علي حبل المتين
راسلني قبل عدة أيام شاب بمقتبل العمر يسأل ما رأيك بمجموعة ملحدي السماوة؟بدوري سألته هل هي مجموعة حقيقية أم ملتقى أم نادي أم ماذا؟ أجابني عنوان لمجموعةعلى ألفيس بوك تتوافد عليها المئات من الشباب حتى صارت مشهورة!
أنا أعرف معيار الشهرة في هذا البلد فهو على نظام خالف تعرف أما تقديم محتوياتفارغة سخيفة غير هادفة أو تلفظ بعض الألفاظ النابية مخالفة للمعايير الأساسية للذوقالعام حتى صارت تلهج بها أغلب شبابنا وكل ذلك من أجل زيادة المتابعين لا أكثر فإن كُلضغطة زر متابعة تدر عليه ثمن سخافته، وبقدر ما تكون سخيفًا تكون مشهورًا والأدهىمن ذلك أن الأذكياء ينجذبون لمن يعدونهم أغبياء فيكون الغبي أكثر منفعة من الذكي لأنهحاول إيصال رسالته فاستماله ماذا نفعل هكذا هي نتيجة المعادلة، لكن لم أكن أتوقع أنيصل الأمر الى هذا الحد من تدني النفس والضعة والتعدي على مقام الذات الإلهيةواستغلال البسطاء وتحويلهم الى مصدر استثمار مجني، قمت بالحث عن المجموعة واذاهي فعلًا كما وصفها لكنها فضفاضة لدرجة أنها متنفس للسخرية والاستهزاء بملحديالسماوة حتى اني حاولت كل جهدي فهم كلامهم لم افهم منه غير انهم مجموعة فاقديالهوية وهذا ما يفعله الرخاء الديني فهو ينتج ذكورًا ضعفاء وقد علمتنا الايام والتجاربان الشدائد والمحن هي التي تصنع الرجال؛ واما تربية الدين والعرف من قبيل هذا الفعلعيبٌ مستقبح وهذا محرم مذموم هي التي خرجت أجيالًا يقتدى بها والانسان بفطرتهيحتاج إلى قوة اعلى واقدر منه تراقبه وتلامس أحاسيسه وتنظم له حياته، قُرة عينحكومة الدين السياسي التي خربت كل عامر وهتكت كل مستور…
ماذا قدم الإلحاد للبشرية حتى يكون ديدن وهم الشاب العراقي اعتناقه والتبشير به، أنهعملية تعطيل وتجميد للعقل وتحويله إلى كومة خردة بائسة، وأنه في الجوهر عمليةتتعلق برؤية دوغمائية؛ وأن أعظم الملاحدة لا ملاحدتنا المضطربين عندما وصلوا إلىطريقٍ مغلق لم يقاوموا مرض الأنة واعترفوا باليقينيات، كيف والحال أن مجموعة السماوةهذه ركيكة اللغة ولا تفهم ولا تعي الفعل الخاسر المقدمة عليه وهم لا يملكون أي معلوماتعن الإلحاد وأنواعه ونشأته ومُنشئه وفلسفته لا يعلمون أن الإلحاد دين بذاته فمادام يعتقدبشيء فهو يؤمن لكن يخادع نفسه لتمرير شهواته؛ حتى أن أحد الرادين عليهم يخاطبهم(أهل السماوة أنتم عمل ماعدكم ودرون الحاد)، وبصريح العبارة الفرد العراقي هو فردمتأقلم ومتنوع وهنالك طرفة يتناقلها المجتمع العربي أن عبد الرحمان عارف عندما زارجمال عبد الناصر سأله كم عدد العراقيين؟ أجابه ثمان ملايين فسأل كم شيعي؟ منهم أجابهثمان ملايين وهكذا كلما سأله أجابه بذات الجواب حتى غضب منه فأجابه أن العراقي ماذاتريده يكون؛ بئس الطبقة الحاكمة على هكذا دور وأداء تاجروا بمعتقدات الناس وأعرافهموشرفهم وإيمانهم حتى أن الفرد العراقي أمسى غير معتزٍ بهويته الوطنية والدينية، هذاالشاب وغيره لو عرضت قلبه على السونار لوجدته ينبض حسرا على حاله ولا يحتاج الىالكثير يكفي البكاء امامه ومخاطبة فطرته السليمة التي لوثتها الظروف والمآسي فهوعندما يرى ابن فلان قائمًا مصليًا يخاطبهم ازهدوا الدنيا الدنيئة وهو فيها راغب وابناءهيمرحون بالمال كأنه ارثهم وأرث اباءهم سيقول من غير تردد لايوجد دين انها خدعةلنهبنا…
لم يبقى لدينا شيء نحسد عليه لا أخلاق ولا قيم ولا تعاليم ولا احترام، إنما تعمر البلدانبسواعد شبابها وكل فتنة ومؤامرة تأخذ منا مأخذها مع أننا أكثر تجربة لكن لم نتعضفتمر علينا مرور الكرام وعندما تُدبر ندرك مأخذها، كل هذا وغيره سببه الفراغ الحياتيوقلة اهتمام وعدم متابعة ومبالاة والحكومة هي المسؤول الأكبر بل هي تسعى جاهدةلتوفير هكذا نماذج للفكر متردية من شيوع التخلف والتخدير الفكري، وعدم توفير فرصالعمل والخدمات حتى أن الفرد العراقي صار يفضل الوظيفة الزاهدة على خدمات المعيشةالكريمة، فهو لا يحتاج الكهرباء والماء وحتى الهواء إذا ضمن وظيفة تسد رمقه…
الإلحاد ليس أشد فتكًا من الانتحار وغيرها من المهالك، نحتاج وقفة جادة وهي مهمةالجميع وبعض الاعتناء والالتفاف من ذوي الاختصاصات والتوجهات العلمية لا تأنفواإخوتكم وترونهم أدون منكم مرتبة فهذا وباء مستشري ولا عاصم منه اليوم غير التصديفلا مبالغة أن قلنا هو جائحة العصر.