تحقيق : استغلال النساء في ظل العمالة النسوية .. مريم ماجد

تحقيق : استغلال النساء في ظل العمالة النسوية .. مريم ماجد

   تحقيق : مريم ماجد

تفرز الحروب في  دول العالم مجتمعات محطمة وارتدادات  نفسية

ومادية جانبية ومباشرة يقع تأثيرها على طيف كبير وشرائح متعددة من اي مجتمعمنكوب بالحروب والصراعات

يعد الشرق الاوسط وتحديدا العراق من اكثر المناطق التي تضررت جراء العملياتالعسكرية التي اجتاحتها  بسبب سياسات الحكومات المحلية او التدخلات الخارجية فيالشأن الداخلي على مدى قرون ادت الى تفشي ممارسة العنف ضد المرأة بشكل خاص فيالبيت والشارع واماكن العمل وإستغلالها بشكل مباشر وغير مباشر.

عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدةالعنف ضد النساءعلى أنهأي اعتداء ضد المرأة مبني على أساس الجنس، والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسيللمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات،سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة.”

وحسب الاحصائيات العالمية المتعلقة بإنتهاك حقوق  الانسان فقد كان للمرأة النصيب الاكبر بذلك الضرر ,عززت من مضاعفة هذا  الاثر العادات والتقاليد المجتمعية التي تساهمفي سحق المراة اضعافا مضاعفة وغياب الاحصائيات الحقيقة المحلية عن حالات الانتهاكالجنسي داخل اماكن العمل او حتى الشكاوى المقدمة او المسجلة ضمن هكذا نوع منالانتهاكات وعلى الرغم من استعداد المرأة التام لتولي مسؤوليات  العمل والانفاق علىالعائلة .

وبغية اجراء تحقيق مصغر لإثبات اثر الصراعات والنزاعات الداخلية والخارجية ووقعالكوارث الطبيعية واللاطبيعية على طبقة النساء تحديدا قمنا بمحاورة احدى النساءالعاملات في محل بغدادي وتحديدا في منطقة الكرادة التي تضج بالعمالة النسوية الشرعية وغير الشرعية على حد سواء.

(س ز) شابة في الثلاثين من عمرها بغدادية المولد عزباء  وجدت نفسها مسؤولة وبشكل تام  عن اعالة عائلتها المكونة من خمسة اشخاص , والدتها واخوتها الاربعة بعد ان  توفي والدهم بعد اجتياح العراق من قبل القوات الاميركية والتحالف الدولي سنة 2003

مع بداية المقابلة اعتراها الكثير من التردد والخوف من الادلاء بشعورها تجاه الموقف والمسؤولية التي القيت على عاتقها مجبرة كونها البنت الكبرى للعائلة اضافة الىحشرجة في صوتها تدل على مكنونات مؤلمة لاحداث تخشى الافصاح عنها دون تبيان ايسبب

تقول سوزان: مات والدي مبكرا او استشهد على يد (الامريكان ) مصطلح يطلقهالعراقييون على المجند الاميركي

استهدفوه اثناء رجوعه من محافظة ديالى متوجها نحو بغداد مع بداية السقوط (سقوط النظام السابق ) لم نعلم لجثته مكان ولا حتى كيف مات واين دفن , نحن لانعلم سوى انه قتل على يدالاميركان هذا مانقله شاهد عيان في يومها كان موجودا في منطقة الحدث.

تردف سوزان:كبرت وانا لااتذكر اني عشت طفولتي كما يجب او فترة مراهقتي كمايجب,لااتذكر سوى العوزوألم امي ونحن نطلب منها احتياجات بسيطة كانت غير قادرةعلى تلبيتها لنا .

اتذكر ايضا وجه امي في يوم مضى اخبرتني انها قد وجدت لي وظيفة في احد المحلاتفي منطقتنا وانني يجب ان اعمل لمساعدتها على المعيشة ومتطلباتها دون ان يكون لي ايةقرار في الامر  في ذات الوقت الذي كنت استعد معه الالتحاق بالدراسة الثانوية .

وهكذا وجدت نفسي عاملة في هذا المحل  تارة وتلك الكافتيريا تارة اخرى ارى احلامي فيالحصول على شهادة جامعية تتحطم امامي في حينها لسبب واحد فقط هو انني البنتالكبرى للعائلة.

تكمل سوزان قصتها بدمعة ترقرت وسط عينها خفية ساكنة: كنت احاول ان امضي فيطريق العمل واوهم نفسي بالسعادة وانني يوما ما ساكمل دراستي وانهي مشواريالتعليمي واصل طموحي فلاشيء صعب مع وجود الارادة وفعلا وضعت اللبنة الاساسيةلإستعادة مشواري الدراسي مرة اخرى عن طريق التقديم للدراسة الخارجية ونجحت معاول اختبار علمي والحمد لله بمعدل مؤهل لدخولي الى احد جامعات بغداد الرصينة بعدمقاطعة المسؤوليات الملقاة على عاتقي لمشواري التعليمي, ذلك الطموح الذي مالبث انيتلاشى بين يدي في كل مرة اخطو فيها نحوه.

ثم سكتت سوزان بدون اي مقدمات كأن صخرة من السماء وقعت فوق رأسها

سألتها مالذي حصل ؟

اي شيء تذكرتِ؟

بقيت مترددة  من الافصاح  والتكلم بأي حرف حتى اخذت مني  الامان ان لااحد سيقرأماستقول ولن ينشر اي شيء الا بعد موافقتها واقتناعها بالنشر مع اسم غير حقيقي لها.

بعد ذلك قالت:

(ابو المحل) ….وسكتت وتعني صاحب العمل الذي كانت تعمل لحسابه  فسبقتها فيالسؤال السابق ام الحالي فأجابت بالسابق ,قلت اكملي لطفا

اتصل  بي رب العمل  ذات مساء طالبا مني البقاء بعد انتهاء ساعات الدوام دون ايتوضيح  فإستغربت من طلبه كثيرا مع المزيد من القلق من انه ربما سيتم معاقبتي علىخلل ما او ربما سيتم طردي فنحن رهن اشارة ومزاج رب العمل خاصة في العراق حيثلاقانون يحمينا او يضمن حقوقنا اويحصننا من الطرد التعسفي .

تعود لتقول استغربت كثيرا وخفت من هذا الاتصال  خاصة واني اعمل لساعات متاخرةوان اغلب العاملين معي في محل العمل يتوجهون لبيوتهم بعد انتهاء اوقات الدوامالفعلي.

سألت سوزان: ماهي الجملة التي قالها لك بالتحديد على الهاتف؟

فأجابت مترددة: مرحبا سوزان اليوم اريدك ان تبقي في المحل ,اريد ان اتكلم معكبموضوع هام جداً ثم اغلق الهاتف….

بعد هذه المكالمة شعرت ان جسدي بارد تماما اشبه بجثة هامدة , شريط حياة مستقبلي مرامامي بسرعة البرق

اخوتي , امي, ايجار بيتنا, حتى احتياجاتنا اليومية وغيرها الكثير خشيت من القادم بكلصراحة.

سألتها مباشرة: مالذي حصل حينها؟

اجابت :انتظرت حتى المساء فعلا وتسلحت بالقوة اللازمة فانا لست ضعيفة ومؤمنة انلااحد يستطيع اجباري على امر انا ارفضه مهما كانت صفة او قوة ذلك الشخص.

عموما ….

بعد الساعة التاسعة والنصف تقريبا وبعد مغادرة جميع العاملين  حضر صاحب المحلوطلب مني الجلوس في غرفة مكتبه الخاص جمعنا حوار عادي هاديء سألني خلاله عنصحتي واحوالي وهل انني سعيدة بالعمل معه وهل هناك مايمكن ان يقدمه لي

ثم اشار الى امكانية حصولي على مكافأة  فقاطعته وقلت له (ماسبب المكافأة ) انا اعملمع اقراني تقريبا بنفس الجهد فهل ستكون المكافأة عامة ام خاصة؟

بصراحة تعمدت احراجه بهذا السؤال

سكت قليلا ثم قال : شوفي سوزان بصراحة انت تعجبيني حيل حيل ودخلت براسي مناول اشتغلتِ عندي وانت مو وجه تعب وشغل شنو رأيك تكون حبيبتي او اي شي يعجبكنكون عليه المهم تكونين الي بس بالسر.

تقول سوزان كنت اتوقع نوعية الكلام بعد تلميحاته السابقة واستعددت نفسيا لسماعه.

وبعد ان انتهى من كلامه نهضت من مقعدي قائلةً: هل اكملت حديثك؟

وقبل ان يجيب بصقت بوجهه وخرجت من مكتبه مسرعة احبس دموعي وحرقتي واناتحت تأثير الموقف الصعب , لم انبس ببنت شفة لإسبوع كامل ولم اتكلم مع والدتي التياخذت تُلح علي بالسؤال: سوزان لما لم تذهبي للعمل.

بعد اسبوعين وجدت لنفسي مكان عمل اخر عملت جاهدة ان يكون اميناً لدرجة كبيرة ,كانمحل العمل عبارة عن مطعم متواضع مطل على شارع الكرادة داخل اعمل فيه كاشيرةاستحصل مبلغ قوائم الطعام من الزبائن واجلس خارج المطعم بمقابلة الشارع .

اعترف ان الضربة التي تحدثت عنها جعلتني اقوى مع انها كان من السهل جدا انتكسرني لأنتهي داخل البيت او انحرف عن جادة الطريق كما فعلن غيري مرغمات اوراضيات بسبب الوضع المالي السيء الذي تعيشه البلاد ….

سوزان واحدة من الاف حالات امتهان العمالة النسوية واستغلالها بسبب الفاقة والحاجةالمالية والوضع الاقتصادي المتردي .

ومما زاد استغلال هذه الشريحة هو غياب قانون حماية العاملين وتنظيم انتظامهم ضمنقطاعات العمل الخاصة والعامة بحيث امست مشكلة التحرش والاستغلال الجنسيمشكلة شائعة بين نساء المجتمعات الشرقية والعراقية تحديداً وتكاد ان تكون ضريبةيومية قابلة للدفع تتماشى طرديا مع ارتفاع نسبة النساء العاملات في القطاعين الخاصوالعام

(Visited 38 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *