* شمال شرق
عارف العضيلة
حين كتب الشاعر إبراهيم طوفان قصيدته الخالدة والتي يقول فيها:
بلاد العرب أوطاني
من نجد إلى يمن
إلى مصر فتطوان
لم يتوقع ولم يدر في مخيلته إن طفل في تطوان التي أوردها نصاً في قصيدته سيكون سبباً لتوحيد العرب .. ويحقق طفل تطوان ما عجز عن تحقيقه الساسة والمفكرون ..
نجح الطفل ريان أورام طوال الأسبوع الماضي من توحيد العرب كل العرب من خليجهم إلى محيطهم ومن محيطهم إلى خليجهم.
كان الشعور العربي واحد والإحساس واحد والهم واحد والأمنية واحدة .. أكد الطفل ريان القاطن في الريف المغربي بالقرب من مدينة تطوان المغربية إن العرب أمة واحدة وإن أختلفت الأقاليم وتباعدت ..
فقد سهر العرب وباتوا يراقبون وسائل التواصل وشاشات التلفاز .. إنتظاراً لنجاة الطفل ريان .. وباتوا يتابعون التفاصيل لحظة بلحظة.
إختلافات العرب السياسية شديدة وكثيرة .. وقضاياهم معقدة للغاية لكن المكتسبات التي يمتلكونها تؤهلهم للإتفاق والإنصهار أكر من الأمم الأخرى.
وفي القراءات العميقة لأي شخص لسلوكيات الأمم والشعوب المتعددة يلحظ وبوضوح أن الغالبية من الأمم تدعى أنها نخبوية وأنها أفضل خلق الله جميعاً .. أي أن من هذه الأمم والشعوب من يذكر علانية وأمام الملاء ويدرسون أجيالهم (أنهم شعب الله المختار).
وكل أمه تقدم مبرراتها التي تعزز مصداقيتها وتقوي موقفها أمام القاصي والداني.
ووفق نظرية ” أنت حر مالم تضر ” .. فإن لكل شعب حرية القول والإدعاء بما يشاء بما يعزز نخبويته طالما انه لم يضر أو يؤذي أحد.
ولكن بقراءة عميقة لواقع وماضي العرب كشعب و كأمة لم نلحظ مطلقاً إن العرب أدعوا في أي يوم من الأيام أنهم (شعب الله المختار). أو أنهم (الأمة الأفضل) التي أختارها الله تعالى .. حتى في عز قوة وعنفوان العرب السياسية والعسكرية والإقتصادية خلال فترة الخلافة الراشدة وفي الدولتين العظيمتين الأموية والعباسية اللتان حكمتا غالبية بقاع الأرض .. وحكمتا العشرات من الأمم والشعوب في كافة أرجاء العالم ..
وأيضاً في العصر الحديث وخاصة في قمة الإعتزاز بالعروبة خلال النصف الثاني من القرن الميلادي المنصرم.
وحتى للشعوب التي أعتنقت الدين الإسلامي قديماً وحديثاً لم يذكروا مطلقاً إن العرب أدعوا يوماً أنهم شعب الله المختار.
ورغم إن العرب يملكون العديد من المبررات التي يسوقونها لأمم وشعوب الأرض وخاصة المسلمة منها لتعليل أنهم صفوة أمم الله. وشعبه المختار..
منها إن الله تعالى أختار من العرب صفوة خلقه وأفضلهم وهو الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ومنها أيضاً إن الله تعالى قد أختار لغة العرب لتكون هي اللغة الوحيدة والأبدية حيث أختارها الله لتكون لغة أهل الجنة.
وخذ أيضاً ما قد يسوقه العرب لتبرير نخبويتهم على شعوب الأرض إن الله جل جلاله قد أنزل الدين الأدبي ” الإسلام ” على أرضهم وأنزل كلامه تعالى بلغتهم وجعلهم مستأمنون عن هذا الدين وكلفهم إبتداءاً بنشر هذا الدين الخالد ..
بل وحتى في العصر الحديث حيث يتحمل العرب العبء الأكبر في نشر الإسلام .. ومناصرة قضايا المسلمين العادلة. وتقديم العون والمساعدة لأبناء الجاليات المسلمة حول العالم .. لم تظهر من أي جهة سياسية أو ثقافية أو إعلامية. تذكر نخبويه العرب ..
بل ما زال العرب في أجيالهم السالفة والحالية متمسكون بالمقولة التي وردت بالقرآن الكريم .. وصارت حكمه سائدة لدى العرب ((أن أكرمكم عند الله أتقاكم)).
وبالتأكيد فإن هذا إمتداد للمنهج الذي سنه الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم حيث ساوا في بداية الدعوة وفي بداية تكوين الدولة الإسلامية بين العربي وغير العربي وجعل التقوى هي المعيار الوحيد .. فكان سلمان الفارسي وبلال الحبشي من صفوة رجالات الدولة. رغم إن أرض الدولة والدعوة هي العربية ورغم إن الشعب الذي أحتضن الدولة والدعوة هو الشعب العربي.
فكان هذا المنهج والسلوك هو خارطة طريق ومنهج قديم توارثه العرب جيلاً بعد جيل.
وبعد نسأل الله تعالى أن يلهم أسرة الطفل ريان الصبر والسلوان .. وأن يجبر مصبيتهم.
وتحية إعتزاز للشعب العربي الواحد الذي بات كالجسد الواحد.
وحتماً هناك الكثير من مسببات توحيد العرب وستفشل أي قوى مهما قويت أن تلغيها.