وسط الكاوليه من ذكرى جميله

وسط الكاوليه من ذكرى جميله

فاضل شناشيل
في بيت جدي الكبير بباب الشيخ كان ثمة عدد من الغرف الوسيعة الفارغه . إستأجر شخص من كوردستان ايران إحدى تلك الغرف هو و زوجته الفارسية الجميله اسمها ( صديقه ) والتي كانت على غاية من الجمال بياض بشرتها لم أراه الا عند ابواب حمامات النساء حين تخرجن النساء البغداديات يطغى عليهن لوني الوردي مع البياض ربما من كثر بقائهن تحت الماء الساخن . صديقه شخصية قويه بالبيت تحب شاه ايران محمد رضا بهلوي ففي واجهة غرفتها صورة للشاه مع زوجته التي كنت غالباً ما اتفرج عليها دون معرفتي بشخصية الشاه , ظننت إنهما من أقرباء صديقه فلا يوجد في بيت صورة ملونه الا هذه ! زوجها رجل طيب هو الاخر وسيم الشكل ومن حقها صديقه أن تعشقه فهذا ( الاحمراني الشعر ) أكيد من اقصى الشمال الايراني القريب من روسيا , كان عمله تصليح الراديونات ليس ببعيد من البيت . كان مؤتمناً على زوجته فجدي لديه بنات وشابين صغيرين بالعمر . حينما يعود يستأذن جدي بإن يأخذ نفساً من نركيلته داخل السرداب الفارغ الا من بعض الحاجيات , لم يمانع جدي فالسرداب فارغ والرجل لايحب ان يدخن أمام أفراد البيت إحتراماً لهم .
أحسست مرة بطعم غريب صاعد من شباك السرداب فقال لي جدي إنه رائحة التتن لاعليك .
بقيت صورة صديقه بالبال فهي تتحدث الفارسيه ولا أفهم ما تقول لكنها تحاول أن تشرح بالعربي ماتقصد فأضحك لشرحها . كانت والدتي تقول إن لها أب يسكن في كربلاء وصديقه لها أخت جميله جداً ,
_ بس مو أحلى من صديقه ؟
_ لو إتشوف فطم اتخبل .
_ همين مثلها تحجي ششبيش ؟
_ مو هذوله ميعرفون عربي زين .
فاطمه اختها أصغر منها بعمر ال17 عاماً آية من الجمال بياض البشره فم صغير مثلما يتمننها النساء ببغداد وشعر اشقر حين تبتسم يظهر لمعان اسنانها وكأنها رصت من الفضة الخالص , برز من خلال قميصها الشكري نتوءات مع ربوة عاليه هما صدرها وحلمتيها الظاهرتين من خلال هذا القميص الخفيف الفاضح . كانت على حق امي حين وصفت فطم فلا يوجد أحلى منها بكل محلتنا .
رجعت مع أبيها لكربلاء حيث يعمل والدها هناك في فندق الحسين .
في يوم من الايام أخبرتنا صديقه بأن أختها تزوجت من رجل عربي . والمعروف وهذه حقيقة إن معظم الايرانيات كن يتمنن الزواج من العراقيين لاسباب كثيرة منها كرمه بالبيت وعدم تقربه من ( الترياق ) والشبق الجنسي الذي يملكه العربي . فكل النساء يكرهن الرجل البخيل لاسيما إن بعض الرجال بايران يتصفون بالبخل . وكما قال الملا عبود الكرخي حين زار طهران ومر على عاهرات طهران وكيف نام معهن ليرسل برقيه عاجله الى صديقه حجي مجيد يحثه بالمجئ واغتنام الفرص وترك بغداد فهنا بطهران العجب العجاب .
قم الى طهران يا حجي مجيد اسرع من البرق اريدك والبريد
بالغواني تنكح وتشرب خمر ونغمة الاوتار تسمع ياعميد
تعال واسمع لفظ من بنت العجم تكتلك في الحال إذا گالت ( جونم )
وحق محروسك حميد اعظم قسم اليوم انا عايش أخي بارغد نعم
ما على قلبي غم وهم كل يوم نحن في عيد جديد
د ظل دين صير وأتحمل مرار قائم الليل وصائم في النهار
لما ياتيك الربيع ويا حمار موت محشوم إنت ياحيد وعميد
……….
جائت فاطمه مع زوجها ( المعكل ) وجلسوا في بيت ( صديقه ) وثم الطرمه الكبيرة ربما ارادت فطم أن تري زوجها هؤلاء الساكنين بالبيت او تريد ايصال رساله له بأن الجميع هنا اقربائها وأهلها وهذا الرجل الكبير ( جدي ) هو كبير البيت وكلمته هي العليا وحتى اختها صديقه وزوجها يحترمون كل الساكنين في البيت . الشاب المعكل لم يتفوه بشئ , فحاول جدي جرجرته للكلام ولمعرفة من أي الأقوام هذا الرجل ينتمي . نهض لينادي على امي قائلاً
_ گولي لخواتچ لحد بيكم يشوف الرجال .
_ ليش يابه ؟
_ بعدين اگولج , خلي ايروح واگولج ليش .
ذهبت فاطمه مع زوجها لبيتهم الجديد في المشتل كما عرفت فيما بعد .
_ الرجال هذا كاولي !
_ كاولي شنو يابه ؟
_ هذول سمعتهم مو زينه , كلشي ايسوون . فهمي صديقه وگولي لها ميخالف تزورج اختج , البيت بيتج بس الرجال غريب منعرفه وآني عندي خوات ابويه يخاف عليهن , هيچي فهميها لصديقه ولتخليها إتحس بالغربه لو تنقهر . صديقه بتنا و زوجها خوش ولد عايفين ايران وجايين هنا يدورون رزقهم , ما أريد اخسرهم . بس أويلي هذا ابوها اشلون قبل بهالكاولي ؟
حاولت أمي إفهام صديقه بإن زوج أختها ربما عينه زايغه أو مو راحه أو شئ من هذا القبيل وجدي لايرضى بالموزينه بالبيت وبالمحله كلها .
روت صديقه لأمي قصه اعجاب هذا الرجل بأختها فهو من الطائفه الجعفريه كانوا في زيارة لمرقد الامام الحسين وباتوا كم يوم في الفندق ورأو أختي وأعجبوا بها وحين قال أبي مهرها غالي لم يمر ساعه على الحديث وأذا بالشاب وأهله قد جاءوا بالذهب اليها و وضعوه بين يدي ابي وقالوا هذا مهرها إن رضیت وإن لم ترضى فسوف نشتري لها ضعفين هذا النيشان ولن نخرج من الاوتيل الا ومعنا فطم . وأمام هذا الاصرار والكرم العربي وافق أبي .
_ زين ابوج سئل عليهم ؟
_ خلو كل هالذهب بين ايد ابويه وتريدين يسئل عليهم ؟ مو حلوه .
زوج صديقه لايهمه من يكون عديله الجديد غجري حجري قاجاري المهم ( ترياقه المفضل يدخنه بسرداب البيت ) ويعيش سارحاً في عالم الشعر والمجون والرقص الذي تؤديه إليه سراً بالغرفه زوجته صديقه وهو يستمع الى راديو كرمنشاه على أنغام الموسيقى الراقصه .
في يوم من الايام زارتنا ( فطم ) الجميله الساحرة التي طبعت صورتها بمخيلتي لحد اللحظه ويبدوا إنها جائت لوحدها هذه المره واستمتعت بوقتها بين نساء البيت ثم طلبت هي من أمي أن اذهب معها للبيت , ولأنني لازلت صبياً صغيراً أحب الذهاب الى اينما يقولون فهي بالنسبه لي سفرة اتمتع بها بركوب السيارة الكبيرة الحجم واتفرج على بعض معالم المشتل وربما ساحة الفروسيه الملكيه التي تبرع بها اليهود إكراماً لملك العراق بمنطقة المشتل . هي تفتخر بنا وتدعي إننا أهلها وذهابي معها الى بيتها في المشتل يعزز قناعة أهل زوجها بإن لها اقرباء وأهل ببغداد .
هؤلاء الغجر ليسوا بالسذج فمهما يكون الانسان ذكياً لابد أن ينسجوا الخیوط لفريستهم لتكون لقمة سائغه بفمهم .
دخلت صالة البيت الجديد فهو لايشبه بيتنا الرطب ولا شناشيل تذكر في جوانب البيت ولا شبابيك الخشب ولا الحلفات المبرده بالمياه صيفاً وليس هناك ( بوري الماي ) وسط الحوش ولا الدرج المخفي ولم ارى الطابوق الفرشي المربع البارد بالارض ولم ارى بعض الملوحه الظاهر على جدران البيت الخارجي , حين دخلت لم ارى مطرقة الباب الخشبي ( الصفر ) ولم ارى المصباح الضوئي بباب الحوش كما كان يستبدلها جدي حين يكسرها الاولاد الصغار ولم ارى الزجاج الملون عند فتحات الشبابيك . في بيتنا قنفة واحده ثقيله الحمل عليها حصيرة ومندر طويل ………….
لكن في هذا البيت صالة يسمونها الاستقبال والارضيات من الكاشي والشبابيك من الحديد وبعض جوانب الغرف لونت باللون الوردي و رأيت فتحات مشبكة فوق الابواب عرفت إن الهواء البارد المنعش يأتي من خلالها عبر انابيب متصلة بمبردة هواء . مجاز بيتنا كان مبطناً قليلاً و رطوبته عاليه وهنا المجاز يدخل به سيارة كامله . أخذت جوله فضوليه بأركان البيت والحديقه الاماميه ثم عدت للصاله وجدت إمرأة كبيرة جالسه نادتني لأكون جنبها ولكني فضلت الجلوس قرب فطم . تبسمت هي وتبسمنا جميع البنات الحاضرات بالصاله .
ياترى كم يملك من اخوات زوج فطم ؟ عددهن فوق الثمانيه ولبسهن فاضح , لم أعد أتذكر حلمات وصدر فطم بل هذه المرة النظر الى سيقان خوات ( الكاولي هذا ) فالثوب الخفيف الذي ترتدينهن هولاء البنات خفيف جداً فاللون الازرق للنفوف يبدوا ضبابياً ربما خيطاً من الزراق ولون جسدهن واضح من خلال اثوابهن تنهض هذه وتجلس هذه فاليوم هو الجمعه والغذاء شهياً طيباً لم أذقه طيلة عمري في بيتنا . الرز الاصفر وفوقه شرائح اللحم والكبة الكبيرة الحجم موضوعه بصواني صغيرة والعنب الكثير وأقداح الزبيب البارد وفواكه طازجه وحلويات فوق المناضد وما ادهشني أكثر هي تلك الارائك ( القنفات المغلفه بالاسفنج ) . فحين تجلس إحداهن واضعة ساقاً على ساق ارى سيقانها الممتلئه بوضوح , ما أجمل ملمسهن الناعم يأخذك لعالم الغيب . فهذه أجمل من هند رستم حين تضحك تضحك معها الستائر راقصة وحين تمشي الاخرى بغنج و دلال تمشي خلفها الملائكة يحرسونها وحين تعض الاخرى شفتيها يقف لها الشيطان متوسلاً باكياً طالباً رضاها , البيت كله نساء ياربي ! وأي نساء ؟ فطم جميلة بلاد فارس عروسة ابنة صاحبة البيت وسهاد و اريج وزهور واسماء اخرى ربما ليست اسمائهن الحقيقية في هذا البيت ماذا يفعلن ؟ ضحكاتهن لو سمعت بها بغداد لدب السلام فيها الى ابد الابدين و رقص هيفاء بغرفتها قد وضعت قطعه قماش طائره مرسلة من قبل جندي مجهول تضعها على خصرها لتخوض مباراة مع راقصات مصر . ليلى تمد يديها الى صدرها ربما تريد رفعهن للسماء .
_ تعال حبيبي تعال ؟
نادتني وأنا مندهش من تلك الحمالات كيف رفعن هذا الصدر العظيم ! لم اتفوه بكلمة , فاتحاً فمي ياترى هل أنا وسط نعيم الجنة ؟ ما اجمل نساء وبنات هذا البيت , كنت الاسعد انساناً وأنا ازور الحواري الحسان من غرفة لاخرى هذه تريني حذائها العالي وهي تسير بغرفتها وأنا لاافهم سر الاحذیه وألاخرى تريني سلسلة ذهبية فيها آية من القرأن تفتح وفيها صورة طفل تقول هذا اخي .
_ بس هذا ما يشبه فلان ( زوج فطم ) ؟
_ لا هذا مو أخويه . هذا إبن ………. واللي بالصورة أخويه صار فترة مشفته .
قبلته ثم وضعته في صدرها .
تسمع اصوات اجمل من صوت زهور حسين بين هذه الحيطان ويقيناً إنهن خائفات من المصير المجهول , لكن هنا في هذا البيت كل شئ مباح حتى الصباح ….
تمنيت زيارتي يطول في هذا البيت النعيم , عدت باليوم الثاني لبيتنا في باب الشيخ لاشرح لوهيبه الصغیره الجمیله ما رأيت وضجيج الاولاد بالمحله ولم امسك لساني فشرحت لأهلي ما رأيت فكان ذاك هو اليوم الاول والاخير في حياتي ليضعوني بين كتب المدرسه والمواظبه لأكون مجداً بالصف ولكنهم لم يستطيعوا محو ذاكرتي من قصة فطم وهي لاتدري بانتقالها للعيش وسط ( الكاوليه والکحاب ) ..
لازالت الى اليوم فطم جميله جداً في مخيلتي ولم تكبر ….
اسعدتم ليالياً

(Visited 22 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *