د.احمد عدنان الميالي
منذ تعديل الامر التشريعي المرقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥ واستكمال نصاب المحكمة الاتحاديةدخلت الاخيرة بقوة في مسار الانتخابات المبكرة ومابعدها في مسالة الركون اليها من قبلالفرقاء السياسيين ليس في الوظائف الاساسية المتعلقة بتفسير مواد الدستور والشكليةكالمصادقة على نتائج الانتخابات بل في كل صغيرة وكبيرة ووصل الطعن عندها حتى فيصحة عقد جلسة للبرلمان او دعوة انعقاد او فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية واي قراراو بيان او امر ديواني او تشكيل لجنة سابقة او حالية، مايؤكد ان مستويات الخلافكبيرة جدا وان الدستور اما لم يعد صالحا او ان القوى السياسية مستمرة بانتهاكه،وايضا القوانين والانظمة والتعليمات غير واضحة وقابلة للتاؤيل والتجاوز من قبل صناعالقرار.
ينبع الدور المعقد للمحكمة الاتحادية في النظام السياسي من سلطتها الواسعة في إبطالالتشريعات و الإجراءات التنفيذية التي تتعارض مع الدستور، وهي تمارس الان سلطةالمراجعة القضائية نتيجة هذه الخلافات ليكون للمحكمة مسؤولية حاسمة في الحفاظعلى “دستور حي “يتم تطبيق أحكامه باستمرار على المواقف الجديدة المعقدة.
لكن في الواقع يجب ان يتمحور دور المحكمة في التفسير الدستوري عند الضرورة لادارةالاضطرابات والصراعات الحاسمة في العملية السياسية لان اقحام المحكمة الاتحادية في البت في كل مسألة دستورية وتشريعية وتنفيذية لدوافع تتعلق بالمساومة السياسية ، سيتم هنا تحويل الدستور والمحكمة الاتحادية إلى ساحة معركة بين القوى السياسيةالمتنافسة وتطغى العاطفة السياسية والروح الحزبية على الاطار العام الذي يحكمهالدستور.
وسيكون موقف هذه القوى المتنافسة من المحكمة الاتحادية وفقا للقرار فيما اذا كانلصالحها ام لا، فعند مصادقتها على نتائج الانتخابات وبيان قرارها بان النظر في طعونالتزوير ليس من اختصاصها وقف المدعي ضدها ليؤيدها المدعى عليه، والعكس حصلعند قرارها بضرورة توفر نصاب الثلثين لصحة عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهوريةوابطال ترشيح هوشيار زيباري ونقض قانون النفط والغاز في اقليم كردستان وعدمدستورية اعادة فتح باب الترشح ثانية لرئاسة الجمهورية…
مع ذلك فأن كثرة الاحتجاج بالمحكمة الاتحادية من خلال ممارسة سلطتها لتحديددستورية إجراءات الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم ، ستبلور مجموعة كبيرة منالقرارات والاحكام و السوابق القضائية لتفسير الدستور والقوانين والاجراءات التنفيذيةلتكون مرجعا قانونيا في حسم اي تجاذبات لاحقة، ولكن بذات الوقت قد تتعرض هذهالسوابق الى التجاذب ايضا بدوافع تسييس المحكمة او التشكيك بقراراتها ودوافعها اوحتى بدستوريتها كما يحدث الان، فقد نشهد مستقبلا مغادرة عودة الفرقاء السياسيينبشأن القضايا الخلافية الى السوابق القضائية في القرارات السابقة الى محاولة نقض اومراجعة تلك الاحكام والقرارات من قبل المحكمة ذاتها خاصة اذا تشكلت محكمة اتحاديةجديدة بناءً على ازمة سياسية وفقا للمادة ٩٢ من الدستور النافذ، بما يتعارض و الحفاظعلى الاستقرار في القانون من خلال عدم الالتزام بالسوابق بموجب مبدأ او مبرراتتصحيح القرارات التي استندت إلى منطق خاطئ ، أو معايير غير عملية ، أو مبادئقانونية غير سليمة ، أو افتراضات وقائعية عفا عليها الزمن او خضوعها للتسييس.
من المتوقع جدا فيما لو تحققت الاغلبية السياسية التي تتكون من تحالف الكتلة الصدريةوتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني خاصة مع تحقيق نصاب الثلثين فيامرار جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وفقا لرؤية هذا التحالف ان يستتبع ذلك النظر فيتشريع قانون المحكمة الاتحادية ، خاصة ان رئيس مجلس النواب هو من ضمن هذاالتحالف ولديه رؤية ايجابية في انجاز المواد الدستورية لانها ستمثل انجازا يحسب لهولمسيرته كرئيس للبرلمان، وبالتالي فأن مسألة عرض ومتابعة قانون المحكمة الاتحاديةالذي تمت قراءته في الدورة السابقة موضع إعادة في جدول اعمال البرلمان وعرضه للقراءةالثانية والتصويت عليه وهذا الحال ان حصل فان كل قرارات المحكمة الاتحادية السابقةستكون موضع مراجعة باعتبار ان هذه المحكمة تشكلت وفقا للسياق غير الدستوريبموجب امر تشريعي في زمن الحكومة المؤقتة التي ترأسها اياد علاوي، عدلته السلطةالتشريعية لتصويب نصاب المحكمة لغرض المصادقة على الانتخابات، وهذا قد يبرردستوريا باعتبار ان اختصاصات المحكمة الاتحادية ناشئة من المادة ٩٢ المحددة في المادة٩٣ من الدستور، وان هيكلية المحكمة يجب ان تتضمن خبراء في الفقه الاسلامي وفقهاءفي القانون اضافة الى القضاة، مايعني اني جميع قرارات واحكام المحكمة الاتحادية منذعام ٢٠٠٥ ولغاية تشكيل محكمة وفقا للمادة ٩٢ من الدستور ستكون خاضعة للمراجعةوالنقض.