الخليجيون التغير نحو الإشتراكية الشرقية رغم الضغوط الإقليمية الكبرى التي مورست ضدهم. ورغم الحملات الإعلامية القوية التي عادتهم بسبب حفاظهم على التمسك بثوابت العلاقات مع الغرب.
بالتأكيد مرت العلاقات الخليجية الغربية بمحطات متغيرة من القوة ثم الضعف ثم القوة … ألخ ..
وما زال ما يجمع الخليجيون مع الغرب أكثر كثيراُ مما يفرقهم
كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية
للتواصل تويتر / @msader16