” كي لا نبقى نعيش على الوهم “

” كي لا نبقى نعيش على الوهم “


رياض الفرطوسي || كاتب عراقي

 

‎لكي لا نبقى نعيش على الوهم الذاتي في اننا نفكر ونتحرك ونأكل ونشرب ونسافر ونعقد اجتماعات ونلتقط الصور والحال اننا ندور في المكان نفسه وفي الازمة نفسها وفي المأزق نفسه كما لو اننا نواعير تدور في ذات المساحة لذلك لابد من ان نطرح اسئلة على انفسنا وعلى الاخر خاصة واننا قد تربينا على ثقافة الشعارات والاعلانات والبيانات ولم نتربى على لغة الحوار او المراجعة او التفكير او المصارحة او التحليل الموضوعي. اين هو دور النخب العلمية والفكرية والثقافية والعقائدية في مشاريع الحياة والنهوض والبناء والتغيير لماذا لا نلمس لهم دورا واضحا ومؤثرا في المجتمع والحياة. لماذا تكثر اسئلة الحسب والنسب والعشيرة والعمام والوظيفة والانتماء ونوع السيارة ومنطقة السكن والشهادة . لكن لا يوجد من يسأل او يهتم بأنسانيتك او شخصيتك ( بمعنى لا توجد هوية مستقلة للانسان ). صحيح اننا لسنا جميعا فلاسفة لننشغل بأسئلة الوجود والحرية والموت والحياة وكيف انه في عمق الظلام ممكن الاستدلال على الضوء. مثلما يوجد الموت في قلب الحياة ‘ وممكن ان يخرج من قمة اليأس الامل ‘ وان الحياة هي حالة من التجدد والتغيير منذ الولادة حتى الممات. لماذا لا نقاوم اخلاقيا مفهوم الطاعة العمياء والامتثال للجماعة واين تكمن جذور هذه القضية هل لها اصول مرتبطة بالاستقلالية الاقتصادية للانسان ‘ وهل بالضرورة اذا كان الانسان مستقل اقتصاديا فهو مستقل فكريا وسياسيا وانسانيا ؟.ما الجدوى من تكرار نسخ ونقل الاخبار وتداولها بشكل ممل للغاية في حين هي موجودة في معظم صفحات التواصل الاجتماعي والمواقع الخبرية. ثمة اسئلة كبرى من قبيل ماذا لو انهارت الامور بشكل مفاجىء تحت ظروف غير متوقعة ودخل الحابل بالنابل؟ لماذا اصبح الانسان مفرغ من الحب ومن المبادرة ومعبأة بشهوة الانتقام والكراهية وبدل ان يمتلء بالانسانية امتلء بالعطب والحطب والفراغ والدهاء والانتحال والرتابة والضجر والكآبة والدونية وفقدان الاحترام الذاتي. تجد المسؤول في اول تسنمه اي موقع وبدل ان يسأل اسئلة خطيرة وجدية واستراتيجية ‘ يسأل عن حجم الراتب والامتيازات والمخصصات ( ونوع السيارة والباج ) في حين ان دائرته وبلده يغرق بالفوضى والضياع.لماذا نرى خراب المدن والساحات والشوارع ونكتب عنها لكننا لا نرى خراب العقول والنفوس وكل شي نقلبه الى خطابات وشعارات سياسية سطحية؟ لماذا لا نبحث في المناطق الناجية من خرابنا وتشوهنا ؟ الحياة ليست كلها قبح . الذين يعيشون الجحيم يعرفون قيمة الجمال وقيمة الحياة لأن الانسان ليس رهينة شروط القهر والضنك الا اذا قرر هو الاستسلام. فمن قلب الوجع ممكن ان يحيى الانسان بوعيه ويخلق ظروفه. نحتاج الى مغامرة في طرح الاسئلة فقد اخذت السجالات منا شوطا طويلا وفي نهاية المطاف اكتشفنا اننا لا ننتج شيئا سوى اننا نعيد ونصقل بنفس المناحة السياسية وهذه من تجليات العقول الاختزالية التي تعودت ان لا ترى من الحقيقة الا سطحها فقط.

 

(Visited 17 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *