الأنا:
لم يك إبليس غبيا، لكن كانت الأنا عنده مرتفعة فأعمته عن إدراك قدر نفسه فتاهت وضعفتعندما قال (أنا خير منه) فقد عصا وتكبر عن الاعتذار، بل ظن أن السنا والنار أرقي منالطين، ونظر إلى المادة ولم ينظر إلى ماهية خلق الخالق وأمره بالسجود للروح التيصنعت بها نفس آدم.
ثم الدرس الأول للرقي أن آدم المسجود لخلقه يخطئ، وان كل تلك الصفات لن تكونللمفاضلة وإنما المفاضلة في الاعتذار وبشفافية الإحساس وليس ببلادة الإحساس، فلميلق آدم اللوم على إغواء إبليس ولا تأييد حواء، وإنما اعتذر فالآدمي اًذًا يحس بخطئه،وحينما عجز عن التعبير عما يختلج في نفسه علمه ربه الكلمات.
مع خلق الإنسان وجد الاعتذار، كذلك اعتذر هابيل لقابيل انه لن يرد عليه سوئه لكن قابيلقتل هابيل بالانا، فكان في قاموس خلق الإنسان الندم… الندم اعتذار عن غياب عقل الحدثبسلطان الغريزة، لكن من لا يحس باذاه على غيره ولا يندم ولا يعتذر فتلك بلادة إحساس قدتكون عند اذكى الناس ومنهم إبليس الذي لم يحس انه أخطأ رغم ذكائه ومناقشته خالقهرغم مخالفته له.
لطالما نرى هذه البلادة الحسية في نخب، ذلك لان الأنا عندها يحيد بها عن الآدمية إلىمنهج إبليس، فإبليس حسد آدم وحاول استغلال مواطن ضعفه ليهينه، وكرهه لآدم ليس إلاأن الله امر بالسجود لعظمة خلقه، من هنا يقعد لسلالة آدم كما وعد بالانا والتعاليوالحسد، وبدل الاعتذار يصدر كلاما غير لائق وعندما يتجاوز أي هابيل على قابيل يظن انهمتمكن غير مدرك أن قربانه لم يقبل لسوء نفسه وتشوهها بالكراهية والبغضاء والحسد.
الاعتذار من مكارم الأخلاق:
الاعتذار احتياطا عن جهل ما يؤثر على من هو أمامك هو اعتذار يليق بالصالحين وليسضعفا، ولا هو إقرار بخطأ وإنما لكيلا يكون هنالك خطأ ومع تداخل الثقافات واستلهامبعض المقولات نجد أن ناسنا قد تغيرت لتعتبر أن الاعتذار ضعف وان قوله من الآخراستسلام وان تجاهل الرد بكلام يطيب الخاطر تعبير عن صلابة موقف وتعاد نفس قصةهبوط إبليس عندما فكر بهذه الطريقة التي يفكر بها غالبية الناس اليوم غير مدركةلخسارتها الاجتماعية.
معالم القوة في الاعتذار:
الرسل تعتذر عن الخطأ، الدعاة تعتذر عن إصرار المسيئين لان واجبهم التبليغ رغم انهميتعرضون لأذى من يريدون صلاحهم وهداهم، )وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُمُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ( الأعراف 164& لعلالصلاح يأتي عندما تعظ، فالاعتذار قيمة فعل، اعتذارنا قد يراعي سوء تفاهم مع الأخرفيعطيه مجال للمراجعة بدل إثارة الأنا؛ فإما أن يرد الاعتذار أو يجبن بلبوس الشجاعة عنرد الاعتذار.
السيطرة على الأنا تحتاج إلى عقلية راجحة ونفسية معافاة عندما تسجد الأنا لربها تكونالأقرب إلى الآدمية، المناجاة لله استقرارا للنفس بترويض الأنا، وفي مثلنا الأول حول أبوناآدم، فانه عندما أحس بخطئه أحس بوجوب الاعتذار والله اعلم بعبده، فعلمه كيف يستغفروطلب المغفرة هو اعتذار لله بينما إبليس ذهب مغاضبا يتهدد ويتوعد فالكراهية والاناغلبته.
ثقافة الاعتذار:
عندما يكون الاعتذار ثقافة يكون ميزة في مجتمع وليس أفرادا فذاك من السلوك المرتفع إلىعالي الأخلاق، وهذا يأتي عندما يدرك الإنسان الآدمية ويعلو إيمانه ولا يستجيب لعزةبإثم.
عندما أتى الإسلام بقيمه، كان القوم ابعد الناس عن الاعتذار تأخذهم العزة بذاتهم حتىيتجاهلون الحقيقة بتبريرها، لكن سرعان ما تغيرت الناس عندما ربطت انفسها ومايريحها برضا الله، فكان الكل حريص أن يرضي بعضهم البعض، يسال عن أي التفاتة أوحركة فيدين نفسه خشية أن يؤذي أخاه، وهكذا ضعفت الحاجة للقضاء زمنا طويلا فالناستنصف بعضها حرصا على الرضا فالمصلحة كانت بالرضا والمحبة، لكن عندما تنحدر الأمموتجد أن الكراهية تتحول إلى عامل الرضا الإلهي بالاختلاف ويصدق الناس أن أذىالإنسان لأخيه الإنسان رضا لله، عندها تهبط الآدمية وتغيب ثقافة الاعتذار.