مدافن الإبداع المفكر والمبدع في الميديا

مدافن الإبداع المفكر والمبدع في الميديا

محمدصالح البدراني

 

لطالما اتهم المفكر أو المبدع بالمثالية في بيئة (منظومة تنمية التخلف) التي هي وصف المجتمعات المتخلفة مدنيا ومنحدرة فكريا.
الغايات مختلفة بقدر تعدد الأفكار، والتباين واضح في الاختلاف الدرجة القهر والألم عندما تستخرج عصارة ذهنك ليضعها نموذجٌ من عالم التفاهة أمامه لتحتضر وتموت.
من مساوئ استخدام الناس للميديا هي تصورها أنها بلغت مبلغا من العلم لا تحتاج بعده، فتراها تعتبر نفسها المحور الذي يدور حوله العلم والمعرفة وكل قاضي يحكم في رعية من قضاة.
هذه وسائل التواصل الاجتماعي حلت محل اللقاءات المباشرة التي لا يمكن الاستغناء عنها، لان وسائل التواصل تعطيك ما تفكر به من كلام غيرك أكثر من فهمك لمقاصد من يكتب أو ما كتب، فربما يفهم ما لا يقصد وتصل نتائج ما ليس بالمراد.
الانتشار تعود يقارب الإدمان
رغم ما تعطيه من انتشار لكننا نرى أن ما يشتهر وينتشر هو التفاهة، فيخرج أحد المشاهير أو امرأة تضع صورة جميلة تعريفية ليكتبوا كلمة لا معنى لها لتجد مشاركات لها وإعجاب ولا تدري باعث هذا الإعجاب كلمات يعترض عليها خليل بن احمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه… ومع هذا لا تجد في المقابل من يتابع أو يقرأ لمفكر كرفيق حبيب مثلا إلا قلة قليلة…. ما خلا بعض الدعاة الذين يدعون لكلام لا ينهض بالإنسان وإنما هو كلام وعظي يتعظ به المتعظ أصلا، أو تجد مفكرين مشهورين في الإعلام لتعاملهم مع الإعلام؛ ومتابعي هؤلاء الأفاضل يمجدونهم غالبا لتعودهم عليهم ولا يبدو من باب البحث عن الحقيقة واحتمالاتها وإنما من باب التلقي المستساغ لأنهم لا يتحركون بذات الاندفاع نحو أي مفكر آخر أو صيغة تفكير واعدة إلا ما ندر.
وسائل الإعلام المقروءة
هذه أيضا اغلبها تحكمها عوامل عالم التفاهة ومحددات لمالك الصحيفة ومن يموله أو القارئ المتكلف من القراءة، بل إن التوجهات هذه تعتمد على تكثيف تكرار الكلام السطحي والأفكار المسطحة من اجل ترويج لإصلاح غائب وهمة متدنية وتغييب الوعي أو إعطاء مؤونة كلام لمطبلين.
مركز دراسات بلا مهام
مراكز الدراسات في وسائل الإعلام وحتى في المؤسسات الرصينة نسبيا في واقعنا، أو في المؤسسات العلمية والحكومية، هي تسميات غالبا مفرغة من الإبداع، تعمل على تعظيم أو إبطاء ما يطلب منها، تقدم دراسات أكاديمية في مؤسسات إعلامية والتي يفترض بها تقديم دراسات تهم الناس من الواقع المباشر، بينما مراكز البحوث الجامعية تحاول أن تقدم حلول ميدانية وهذا غالبا لا يجدي لان الجامعة يفترض أن تميل للبحث الاكاديمي الذي يدعم مراكز الدراسات الميدانية بالمادة الخام وأسس النظرية كذلك مراكز الدراسات في المؤسسات الحكومية، لا تميل للإبداع والتحديث وإنما تقديم مقترحات من الصندوق نفسه وترفض التحديث، فلا تجد حلا يتماشى مع المستجدات أو من يفكر في مخرجات مختلفة، ربما ليس لغياب القدرات وإنما لغياب الرعاية والإصغاء أو تحقيق الرضا من مسؤول تقليدي لا يريد التغيير.
المشكلة تتعاظم:
المشكلة تتعاظم عندما يذهب وقت الحلول ويصبح الحل الإيجابي غير ممكن وتتقدم الحلول الصفرية المعروفة من صندوق العقليات التقليدية، وقد تذهب بالمجتمعات إلى التدني والمجاعات والحروب، أو كوارث نتيجة القصور في التفكير وتلك الحلول، وقد تقف الأنانية في طريق إصلاح الحال وخوف وهمي على الكرسي أو ميزات ما أو كراهية لشخص المصلح الذي يطرح الحقائق بلا رتوش والكراهية هذه تمحق وتسحق المبدعين الذين غالبا ما يكونون مسالمين وان تظهر عليهم الصلابة والجدية؛ في كل الأحوال فالأمة تفقد فرصة نهضة أو قصة نجاح.
والمشكلة في السياق الذي بدأنا به تتعاظم عندما يصبح التافهون في الميديا مؤثرون في الراي العام من خلال طروحات نقلية أو تقمص لرؤى لا يهتمون ولا يدركون سوؤها فهمهم جذب الجمهور بالمخالفة.
وهنالك أيضا من يصل مرحلة العظمة وهو مدرك داخله انه لا يستحقها رغم انه يحسب على النخبة، فان عارضه أحد ثارت أعصابه ووجه كلاما ناقد لناصحه يتبع بتأييد من هم جمهوره الذين يحبون عبادة أصنام تصنعها هزيمتهم وحيرتهم…. لن يقرأ اغلب الجمهور الكلام العلمي فهو متعب وتسهل متابعة التافهين، هذه نماذج من حقيقة مرة لواقعنا وليس كلها طبعا.

(Visited 4 times, 1 visits today)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *