تماسك السعودية رغم الحملات الكونية / عارف العضيلة

**شمال شرق

*عارف العضيلة
لنا أن نتساءل لماذا تخرج المملكة العربية السعودية من كل أزمة سياسية تعصف بها. وهي أشد قوة وبأساً.؟!
لماذا رغم قوة وعنف بعض الحملات ضد السعودية. تعديها السعودية ببرد وسلام .. بل وتحقق من جرائها الكثير من المكتسبات.
فحين تتعرض بعض الدول لحملات معادية فحتماً ستتأثر سلباً .. وقد تحدث لها كوراث كبرى لكن الذي يحدث في السعودية هو ظاهرة غريبة في عالم السياسة. تستحق البحث والتأمل والتقصي. وخاصة لمن يجهلون طبيعة الداخل السعودي.
منذ إعلان قيام دولة المملكة العربية السعودية منذ ما يزيد عن التسعين عاماً .. مرت هذه الدولة بكثير من العواصف السياسية وتعرضت لكثير من الدسائس والمؤامرات .. وهذا عرف في الغرف السياسية شديدة السرية .. حيث يعمل الأقوياء وغير الأقوياء لزرع بذور الفتن والقلاقل في الدول .. لهدف التأثير على القيادة السياسية .. أو تحقيق مكتسبات أخرى كإستغلال ثروات الدول وإمكانياتها .. وغير هذا من المطامع ..
في السعودية وصلت ذروة المطامع والغايات إلى تقسيم الوطن وبالتالي إضعافه ومن ثم إستغلال خيراته وثرواته .. وكذلك إضعاف دولة عربية قوية ..
إلى الآن يبدوا الأمر طبيعياً وإعتيادياً للخبراء العارفين في شؤون وأسرار السياسة.
لكن الغريب والعجيب إنه رغم قوة الدسائس والمؤامرات وشدة سطوتها وتحالف قوى دولية وإقليمية لتنفيذها إلا أنها فشلت تماماً. بل لم يكن له أي أثر .. وإن كنا متشائمون نقول إن أثرها محدود ومحدود للغاية ..
كان المد القومي الناصري عنيفاً ضد جميع الملكيات العربية لأنها كانت توصف بالأنظمة الرجعية .. لم يكن للسعودية يومها ثقل إقتصادي ولا وسائل إعلام ولا مؤسسات مجتمع ملكي تسعى لحث الشعب إلى عدم الإنخراط خلف الموجه القومية وكانت مؤسسات الدولة هشة وضعيفة ..
وفي المقابل كان الإعلام القومي قوياً وكانت سطوة المال بيد القوميين ومع هذا كله فشلت هذه المحاولة التي كانت تستهدف تغيير النظام الملكي الحاكم ..
ليتكرر ذات السيناريو مرات ومرات ليكون أبرزها وأكثر عنفاً وسطوة. الحملات الكونية التي أستهدفت السعودية بعيد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م .. كانت الحملات عنيفة وقوية منها السياسي والإقتصادي والإجتماعي والإعلامي ..
تطورت درجات الضغط على الشأن الداخلي السعودي لتشمل الجمعيات الخيرية والمدارس ومؤسسات الدولة ومنظومات العمل الاجتماعي بل ووصلت حتى إلى العادات والتقاليد ..
جندت من أجل هذه الحملات عشرات الملايين من الدولارات ومؤسسات إعلامية كبرى ومنظمات دولية .. كلها كانت تسعى لزرع بذور الفتنة داخل السعودية.
ومن جديد تفشل .. لتكون السعودية بعد هذه الحملات أقوى كثيراً من ما كانت عليه قبلها .. لتحقق بعدها طفرة إقتصادية كبرى وصلت تأثيرها لدول المنطقة والعالم .. صنعت هذه الطفرة الكثير من المكتسبات الإجتماعية والسياسية والثقافية للسعودية ..
وتأتي مجدداً حملات الربيع العربي لتكون السعودية أحدى الدول المستهدفة بنيرانه وويلاته .. لكنها تفشل ..
وتتكرر موجات الضغط السياسي والتحالف الدولي والإقليمي للضغط على السعودية بعد مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي بشكل ممتهج جداً .. سياسي وإعلامي وإقتصادي.
إذا نعيد السؤال على أنفسنا أو نطرحه على من حولنا. لماذا السعودية تخرج من كل أزمة سياسية وهي أشد قوة وتماسك.
حتماً لن يكون المال هو السبب .. بدليل أنه خلال فترات المد القومي العروبي كانت السعودية تصنف أنه ليست من الدول الثرية. وكانت معدلات الفقر والأمية مرتفعة جداً في الداخل السعودي .. وكذلك حين كانت تداعيات الحادي عشر من سبتمبر كانت السعودية في ضائقة مالية شديدة جراء تداعيات حرب تحرير الكويت وإنخفاض أسعار النفط. التي لم يتجاوز يومها الـ20 دولار ..
السبب يكمن في العقد الإجتماعي الوثيق المنعقد بين الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود وأبناء شعبه من مختلف الطوائف والمكونات.
قام هذا العقد على الولاء والثقة المطلقة بين الشعب والملك وأبناؤه من بعده. فكانت الجبهة الداخلية السعودية متماسكة جداً لا تقبل المزايدات ..
فلم تنجح محاولات التأثير على قوة الداخل السعودي بإستغلال مشاكل البطالة أو الإسكان أو الفساد. أو الديموقراطية والمشاركة الشعبية في الحكم.
وبسبب تداعيات إنخفاض أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا أضطرت القيادة السياسية لإلغاء بعض البدلات المالية عن الموظفين وفرضت ضريبة بنسبة 15% وفرضت بعض الرسوم المالية التي يتحملها المواطن.
ورغم هذا لم يستجب الداخل السعودي لأي محاولات لإختراقه.
ولاء مطلق من المواطن يقابله إحترام شديد من القيادة. فكرامة الإنسان في السعودية محفوظة ومصانة لا يستطيع أي شخص مهما علت مرتبته أن يعتدي جسدياً أو لفظياً على أحد.
وكذلك الحقوق الرئيسية متوفرة بمستوى رفيع للمواطن كالأمن والصحة بحيادية وعدالة ومساواة وحق العمل والتجارة مكفول بكل عدالة للجميع.

كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية
للتواصل تويتر / @msader16