شمال شرق
*عارف العضيلة
تمثل برامج ومشاريع العمل العربي المشترك الشكل الثاني من أشكال الوحدة العربية. والتي أولها الوحدة الإندماجية.
وتحظى هذه المدرسة بقبول ودعم ومساندة من قبل الأوساط السياسية أكثر من المدرسة الأولى لعدة عوامل وإعتبارات أهمها الحفاظ على الكيان السياسي لكل قطر من الأقطارالعربية. خلاف الوحدة الإندماجية والتي ستلغي كيان بعض الدول وتزيل بعض الطبقاتالسياسية.
هذا الشكل من (الوحدة العربية) هو من تبناه الرئيس المصري جمال عبدالناصر وسعىإليه حثيثاً .. رغم إنه وافق مضطراً ولظروف ومتغيرات خاصة إلى الموافقة على الوحدةالإندماجية بين مصر وسوريا عام 1958م ..
وقبل هذا كان الحكام العرب المؤسسون لمبدأ التضامن العربي وبمقدمتهم الملك السعوديعبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود والملك المصري فاروق .. قد وضعوا توجهومسار عمل لهذا المبدأ ..
وعلى إعتبار إن التاريخ السياسي العربي الحديث يبدأ بإستقلال أول دولة عربية وهيمصر 1922م .. ولوجود كيان سياسي مستقل وقوي الأركان هو (سلطنة نجد ومملكةالحجاز) أصبحت المملكة العربية السعودية عام 1932م.
فقد كانت هناك لقاءات وتشاورات بين الملكيين العربيين. وعقدت عدة مباحث بين أقطابالحكم في مصر والسعودية لدعم مسارات العمل العربي المشترك ..
ومن ثم تم إعلان تأسيس جامعة الدول العربية بين المؤسسين السبعة (السعودية – مصر– اليمن – لبنان – سوريا – العراق – الأردن) عام 1945م والذي يمثل بداية العملالمؤسسي لمشاريع العمل العربي المشترك. وما قبلها هو عمل عربي ثنائي أو ثلاثي بينقطرين عربيين أو أكثر.
زادت بعد هذا التاريخ برامج العمل العربي المشترك وإن كانت جلها تخرج وتندرج تحتجامعة الدول العربية والتي أريد لها بالبداية أن تسمى بالتحالف العربي أو الإتحادالعربي أو الجامعة العربية حتى أستقر المسمى على “جامعة الدول العربية“.
ومع عدم نجاح أي شكل من أشكال الوحدة العربية الإندماجية. فقد قوى أنصار المدرسةالثانية .. ووصل الطموح مداه إلى إعلان أول كيان للعمل العربي المشترك خارج إطارجامعة الدول العربية. وهو مجلس التعاون الخليجي والذي كان مطلع ثمانينات القرنالمنصرم ويتكون من ست أقطار عربية تقع على ساحل الخليج العربي تتشابه في أنظمةالحكم والظروف الاجتماعية والسياسية .. وكان تخوف العرب بل وتخوف المؤسسونأنفسهم أن يعتبر هذا الكيان الوليد منافساً أو بديلاً لبيت العرب الكبير (جامعة الدولالعربية) وعليه فقد أحتاج المؤسسون إلى غطاء شرعي عربي لمجلسهم الجديد.
فما كان لهذا الكيان (مجلس التعاون الخليجي) إن يظهر إلى الوجود إلا بموافقة جامعةالدول العربية .. وفعلاً وضع المقترح ضمن جدول أعمال أحد القمم العربية .. وحاز علىموافقة وبالتالي حاز على شرعية لوجوده.
بعد أن بذلت الدبلوماسية الكويتية جهوداً كبيراً لإقناع العرب إن هذا المجلس لن يكونمنافساً أو مغنياً عن الجامعة العربية.
ولكنه سيكون رافد من روافدهم .. ويعزز مبادرات الجامعة في دعم العمل العربي المشترك.
وبعد نجاح هذا الشكل من أشكال الوحدة العربية .. كان ضرورياً أن تستنسخ الفكرةوالتجربة وعليه فقد شهد شهر فبراير عام 1989م ميلاد كيانين كبيرين هما مجلسالتعاون العربي المتكون من (مصر – العراق – الأردن – اليمن) وإتحاد المغرب العربيالمتكون من (ليبيا – تونس – الجزائر – المغرب – موريتانيا).
الكيان الثاني مات سريعاً بينما أحتاج الكيان الثالث لعشر سنوات ليختفي من الوجودتماماً.
وكشكل من أشكال الوحدة العربية وبهدف إحتواء مصر وسوريا ضمن مجلس التعاونالخليجي. بصفتهما الدولتان العربيتان الوحيدتان التي شاركا في حرب تحرير الكويتضمن تحالف عربي ضم الدول الخليجية. فقد كان إعلان ما عرف “بدول إعلان دمشق” والذي ضم ثمان دول .. وأستمر في العمل ولجانه في الإنعقاد منذ عام 1991م حتى عام2003م ليختفي من الوجود.
أستمرت جامعة الدول العربية في العمل وأنجزت الكثير على كل الأصعدة بإستثناءالصعيد السياسي الذي كان أداؤها ضعيفاً.
وأستمر مجلس التعاون الخليجي في العمل والإنعقاد الدوري رغم ما واجهه من صعابوعقبات ..
وحالياً وإحياءاً لمبادرات المدرسة الثانية من مدارس الوحدة العربية ظهر ما سمي مشروعالشام الجديد والذي يضم مصر والعراق والأردن وأعلن عنه قبل ما يزيد عن العام .. وأعلنأن هذا المشروع الثلاثي قد يكون رباعي بإنضمام سوريا إليه. وأعلن أنه سيكون مشروعللتكامل الإقتصادي. وإحياء للتضامن العروبي .. إلا أنه لم تحدث أي خطوات تنفيذية فيهذا المشروع طوال الشهور الماضية.
كاتب سعودي – الرئيس التنفيذي لدار مصادر للدراسات والأبحاث الإعلامية
للتواصل تويتر / @msader16